الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بحاجة ماسة للزواج ولا أعرف كيف أختار الزوجة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بارك الله فيكم، وجزاكم الله خير الجزاء على مجهوداتكم وسعيكم المبذول لإرشاد الناس وتوجيههم في هذا الموقع.

أنا شاب عمري 28 سنة، موظف، أرغب في الزواج كثيرا، ومنذ أكثر من سنة ونصف أبحث عن فتاة لغرض الزواج تتوفر فيها صفات: الدين والأخلاق والجمال والنسب وربما المال، سنها من17 إلى 24 سنة.

أرشدني الكثير إلى فتيات، مع العلم أنني قبل الإقدام على أي خطوة أصلي صلاة الاستخارة -والحمد لله-.

عندما أنوي التقدم لأبي الفتاة لأقول له أريد الرؤية الشرعية لابنته أخاف أن أجدها غير جميلة، أو غير صالحة، ثم أوقعهم في إحراج، وأقع فيه أنا أيضا.

بالرغم من ذلك تقدمت لآباء بعض البنات لكن لم يوافقوا، والأسباب الدراسة، وصغر سن البنات، ومنهم من لم يرد علي نهائيا، والبعض دلني على بنات لكنني متردد ولم أتقدم لآبائهم، ولم أعرف أيهن أختار، لأنني لا أعرف إن كن جميلات أو لا!

الأمر الآخر: عندما أعلم بفتاة أبوها سيئ الطباع أو سمين، أو أمها متوفاة، أو إخوتها سيئون، أو قصيرة؛ أفكر وأتردد أكثر عن ذي قبل؛ لأنني أرغب في فتاة من عائلة طيبة تتوفر فيها أغلبية الشروط، وأحيانا أقول: أذهب وأقبل بفتاة صالحة، ومتوسطة الجمال، وأتغاضى عن بقية الشروط؛ لأنني بحاجة ملحة جدا للزواج، وأريد تحصين نفسي والعفاف -بإذن الله-.

أحيانا أقول لا بد لي من فتاة صالحة وجميلة وموظفة؛ لأن العديد يقولون لي: ابحث عن فتاة موظفة؛ لأن راتبي متوسط، بشرط أن تكون على دين وخلق.

أنا الآن في حيرة من أمري، أقدم على الرؤية الشرعية لأي فتاة جميلة وصالحة، وإن لم تعجبني لا أوافق، وهل سيكون الأمر عاديا؟ وهل أبحث عن فتاة صالحة وجميلة وموظفة بدلا من الماكثة بالبيت، أو التي أنهت الدراسة الجامعية ولا تعمل؟ رغم أنني غير مقتنع كثيرا بالموظفة، أو هل أقبل بفتاة صالحة وإن كانت مقبولة في جمالها وغير موظفة؟ وجهوني من فضلكم، فالخيارات من الفتيات كثيرة، ولا أعرف ماذا أختار!

مع التذكير أنني بحاجة كبيرة للتعجيل بالزواج؛ ذلك أن الله منحني نعمة كبيرة، حيث إن الشهوة لدي قوية جدا، وقليل الاحتلام، وتأخير الزواج أثر علي نفسيا وبدنيا وفي العمل، ومرضت باحتقان والتهاب البروستاتا، وأثر علي كثيرا.

أتمنى أن تجد استشارتي هذه تفاعلا ودراسة هامة للرد، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:

لقد أرشدنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- في هذا الأمر فقال: (تنكح المرأة لأربع: لدينها وجمالها ومالها وحسبها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ومعنى "تربت يداك": التصقت بالتراب، فلا خير في زوجة لا دين لها، ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها.

من خلال الحديث السابق نلاحظ أن الصفة المهمة في المرأة أن تكون ذات دين وخلق، وأما بالنسبة للجمال فهو أمر نسبي، فما تراه جميلا قد يراه غيرك قبيحا والعكس، ثم إن الجمال قد يزول والمال قد يزول، لكن الدين والخلق هما صمام أمان الحياة الزوجية؛ ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام-: (ألا أخبرك بخير ما يكتنز المرء؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته)، فطاعة الزوج وحفظه في حال غيابه في نفسها وماله ينشأ عن دين المرأة وخلقها.

الجمال في المرأة مطلوب، لكن يمكن للزوج أن يقبل بالجمال المقبول، ولا يطلب الجمال الفائق مقابل دين المرأة وخلقها؛ لأن من لهث وراء الجمال فلن يقتنع قلبه؛ فكل امرأة أجمل من الأخرى.

لا بأس أن تكون الزوجة عاملة، شريطة أن يكون عملها غير مختلط بالرجال؛ فذلك أسلم لدينها وأحفظ لشرف الزوج.

المتكفل بالرزق هو الله سبحانه، والزواج من أسباب توسيع الرزق قال تعالى: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)، وقال: (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

حتى لا تقع في الحرج أو توقع غيرك به أوصيك أن تكلف في البداية نساء من أقاربك للنظر فيمن ستتقدم لها، وهن سيخبرنك إن كانت جميلة أو غير ذلك؛ ومن هنا تتقدم أو تحجم، وفي النهاية النظرة هي نظرتك وليست نظرة غيرك، ولا حرج إن رأيت أن جمالها غير مقبول أن تعتذر، وما جعلت النظرة إلا من أجل ذلك.

لو جعلت سقف المواصفات عاليا فلن تتزوج، ولكن سدد وقارب، وصل صلاة الاستخارة قبل النظرة الشرعية، وقبل إجراء العقد، وكن على يقين أن الله لن يختار لك إلا ما فيه الخير؛ لأن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

أوصيك ألا تطيل فترة العقد، بل بادر بالزواج مباشرة، ولا تمنحهم إلا مهلة التجهيز والاستعداد للعرس؛ فذلك من الخير الذي يستحب تعجيله.

إن تم العقد فاستغل المدة قبل الزفاف في غرس القيم والمبادئ التي تريد أن تكون زوجتك عليها؛ فهذه الفترة هي أفضل وقت لغرس ما تريده في نفس زوجتك.

أنصحك بأن يكون عمر من ستتزوج بها ما بين العشرين والخمسة والعشرين، فالفتاة في مثل هذا السن تكون ناضجة وقادرة على إدارة البيت.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً