الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي اختلال الأنية وقلق وخوف وهلع ويزداد في الليل

السؤال

السلام عليكم

سأدخل في الموضوع مباشرة، أنا موسوس، لدي اختلال الأنية، ووسواس الموت وسواس الدين وهكذا اشعر بأن كل شيء حولي حلم ضباب غريب، أشعر أنني وحيد محبوس، والعالم كله غريب!

أشعر أن اهلي غير حقيقيين، وهذا حسب ما قرأت بسبب اختلال الأنية، وتزداد في الليل كل الحالات، لكن إيماني بالله قوي جداً، وكلما أتاني الوسواس أظن في الله خيراً، وأقول: إن الله مع الصابرين، لدرجة أنني لم أشك لأحد همي غيره الحمد لله.

لكن لدي بعض الحالات غير المعروفة، أريد أن أستفسر عنها، وأريد أن أعرف ما أسماؤها فقط:
الحالة الأولى: هي أنني في النهار لا أشعر بهذه الحالات إلا قليلاً جداً، لكن في الليل تزيد بشكل قوي، أريد أن أعلم فقط لماذا؟!

الثانية: أنني فجأة هكذا أصبحت أكره كل شيء وأشمئز من كل شيء، لمدة لحظات ويذهب الشعور، شعور غريب يجعلني أكره كل شيء حتى الذكريات الجميلة، وهو في من قبل وسوسة أصلاً أريد أن أعرف عن هذه الحالة أكثر من غيرها.

الثالثة: عندما أفكر في شيء ما أو أتذكر شيئاً ما أشعر بأنه لم يحدث أصلاً، مع أني أعلم أنه حدث لكن لا أعرف كيف أشرح، شعور غريب مثلاً لو كان ليلاً وفكرت أنني كنت في النهار قبل ساعات لا أستوعب هكذا، مع أنني مستوعب أصلاً لكن أشعر أن الوضع كان حلماً أتوقع بسبب اختلال الأنية التي كانت في النهار.

أرجو لو تعرفون أي شيء عن الحالات الثلاثة هذه أن تخبروني، لأنها الحالات الوحيدة التي لم أتعرف عليها، وشكراً لكم وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ryoger حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما كنت أود أبدًا منك أن تشغل نفسك بكل ما ذكرته وأنت في هذا العمر، لأن المسميات التشخيصية التي تعرَّضت لها مزعجة، خاصة إذا تأصّلت في نفس الإنسان وأعتقد أنها مُلازمة له، مسمَّيات فيها الكثير من الوصمة وتؤدي إلى انهزام النفس.

لا أريدك أبدًا أن تُشخّص نفسك، ولا أريدك أبدًا أن تعتبر هذه الحالات حالات أكيدة، فالطب النفسي الحقائق فيه قليلة جدًّا.

ما ذكرته عن أربع حالات: حقيقة هي حالة واحدة فقط، والوسواس من الموت واختلال الأنّية والخوف والهلع، كلها تدور في محور القلق الوسواسي، والقلق يمكن أن يكون طاقة نفسية إيجابية جدًّا إذا سخّره الإنسان فيما يفيد، ولكن إذا لم يستفد منه يتحول إلى قلق سلبي محتقن.

بحثك عن التفسيرات: يمكن أن نعطيك تفسيرات للحالات التي لم تجد لها تفسيرًا، وإن كنتُ لا أميلُ أبدًا للمسمَّيات التشخيصية حتى وإن اكتملت معاييرها، لأن ذلك سوف يؤثّر على نفسك كثيرًا.

شعورك أنك بالنهار لا تشعر بهذه الحالات ثم تأتيك في الليل: تفسير ذلك أن الإنسان يكون مع نفسه أكثر ملاحظة لما يدور في خلده وفي نفسه ومشاعره في الليل، وعملية الساعة البيولوجية وتقلُّباتها هي ظاهرة معروفة جدًّا، وأعتقد أن هذا أيضًا نوع من التطبُّع الوسواسي النمطي.

الشعور بالكراهية المفاجئة والاسمئزاز: هذه اعتُبرتْ كنوع من اضطراب الوجدان الاكتئابي البسيط السريع والخفيف، والذي يجب ألَّا نعتبره مرضًا، هكذا فُسّر من جانب المدرسة الإيطالية، المدرسة النفسية، وكثير من مرضى الوساوس القهرية تجد لديهم هذه الظواهر المفاجئة، والبعض قد يشعر بفرحة غير مبرَّرة لفترات قصيرة.

النقطة الأخرى: بالفعل هي ما يُسمَّى بالشعور بالتغرّب عن الواقع أو الانفصال عن الواقع، أو ما يُسمَّى بـ (اضطراب الأنّية)، وهو دليل على وجود القلق الوسواسي، وكلُّها مسمَّيات واهية جدًّا.

أنا أنصحك أن تجتهد في دراستك، أن تستفيد من وقتك، أن تتناسى كل هذا الأمر، أن تبني صداقات ممتازة، أن تمارس رياضة، أن تحرص في غذائك، أن تكون بارًّا بوالديك، تسعى دائمًا لأن تلتزم بالدين وبالعبادات، ضع آمالاً مستقبلية: ما الذي تودّ أن تكون في المستقبل؟ الدرجات العلمية الرفيعة، الزواج، العمل المتميّز، أن تكون عالمًا، أن تكون باحثًا... أشغل نفسك بهذا، انشغالك بهذا الأمر لا يفيد، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً