الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أريد خلع الحجاب، ولكن فكرة خلعه تطاردني وتزعجني

السؤال

السلام عليكم.

أنا محجبة، وبدأت أفكر في خلع الحجاب، وهذا الأمر يسبب لي توترا وصراعا داخليا بين أني سأكون أكثر ثقة وجمالا بعد خلعه، وبين ما سيقول عني الناس من حولي، أيضا لا أريد أن أعصي الله.

بدأت الفكرة عندما قررت صديقتي خلع حجابها الذي ارتدته منذ سنوات، انصدمت من الخبر وأحسست أنها تقوم بما تمنيت القيام به، حاولت إقناعها أن ما تفعله خاطئ، لكنها أخبرتني أنها لم تعد مقتنعة كما في السابق.

أريد حلا كي تتوقف هذه الافكار، شعرت بالغيرة لقدرة صديقتي على خلعه، ولكن في نفس الوقت أعرف أنه خاطئ، أريد من هذه الأفكار أن تتوقف، وأن تبقى عندي قناعة بأن ما أفعله يريحني، فهذه الأفكار قد سببت لي توترا كبيرا حتى فقدت الثقة في نفسي وصرت أشعر أنني غير جميلة بالحجاب، أنا لا أريد نزعه، وفي نفس الوقت أريد من هذه الأفكار أن تختفي، ساعدوني من فضلكم، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:

- إن الشيطان الرجيم حريص كل الحرص على إفساد بني آدم من خلال وساوسه وخواطره، فهو يعمد إلى تشكيكهم في عبادتهم وسلوكياتهم قال تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ) فبين ربنا أن الشيطان يأمر بني آدم بالفحشاء.

- الشيطان عدو مبين للإنسان وقد أمرنا الله باتخاذه عدوا فقال سبحانه: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)، فالشيطان يدعو بني آدم لاتباع خطواته من أجل أن يكونوا معه في النار وهذا من حسده لهم كونهم أطاعوا ربهم فأتمروا بأمره وانتهوا بنهيه.

- الشيطان بوساوسه يزين لابن آدم المعاصي، ويحاول إقناعه بأنه سيكون بارتكابها أحسن وأفضل وأن الناس سينظرون إليه نظرة إجلال وما شاكل ذلك من الوساوس، لكنه يوم القيامة سيتخلى عن أوليائه الذين أطاعوه، يقول تعالى مبينا ذلك:(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

- الحجاب ليست عادة اجتماعية ورثناها عن آبائنا، ولكنها عبادة أمر الله بها نساء المؤمنين، فالحجاب مثله مثل أي طاعة أمر الله بها كالصلاة والصلام وإن تفاوتت مراتب العبادات، لكنها في المجمل عبادة أمر الله بها النساء، فقال تعالى: ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )، وقال سبحانه: ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وقال: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) وقال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً ).

- وقد وردت أحاديث كثيرة في الحجاب، منها قول عائشة: لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد، وعنها رضي الله عنها قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُحْرِمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه، وعن أسماء بنت أبى بكر -رضي الله عنهما- قالت: كنا نُغطِّي وجوهنا من الرجال، وكنَّا نمتشط قبل ذلك في الإحرام.

- أوصيك أن تقرئي في الكتب التي ألفت في موضع الحجاب، ومن أفضلها كتاب عودة الحجاب لمؤلفه محمد بن إسماعيل المقدم.

- أوصيك بما قاله بعض السلف (أسلك سبيل الهدى ولا تستوحش بقلة السالكين وابتعد عن طريق الضلال ولا تغتر بكثرة الهالكين).

- أكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم كلما أتتك تلك الأفكار السلبية، ولا تصغي لوساوسه ولا تحاوريه أبدا، واعلمي أنك على الحق المبين، وكوني واثقة من هذا المعتقد ولا تستسلمي أو تتأثري بمن يسقط في الطريق من النساء، فها أنت ترين تلك النسوة اللاتي تمردن على الشريعة قضين حياتهن في جحيم، وما كان من كثير منهن في آخر حياتهن إلا أن تبن إلى الله وعرفن أنهن كن على غير الصراط المستقيم.

- تثقفي أكثر واقرئي الردود على شبهات الضالين حول الحجاب ومنها كتاب (شبهات حول الحجاب) لمؤلفه إسلام محمود درباله.

- أكثري من الدعاء وأنت ساجدة وتحيني أوقات الإجابة وسلي الله تعالى أن يثبت قلبك على دينه (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك يا مصرف القلوب اصرف قلبي إلى طاعتك).

نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يثبتك على دينه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً