الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا حائر، فأم الفتاة تقف عائقا بيني وبينها!

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، أحببت فتاة فتقدمت لخطبتها، وخطبتها، فأنا أتكلم معها وكانت علاقتي بها ممتازة، وهذه الفتاة أمها مطلقة مرتين فهي تتحكم فيها، مثلا أنا أقول لها لا تعملي هذا الشيء ولكن هي تعمله، تقول لي: أمي قالت لي: فأنت لست عاقدا عليّ.

في المرة الأولى كنت أقول لها الأمر فتطبقه ولكن تأثير أمها سيطر عليها، مثلا: في المرة الأخيرة قلت لها: لا تذهبي إلى المكان الفلاني قامت تبكي، وكلمتني أمها وقالت لي: اترك البنت، في الأصل ابنتي تقول لك اتركني وأنت تبكي لها، أنا انزعجت من هذا الكلام.

وبعد أيام اتصلت بالفتاة بعدما توقعت أنها هي التي ستتصل بي، ولما اتصلت قابلتني بأسلوب على أساس أنني أنا المخطىء وقالت لي: لا بد أن تكلم أمي وتعتذر لأنك صرخت عليها، وأنا والله لم أصرخ، اتصلت بأمها وكلمتني بأسلوب سيء، اعتذرت لها، فقالت لي: الفتاة تدرس وبعد دراستها أرد عليك، أنا سامحتك.

ويا شيخ أنا متعلق بها بدرجة لا تتصورها، والله لم أجد حلا لها، حيث لم أتقبل أنها تقول لي لا تتحكم في وأنا أفعل ما أريد، والله يا شيخ إذا اتبعت عقلي أقول لا أكمل معها ولو لدقيقة، وإذا اتبعت قلبي يقول لي العكس، أنا حائر، فماذا أفعل؟ أرجوك ساعدني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:

هذه الفتاة لا تزال أجنبية بالنسبة لك، فليس لك الحق في أن تتحكم بها فتأمرها أو تنهاها، بل لا يحل لك أن تتكلم معها وتلتقي بها وتمشي معها، ولا أن تبني معها علاقة خارج الزوجية، فهي كما أخبرتك لا تزال أجنبية عنك.

من الوصايا التي أوصانا بها نبينا عليه الصلاة والسلام في حال البحث عن زوجة أن نتحرى في صفاتها، وأرشدنا أن نتخير ذات الدين والخلق فقال عليه الصلاة والسلام: (تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لجمالِها ولحسَبِها ولمالِها ولدِينِها فعليكَ بذاتِ الدِّينِ ترِبَت يداكَ) ومعنى تربت يداك التصقت بالتراب فلا خير في زوجة لا دين لها، ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها، فهل هذه الفتاة هي صاحبة الدين والخلق.

من صفات الزوجة الصالحة أنها طوع أمر زوجها يقول عليه الصلاة والسلام: (ألا أخبرك بخير ما يكتنز المرء؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته) فهل تنطبق هذه الصفات على هذه الفتاة؟

مهما كان في هذه الفتاة من صفات فإنها لن تكون حكرا عليها، بل قد يكون عند غيرها ما هو أفضل مما عندها، وما عليك إلا أن تبحث وتتأنى، فالتأني من الله والعجلة من الشيطان.

الزواج رزق ونصيب يسير وفق ما قضاه الله وقدره، فمن كانت من نصيبك فلن يأخذها عليك أحد، ومن ليست من نصيبك فلن تتمكن من الزواج بها ولو أنفقت ما في الأرض جميعا.

كن على يقين أن الزواج لا يأتي بشدة الحرص، ولا يفوت بالترك، فمتى حان الوقت الذي قدره الله لزواجك فستسير الأمور بيسر وسهولة وسيهيء الله لك نصيبك.

تحكم الأم بابنتها نذير شؤم عليها وعلى من سيتزوج بها، فأمرها ونهيها قبل زواجها أمر طبيعي لكن إن استمر بعد الزواج فلن يهنأ الزوج في عيشه، بل سيعيش في مشاكل، وقد تفسد حياته بسبب تدخل أم زوجته ولذلك كن حذرا.

أنصحك -أيها الأخ الكريم- أن تقطع علاقتك مع هذه الفتاة، وأن تترك أمر الزواج إلى حين تكون مستعدا لجميع تبعاته، وحينها تبحث عن صاحبة الدين والخلق، ولا تغفل صلاة الاستخارة والدعاء المأثور، فكونك تكل أمرك لله يختار لك ما يراه سبحانه فإن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

بالنسبة لما تجده من تعلق قلبك بهذه الفتاة مع كون عقلك يمجها ويمج تصرفاتها فعليك أن تغلب هذه الصفات القبيحة وتقبحها في نفسك وتعمل بما يملي عليك عقلك.

غلب جانب العقل على جانب العاطفة؛ لأن العاطفة لا تعطيك القرار الصحيح خلافا للعقل فإنه يريك الأمور على حقيقتها.

هذا ما رأيته من الصفات السيئة في هذه الفتاة، ولعل ثمة صفات أخرى لم تُبدِها لك لكنها ستظهر من خلال المعاشرة.

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وسله أن يصرف عنك هذه الفتاة، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تسعدك وتسعدها وتعينك في حياتك.

غالبا ما تأخذ الفتاة صفاتها من أمها، فإذا كانت أمها مطلقة مرتين فعليك أن تعمل عشر علامات استفهام حول أسباب طلاقها، فلعل ذلك يعود إلى صفاتها، وأنا أستغرب كيف أهملت جانب البحث عن أسباب طلاق أمها وتعلقت بهذه الفتاة.

أوصيك أن تكون متأنيا في أمورك، واحذر من الاستعجال ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة، وفي الحديث: ((التأني من الله والعجلة من الشيطان)).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق، وأن يصرف عنك كل مكروه، ويرزقك الزوجة الصالحة إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً