الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس القهري يقودني إلى الموت، فكيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم.

أرجو منكم المساعدة، فقد فتك بي المرض، وأصبحت في كل ثانية أتمنى الموت، فأنا أعاني من الوسواس القهري في ذات الله، وأخذت له دواء فافرين وسيبراليكس، وقد قالت لي الطبيبة: بأن أوقف السيبراليكس، وآخذ الفافرين لمدة لا تزيد عن الشهرين، ثم أوقفه، وعندما نفذت ما قالت رجعت لي بعض الأعراض التي اختفت عندما كنت مستمرةً على العلاج، فرجعت إلى الدواء مرةً ثانيةً، فأنا لا آخذ غير هذه الأدوية؛ لأنها مناسبة لمرضى الوهن العضلي.

لقد تحسنت كثيراً مع الدواء، واختفت بعض الأعراض، ولكني ما زلت أعاني من الوسواس نفسه، فقد زاد في هذه الفترة كثيراً، فأرجو منكم أن تصفوا لي الجرعة المناسبة لأخذها، فأنا آخذ سيبراليكس (10) ملي جرام هذا من شهر (8)، وفافرين (50) ملي جرام، وقد بدأت بتناوله منذ فترة قريبة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Asmaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء.

لماذا كل هذا الكرب الذي أصابك من الوسواس؟ نعم الوسواس هو لعين، لكن يمكن علاجه، لابد أن تكوني متفائلةً، لابد أن تكوني قويةً لتهزمي هذا المرض، والتخلص منه وهزيمته ليس بالصعب أبدًا، الله تعالى حباك بطاقات كثيرة، طاقاتٍ نفسية، وطاقاتٍ بيولوجية، وطاقاتٍ اجتماعية، وطاقاتٍ تعبُّديّة، فانطلقي في الحياة بقوة، وحقري الفكرة الوسواسية.

أكبر خطأ يقع فيه الكثير من الناس هو أنهم يستسلمون للوسواس، ويحاولون محاورته ومحادثته ومجادلته، الوسواس يُثير الفضول عند الناس، وبما أنه مُلحٌّ ومستحوذٌ تجد الإنسان يسترسل معه، وهذا يُمكِّن الوسواس، ومهما تحاورين الوسواس لن تصلي إلى نتيجة أبدًا، إنما الاستمرار في الحوار يؤدي إلى تشابكه، يؤدي إلى توطيده، يؤدي إلى تمكُّنه وتجديده، وورود وساوس أخرى وتكاثرها وتراكمها.

حقّري الفكرة في أوّلها حين تكون خاطرةً، خاطبي الوسواس بأنك (وسواس قبيح)، خاطبيه بأنك تتجاهليه، بأنك لا تستمعين إليه، واصرخي في الفكرة قائلة (قف، قف، قف، قف)، وانتهي عنه، وهذه كلها من تمارين وإرشادات إنما هي مصدرها السّنّة النبوية، حيث قال (فليستعذ بالله ولينتهِ).

هذه تمارين بسيطة جدًّا، ولكنها في ذات الوقت مفيدةً، وأهم شيء أيضًا ألَّا تتركي وقتًا للفراغ؛ لأن الوسواس يأتي ويستحوذ ويلحّ ويتصيّد الناس في حال أنهم غير مشغولين بالمفيد، في حال أنهم منصرفين عن تزكية أنفسهم بما يعود عليهم بالنفع في دينهم ودنياهم.

إذًا أحسني إدارة الوقت، وركّزي على هذه الآليات العلاجية السلوكية البسيطة جدًّا، لكنها ذات فائدة كبيرة.

فكّري في مستقبلك، عيشي الحاضر بقوة وبأمل وبرجاء، وأكثري من الاستغفار، واستعيذي بالله تعالى من الشيطان، هذه كلها علاجات مفيدة، التمارين الرياضية، والتمارين الاسترخائية تجعل النفس في حالة ثبات استرخائي وحسن واعتدال في المزاج، وهذا يجعلنا نواجه الوساوس ونحقّرها ونفتِّتها ونتخلص منها.

بالنسبة للعلاج الدوائي: لا شك أن الفافرين مُقدَّمٌ على السبرالكس في علاج الوساوس القهرية، وإن كان السبرالكس أيضًا دواء جيد.

وسؤالي: هل بالفعل أنت تحتاجين لدوائين؟ أرجو أن تناقشي هذا الأمر مع طبيبتك.

ربما يكون الفافرين وحده كافيًا، ولكن تدرَّجي في الجرعة حتى تصلي إلى ثلاثمائة مليجرام، وهذه جرعة صحيحة جدًّا، تستمرين عليها كجرعة كاملة لمدة شهرين، ثم بعد ذلك تخفضين الجرعة إلى مائتي مليجرام يوميًا من الفافرين، وهذه تستمرين عليها مثلاً لمدة ستة أشهر، ثم تنتقلين إلى الجرعة الوقائية، وهي: مائة مليجرام يوميًا لمدة عام، ثم يمكن أن تخفضي الجرعة إلى خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرين آخرين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

هذا في حالة إذا كان خيارك هو الفافرين وحده، والتوقف عن السبرالكس ليس صعبًا، وطريقة التوقف عنه هي: أن تجعلي الجرعة خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

أمَّا إذا فضّلت الاستمرار على السبرالكس مع الفافرين -وهذا شخصيًا لا أفضله كثيرًا- يمكن أن ترفعي جرعة الفافرين لتُصبح مائة وخمسين مليجرامًا، واتركي السبرالكس كما هو، بمعنى: أن تزيدي جرعة الفافرين من خمسين إلى مائة مليجرام لمدة أسبوعين، ثم تجعليها مائة وخمسين مليجرامًا يومًا لمدة ثلاثة أشهر مثلاً، ثم تخفضيها إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك تراقبي الحالة ومآلاتها.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً