الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحق لي تجاهل الشكوك المتكررة؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا مصاب بوسواس الطهارة والصلاة وكثرة الشكوك، وبدأت أطبق تجاهل الشكوك لأنها كانت تأتيني كل يوم وارتحت، ومشكلتي الآن خوفي أن يكون الشك في غير محله ولا يحق لي التجاهل، مثلا: أثناء الوضوء عندما يشك الشخص في غسل عضوه، الأصل إنه يعيد الوضوء إلا إذا كان شكه متكررا كل يوم، وأنا أتجاهل لأني متأكد أن شكي متكرر، لكني خائف، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذا وسواس ولا شك في ذلك، وساوس أفكار أعقبتها وساوس أفعال، ومجاهداتك نحو تطبيق مبدأ التجاهل هو أمر جيد ولكن أصبت بوسواس جديد وهو هل لك الحق في التجاهل أم لا؟ هذا في حد ذاته نوع من النطاق الوسواسي.

أيها الفاضل الكريم أولاً: الرسول -صلى الله عليه وسلم- أرشدنا أن نصلي "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وبالنسبة للوضوء كمية الماء التي كان يتوضأ بها الرسول تقاس بالمد، وقد أفادني من العلماء أن هذه الكمية بمقاييس اليوم هي حوالي لتر إلا ربع من الماء، هذا يكفي للوضوء تماماً، ودائماً صاحب الوسواس يجب أن يتذكر ويسترجع أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو قدوتنا، ويجب أن نتوضأ كما كان يتوضأ ويجب أن نصلي كما كان يصلي، ولا نستمع لأي صوت آخر.

لا وسواس، لا شيطان، لا إنسان، اجعل -يا أخي الكريم- هذا مرجعيتك، وأنا أعرف أنك تدرك ما أنا أقوله لك، ولكن أريدك أن تنتقل نقله فكرية عظيمة حين تنوي الوضوء حدد كمية الماء، واجعلها قليلة وأنا دائماً الإخوة الموسوسين أقول لهم لا تتوضأ من ماء الصنوبر مباشرة، حدد كمية من الماء، والإنسان حين يغسل عضواً في جسده يؤكد على نفسه أنه الآن قد غسل يديه، وتمضمض، استنشق، استنثر يقولها في سره أنا الآن قد قمت بكذا، أنا الآن قد قمت بكذا، هذا نوع من التأكيد الداخلي الذي يعطي رسالة جيدة للإنسان، ويجب أن تدرك أن كمية الماء التي بين يديك هي كمية مؤقتة، إذاً هذا تمرين وتطبيق ممتاز جداً داوم عليه وسوف تجد أن الشكوك في الوضوء قد انتهت.

بالنسبة للصلاة أيضاً نفس المفهوم، حاول أن تدرك أن الوسوسة في الصلاة كثيرة، لكن المؤمن يستطيع أن يتخطاها تماماً وذلك من خلال الخشوع، والحرص على الصلاة مع الجماعة دائماً، كما ذكرنا أن تكون قدوتنا ونموذجنا هو صلاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأن تبعد عنك الشك وإذا أتتك خواطر نفسية أنك لم تصل صلاة صحيحة فتجاهلها وحقرها.

أيها الفاضل الكريم: استعمال الأدوية المضادة للوساوس سوف يكون مفيدا لك جداً، فأرجو أن تذهب وتقابل طبيبا نفسيا، الوسوسة التي تعتريك الآن وهي خوفك من أن تكون من الذين ليس لهم الحق في التجاهل هذه وسوسة فكرية، والدواء -إن شاء الله تعالى- سوف يفتتها ويزيلها تماماً، عقار مثل بروزاك والذي يسمى فلوكستين وهو دواء رائع وسليم سيكون مفيداً جداً لك، الجرعة هي أن تبدأ بكبسولة واحدة يومياً لمدة أسبوعين، ثم تجعلها كبسولتين يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة واحدة يومياً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، وهنالك أدوية أخرى كثيرة جداً تخفف من وطأة الوسواس، وهذا قطعاً يمهد لك كثيراً التطبيقات السلوكية وصرف الانتباه عن الوسواس.

وفقك الله وبارك الله فيك، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً