الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ارتباك في الصوت وخفقان للقلب أثناء إمامة الناس في الصلاة.

السؤال

السلام عليكم.

كنت أؤم الناس في الصلاة، ولا أشعر بأي خوف ولا ارتباك ولا شيء والحمد لله، وفجأة صرت أتخوف، ويرجف قلبي، ويتقطع صوتي، ولا تتم الآيات إلا بصعوبة.

حاولت التغلب على هذه الحالة، وشجعت نفسي على الاستمرار، فكنت أجاهد نفسي على أن أتقدم محدثا نفسي أن الذي حصل حالة عرضية ولكن دون جدوى، تكررت الحالة معي أكثر من مرة.

أرجو أن ترشدوني إلى العلاج الناجح، داعيا ربي ومكثرا أن لا يحرمني الخير الذي كنت فيه.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بن سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن ترجع وتؤُمَّ الناس كما كنت، وأن تحقق أعلى الدرجات في دراستك للدكتوراه.

أيها الفاضل الكريم: الذي حدث لك هو قطعًا خوف اجتماعي ظرفي، والمخاوف الاجتماعية قد لا يظهر سببها، وفي بعض الأحيان يكون السبب سببًا واهيًا جدًّا.

الأمر مكتسب، وما هو مكتسب يمكن أن يزول ويُفتقد، هذه قاعدة علمية.

الصعوبات التي حدثت لك من تسارع في ضربات القلب، وتقطّع في الصوت، وصعوبة في إتمام الآيات فيه شيء من التضخيم والمبالغة، هنالك دراسات أُجريت على الذين لديهم مخاوف اجتماعية، أو ما يُسمَّى بمخاوف الأداء، خاصة حين يكونون في مواجهة اجتماعية، تمَّ تصويرهم عن طريق الفيديو دون علمهم، وبعد أن عُرضتْ عليهم الأفلام التي سجلت تصرفاتهم اكتشفوا تمامًا أن مشاعرهم كان فيها مبالغة كبيرة جدًّا، لم تكن كما هي، بمعنى أن أدائهم كان أفضل ممَّا يتصورون.

العلاج يتمثل في تحقير الفكرة، وأن هنالك مبالغة فيما حدث لك، وأنت لست مرصودًا من قِبل الآخرين، وهذا الخوف ليس جبنًا وليس ضعفًا أبدًا، هو خوف مكتسب، وكما أذكرُ دائمًا: الإنسان يمكن أن يكون مروضًا للأسود ولكنه يخاف من القطط، هذا لا مبالغة فيه أبدًا.

ويا أخي: العلاج الدوائي بالنسبة لك ضروري ومفيد جدًّا. هنالك دواء يُسمَّى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (زولفت)، من الأدوية الممتازة لعلاج هذه الحالات.

إنِ استطعتَ أن تذهب إلى طبيب نفسي ليؤكد لك ما ذكرته لك فهذا أمرٌ جيد وقد يُشعرك بالاطمئنان أكثر نحو تناول الدواء، وإن أردتَّ أن تحضر الدواء من الصيدلية استنادًا على ما ذكرته لك فهذا أيضًا أمرٌ فيه خيرٌ إن شاء الله.

تبدأ بجرعة نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - تتناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، هذه جرعة صغيرة جدًّا، الجرعة الكلّية هي مائتي مليجرام في اليوم، لكن أرى أن خمسين مليجرامًا كافية بالنسبة لك.

بعد أن تقضي ثلاثة أشهر على الدواء وعلى هذه الجرعة، خفض الجرعة إلى نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

وهناك دواء آخر يُسمَّى (إندرال)، هو ينتمي لمجموعة من الأدوية تُسمَّى (كوابح البيتا)، ومهمته أن يمنع تسارع ضربات القلب. تتناول هذا الدواء بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله.

كلا الدوائين سليمين، ولا يُسبِّبان الإدمان، وفعاليتهما عالية جدًّا، والجرعات التي وُصفت لك جرعات صغيرة.

الأمر الآخر أخي: أرجو ألَّا تتجنب أبدًا، إن طُلب منك أن تُصلي بالناس فصلي بهم، وأريدك أيضًا أن تُعرِّض نفسك في الخيال، تصور نفسك أنك تُصلي بالناس في الحرم أو في مسجد كبير، عش هذا الخيال بشيء من الجدّية والتدبُّر، فهذا النوع من التعريض ممتاز.

تدرَّب أيضًا على تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفُّس المتدرّجة، مفيدة جدًّا.

هذا هو الذي أودُّ أن أنصحك به، وأؤكد لك تمامًا أن حالتك بسيطة جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً