الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب عدم شعورنا بلذة الإسلام عكس الذين يدخلون فيه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكركم جزيل الشكر، والتقدير والاحترام لكل أعضاء هذا الموقع الرائع، تمنياتي لكم كل التوفيق والنجاح، أما بعد:

شاهدت عدة حلقات لأشخاص دخلوا في الإسلام، انصدمت من ردة فعلهم تجاه دخولهم فيه، حقيقة تأثرت كثيرا، أغلبهم كانوا جدا سعداء بهذا الدين العظيم، ووصل بهم هذا الدين إلى قمم عالية نفتقدها نحن المسلمون، سبحان الله، استسلام لرب العالمين، مع خشية وحياء وخشوع تام، وبكاء من التفريط في جنب الله قبل الإسلام.

سؤالي هو: لماذا لا نشعر نحن بهذه الأحاسيس الجميلة؟ هل بسبب قسوة قلوبنا، أم لأننا بعيدون عن الله؟ وهل نحن مسؤولون عن هذا الأخير؟ يوجد الكثير منا يحاول أن يعمل صالحا، وأن يبتعد عن الحرام الخ، لكن الوجدان كأنه أشد قسوة من الحجارة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ زكرياء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك - أخي العزيز - وأهلاً وسهلا بك في الموقع، وأسأل الله تعالى أن يرزقنا حلاوة الطاعة والإيمان، ويثبتنا وإياك على الدين، ويهدينا صراطه المستقيم، ويرزقنا سعادة الدارين.

لا شك أن سؤالك، هو محل تساؤل الكثيرين من المسلمين المؤمنين الحريصين على طاعة ومرضاة رب العالمين، ونستغفر الله العظيم.

أنس القلب بالله تعالى، وطمأنينة النفس، والإكثار من الطاعات والأذكار، والإحسان إلى الخلق، والصبر على البلاء، وفعل الخير وعلى الجهاد في سبيله، خصال عظيمة لا تتوفر إلا فيمن وجد لذة الإيمان وحلاوته وطعمه في قلبه، وهي محض فضل الله تعالى وكرمه ومنته وإحسانه (ولكن الله حبب اليكم الإيمان وزينه في قلوبكم) - نسأل الله من فضله-، ولذلك فكثيرا ما نجد حديثي الدخول في الإسلام يجدون للاستقامة والطاعات لذة؛ ذلك لأنهم قارنوها بما كانوا قبلها في المعاصي من الشعور بالضيق والكآبة.

والضد يظهر حسنه الضد ** وبضدها تتميز الأشياء.

والأعجب أن تجد من يعاني الاضطهاد على دينه كما في دول الاتحاد السوفيتي سابقا، يصر على التمسك بالدين، لأن حلاوة العقيدة أكبر من كل بلاء فتنسيهم كل عناء، فتجعلهم يؤثرون ما أعده الله للصابرين من حسن الثواب والحزاء، كما جاء على لسان سحرة فرعون لما آمنوا: (قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا).

وفي سبيل تحصيل هذه الغاية الجميلة لابد من بذل الوسائل الجليلة، قال صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار) رواه مسلم.

ومن هذه الوسائل أيضا:
- ملازمة أهل العلم المعروفين بالرسوخ والفضل وحسن الدين والخلق والهدى، وترك الخوض في الجدل والغيبة والخلاف والنزاع، وأخذ العلوم النافعة والأخلاق الحسنة وحسن الصلة بالله ومعرفته والتعلق به، على أيدي أهل العلم الفضل وفي مجالسهم ومن مجالستهم.
- لزوم الصحبة الطيبة الصالحة (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).
- تعميق الإيمان بالله وحبه ورجائه وخوفه واستحضار فضله، وتعميق الإيمان بالقدر وتذكر الموت والقبر والآخرة (عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله أكثروا ذكر هادم اللَّذات: الموت.) رواه الترمذي، والنَّسائي، وصحَّحه ابن حبَّان.
- طلب العلم النافع والإكثار من العمل الصالح والذكر، وقراءة القرآن الكريم، والبعد عن أسباب السوء من أصدقاء ووسائل والذنوب والشهوات المحرمات، قال تعالى :(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).

رأيت الذنوب تميت القلوب ** وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب ** فخير لنفسك عصيانها

- قراءة كتب التفسير والسيرة والمواعظ وتراجم الصالحين، والاستماع للبرامج الإيمانية والوعظية الطيبة.
- اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء.

نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينير عقولنا، ويشرح صدورنا، ويزكي نفوسنا، ويطهر قلوبنا، ويغفر ويستر ذنوبنا، ويتقبل صالح أعمالنا، ويختم بالصالحات أعمالنا وأعمارنا.. آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً