الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في الزواج وأخشى أن تلتفت زوجتي لإخواني لأنهم أجمل مني!

السؤال

السلام عليكم.

لدي مشكلة متعبة لا أعرف كيف أتغلب عليها؟

إخوتي الأكبر مني سنا أجمل مني شكلا، وهذا يسبب الغيرة لدي، كما أني أخشى عندما أتزوج أن تعجب زوجتي بأحدهم، وهذا ما يخيفني من قرار الزواج، على الرغم من أني أقدس الحياة الزوجية، ولكن الفكرة تسيطر علي، لدرجة أني أفكر بأن ألغي الزواج من حياتي.

أرجو مساعدتي بشرح مفصل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مازن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

فمرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يهديك ويُصلح الأحوال، وأن ييسر لك الحلال، وأن يُحقق لك في طاعته السعادة والآمال.

نحن سعداء بتواصلك مع موقعك، ونسأل الله أن يزيل عنك هذا الهم، ونؤكد لك أن هذه الفكرة في غير موضعها الصحيح، فلا تفكّر بمثل هذه الأفكار، ولا تنزعج بأمور لم تقع، واجتهد في اختيار صاحبة الدين، فإن صاحبة الدين تصون بيتها وتصون زوجها، وأرجو أن تُوقن وتعلم أن الفتاة دائمًا تختار الرجل الذي تميل إليه، والتلاقي بالأرواح، والأرواح جنودٌ مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فإذا رضيتْ بك الفتاة فلا يمكن أن تلتفت إلى غيرك، ما دمت أنت تصدق معها، وتجتهد في الإحسان إليها، وتقوم بواجبك تجاهها.

فالفكرة غيرُ صحيحة بهذه الطريقة، ومهما كان شكل الإنسان فإنه سيجد مَن تُعجب به، ومهما كان شكل الفتاة ستجد مَن يُعجب بها، لأنه – كما قلنا – التلاقي ليس بالأشكال فقط ولكن بالأرواح، وهي جنود مجندة، إذا تعارفت ائتلفت وإذا تناكرت اختلفت، وإن كان من وصايا، فالأولى:

- أن تُكثر من اللجوء إلى الله تعالى.
- الثانية: أن تُحسن اختيار صاحبة الدين وصاحبة الخلق، وأن يكون هذا الاختيار الرضا من كل الأطراف عن قبولٍ مشترك بينك وبين الفتاة التي رضيتَ بها ورضيتْ بك، ثم كذلك أن تُحسن التعامل معها، لأن الإحسان هو الذي يؤثر على الإنسان، (أحسن إلى الناس تستعطف قلوبهمُ .. فطالما استعطف الإحسانُ إنسانا). فإذا أحسن الرجل لزوجته، قام بواجباته تجاهها، فلا يمكن أن تفكّر في غيره، وإذا كانت صاحبة دين كذلك – كما مضى معنا – فلا يمكن أن تفكّر في غيره.

ولذلك الذي يُعينك على هذا ويزيح عنك هذا الهم هو أن تُحسن الاختيار، وهذه المسألة مُتاحة لك، ولا تُعطي الموضوع أكبر من حجمه، ولا تفكّر فيه منذ هذه اللحظة، لأن هذا سيُتعبك، وتعوّذ بالله من شيطانٍ يريد أن يُصعّب لك الوصول إلى الحلال، فخالف عدوّك وعدوّنا الشيطان، واجتهد في رضا الرحمن، واعلم أن صيانتنا لأعراضنا تبدأ بصيانتنا لأنفسنا وصيانتنا لأعراض الآخرين.

فإذا كانت ولله الحمد إنسان عفيف وطاهر ومُطيعٌ لله تبارك وتعالى فإن الله تبارك وتعالى يُجازي المحسن إحسانًا، ولا يُضيع أجر المحسنين.

إذًا عليك أن تطمئن، واطرح هذه الفكرة وأبعدها عن ذهنك، واجتهد في البحث عن صاحبة الدين وصاحبة الخُلق، والتزم أنت بما يُرضي الله تبارك وتعالى، وادخل حياتك الزوجية وأنت مطمئن، وأنت سعيد، واعلم أن صاحبة الدين لا تلتفت إلى غير زوجها، كما أن صاحب الدين لا يلتفت إلى غير زوجته، وأن ما بين الأزواج أكبر من أن يتأثر فيه الإنسان بمثل هذه الأمور، وأكرر مرة أخرى الوصية لك بتقوى الله تبارك وتعالى، ثم الحرص على غض البصر وصيانة أعراض الناس ليصون الله تبارك وتعالى لك عرضك، فإن أعراضنا إنما نُهدِّدها بعدواننا على أعراض الآخرين، فإذا كنت ولله الحمد إنسان ملتزما، حريصًا على الخير، حريصًا على ما يُرضي الله تبارك وتعالى؛ فأبشر بالخير، وأبشر بأسرة مستقرة، وبزوجة وأبناء صالحين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يضع في طريقك الصالحة المُصلحة، وأن يرزقك منها الذريّة الصالحة، وأن يُغنينا جميعًا بحلاله عن الحرام، وأن يُلهمنا رُشدنا، وأن يُعيذنا من شرور أنفسنا.

نكرر لك الشكر على التواصل، ونكرر الترحيب بك، ونسأل الله أن يقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً