الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أترك خطيبتي بسبب ما سمعته عن أبيها؟!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خطبت فتاة منذ فترة قصيرة، وسألت عنها كثيرا وعن أبيها وعن البيت عموما، وجميع من سألتهم أثنوا عليهم جميعا، وأنه بيت خير، وأن الفتاة تصلي، وأنها خالية من المعاصي، وأن الوالد على خير.

بعد الجلسة الأولى والثانية مع الفتاة كان الانطباع إيجابيا جدا، فتاة هادئة محبة للدين، هذا هو الظاهر منها، وأبوها رغم أنه لا يلتزم كثيرا بالصلاه في المسجد إلا أنه شخصية حازمة، لا يتدخل أحدا في شؤونه، ومشهور عنه العدل.

عند وفاة والده كان مسئولا عن أموال الأسرة، وقام بالتوزيع بعد الوفاة بأسبوع واحد فقط، وهو ميسور الحال، ووجدت أنه حريص على تعليم أطفاله الصغار القرآن، ويأتي بمعلم لهم في المنزل، ثم تمت الخطبة، وبعد الزيارة الأولى قال لي أحد المعارف إنه يدخن المخدرات معه، وبعد التحري عن الكلام أكثر عرفت أن والد الفتاة كان على علاقة برجل معروف عنه هذا، وعندما عدت لأسال من سألتهم أولا قال بعضهم إنه لم ير منه هذا أبدا، وقال البعض الآخر: "حتى لو يشرب المهم الفتاة"، فأنا الآن في حيرة، هل أترك الفتاة؟ أخشى أن أظلمها، ولكنني أخشى على نفسى وأولادي مستقبلا -إن شاء الله-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ alaa حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبا بك، وردا على استشارتك أقول:

الأصل في الحكم على المسلم السلامة، وكون والد الفتاة يصلي بعض الصلوات في المسجد فهذا دليل على أن الصلاح موجود فيه وإن كان مقصرا، ولا يمكن أن يحكم عليه بأنه تارك صلاة؛ لكونه يرى في المسجد يصلي مع المسلمين.

من ثمار الصلاة أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، والمعروف عن المخدرات أنه يجعل سلوك المتعاطي سيئا سواء في بيته أو خارجها، وهذا ما لم تلاحظه أنت ولا غيرك في هذا الرجل، وكونه اتهم بأنه يتعاطى المخدرات ليس عليه بينة واضحة، وهذا الشخص الذي أخبرك لا يقبل كلامه؛ كونه هو يتعاطى تلك المخدرات بشهادة نفسه، حيث قال إنه يشرب معه المخدرات، وبهذا تكون شهادته في حق غيره مردودة كونه فاسقا، وأما علاقة والد الفتاة بشخص معروف عنه تعاطي المخدرات فهذا غير كاف لاتهامه.

على افتراض صحة كلام من اتهمه بتعاطي المخدرات، فيمكن أن يكون الرجل قد وقع في ذلك في فترة ماضية ثم تاب من ذلك، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

لا أتصور رجلا يتعاطى المخدرات ويهتم بأبنائه هذا الاهتمام، حتى إنه يأتي لهم بمن يعلمهم القرآن إلى البيت، فالأصل سلامة هذا الرجل من هذه التهمة حتى يثبت ذلك ببينة واضحة كالشمس في رابعة النهار.

يكفي أن هذه الفتاة ذات دين وخلق، وهذا ما أمرنا به نبينا -عليه الصلاة والسلام- حيث قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

أوصيك أن تصلي صلاة الاستخارة وتدعو بالدعاء المأثور، ومن ثم تستمر بالخطوبة، ومن ثم العقد، فإن مشت الأمور بيسر وسهولة؛ فهذا يعني أن الله اختارها لتكون زوجة لك، وإن تعسرت الأمور وانغلقت الأبواب؛ فهذا يعني أن الله قد صرفها عنك فاحمد الله.

إن وكلت أمرك إلى الله ليختار لك فلن يخيب الله ظنك، فاختيار الله خير للعبد من اختيار العبد لنفسه؛ لأن علم الله أوسع من علم العبد.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً