الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصاب بخوف وذعر شديد عند قراءتي لكل ما يقال عن علامات الساعة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد أن أسألكم جزاكم الله خير الجزاء عن موضوع، منذ كنت صغيرة وأنا أسمع وأشوف رسائل أناس تنشرها في التعليقات أو الواتساب عن مثلا سوف يحدث كذا وكذا عن علامات الساعة ويوم القيامة، يحللون وينشرون أشياء مخيفة، وتبث في داخلنا الخوف، عشت سنين لا أقرأ من الرسائل أو أي تعليق كي لا أقرأ عن أي شيء مخيف، وصل عمري 30، ساعات أسأل نفسي لماذا الناس تنشر أشياء مثل هذه؟ والله وحده يعلم ماذا يحصل في قلب الإنسان من خوف، نحن مؤمنون بيوم القيامة، لكن لو ترقبنا كل يوم، وعشنا في خوف ألا يكون هذا خطأ.

أختي كانت تعيش في قلق، كل جمعة تنتظر شروق الشمس منذ سنوات، هل أنا مخطئة في كلامي يا شيخ؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صفية حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اعلمي -وفقك الله لهداه- أن علم الغيب لله وحده سبحانه ولا يطلع عليه أحد، قال سبحانه: ﴿وَعِندَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعلَمُها إِلّا هُوَ وَيَعلَمُ ما فِي البَرِّ وَالبَحرِ وَما تَسقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلّا يَعلَمُها وَلا حَبَّةٍ في ظُلُماتِ الأَرضِ وَلا رَطبٍ وَلا يابِسٍ إِلّا في كِتابٍ مُبينٍ﴾ [الأنعام: 59].

وقيام الساعة أو حدوث بعض أشراطها الكبرى من علم الغيب الذي استأثر الله به، قال سبحانه: ﴿يَسأَلونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرساها قُل إِنَّما عِلمُها عِندَ رَبّي لا يُجَلّيها لِوَقتِها إِلّا هُوَ ثَقُلَت فِي السَّماواتِ وَالأَرضِ لا تَأتيكُم إِلّا بَغتَةً يَسأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنها قُل إِنَّما عِلمُها عِندَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ﴾ [الأعراف: 187].

ومعنى الآية عند أهل التفسير: (يسألك هؤلاء المكذبون عن القيامة: أي وقت تقع ويستقر العلم بها؟ قل -يا محمد-: ليس علمها عندي ولا عند غيري، وإنما علمها عند الله وحده، لا يظهرها لوقتها المقدر لها إلا الله، خفي أمر ظهورها على أهل السماوات وأهل الأرض، لا تأتيكم إلا فجأة، يسألونك عن الساعة كأنك حريص على العلم بها، وما علموا أنك لا تسأل عنها لكمال علمك بربك، قل لهم -يا محمد-: إنما علم الساعة عند الله وحده، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك.)

وعليه فكل خبر يحدد موعد الساعة أو أي موعد لأي علامة من علاماتها، أو تحليل عن ذلك الموعد وتحديده مهما كان قائله، ينشر في الواتس أو في أي وسيلة إعلامية أخرى، فلا يلتفت إليه؛ لأنه خبر باطل مصادم لعقيدة المسلمين الصحيحة.

وعلى المسلم أن يكتفي بما ورد في القرآن والسنة الصحيحة حول هذا الموضوع؛ لأن خبرهما صادق، وكل ما جاء عن هذا الموضوع فيهما من نصوص لم تحدد موعد حدوثها، وإنما تذكر الناس بها فقط، حتى يستعدوا لها بالطاعات والأعمال الصالحة، ويكون الخوف منها إيجابيا دافعا للعمل والطاعة لا سلبيا يسبب للناس القلق واليأس والذعر كما حصل لأختك من انتظار سلبي وقلق نفسي.

لذا ننصحك باعتقاد أن علم الساعة وما يتعلق بها بيد الله سبحانه، وهو غيب لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وأن تتعاملي مع الحياة بصورة طبيعية، وتستفيدي من ذكر الساعة وأشراطها بالعمل الإيجابي لها، والاستعداد للقاء الله سبحانه بكثرة الأعمال الصالحة، حتى تفوزي بالجنة والنعيم المقيم فيها.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً