الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل كل شيء يحدث له غاية؟

السؤال

السلام عليكم.

هل كل شيء يحدث أمامي له غاية أو رسالة من الله سبحانه؟ أقصد مثلاً، إذا كنت أمشي وتعثرت هل هناك رسالة من الله سبحانه؟ أو إذا رأيت أي حدث أمامي، هل هو رسالة من الله سبحانه يجب أن آخذه بالاعتبار؟ وإذا كان نعم فما الدليل؟

لا أقصد موضوع القدر وإنما الغاية.

شكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالعزيز -حفظه الله-.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم-، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح، والجواب على ما ذكرت:

لا شك أن كل شيء يحدث في هذا الكون له رسالة وحكمة وغاية من إيجاده، ولا يوجد شيء بمحض الصدفة أو العبث، قال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون)، قال ابن سعدي: "أي: { أَفَحَسِبْتُمْ } أيها الخلق { أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا } أي: سدى وباطلا، تأكلون وتشربون وتمرحون، وتتمتعون بلذات الدنيا، ونترككم لا نأمركم، و[لا] ننهاكم ولا نثيبكم، ولا نعاقبكم؟ ولهذا قال: { وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } لا يخطر هذا ببالكم".

والغايات كلها مرتبطة بالقضاء والقدر، ولكن الإنسان ليس متعبدا بالأمور القدرية، بمعنى أنه لا يفعل شيئا أو يستسلم أو يظن أنه لا يلزمه فعل شيء، ولهذا عليه يعمل بما جاء من الشرع من الأمر والنهي، فإذا رأيت شيئا أمامك، فالذي حدث كله بتقدير الله، ما الذي تفعله هنا تتبع ما جاء في الشرع، ولا أدري لماذا قلت لا أقصد القضاء والقدر؟، فكل شيء مرتبط بالقضاء والقدر، ولا يخرج عنه مطلقا.

وأما سؤالك إذا كنت أمشي وتعثرت هل هناك رسالة من الله سبحانه؟ الجواب لاشك أن هناك رسالة متعبد بها من الشرع، وهي أنه ينبغي أن تنظر في سيرك بشكل صحيح حتى لا تتعثر حفاظا على نفسك وحفظ النفس من مقاصد، وحتى لا تندم إذا حصل مكروه فيؤدي إلى مرضك وتعطل مصالحك، ومن جانب آخر أن التعثر الذي يحدث لك إنما هو بذنب، فهو عقوبة من الله لك حتى يكفر ذنبك، قال تعالى: "وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ"، فعن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها" رواه البخاري، فأكثر بعد ذلك من الاستغفار حتى لا تصاب بمصيبة أخرى، أو يكون التعثر رفعا لدرجتك إذا لم يكن لك ذنب، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صبره حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له منه" رواه أبو داود وغيره.

فالمهم أن كل شيء يحدث له غاية ورسالة، وذكرت لك الدليل، وأظن أني أوضحت لك ما طلبته، ونسعد بتواصلك مع موقعنا.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً