الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحاول أن أقطع علاقة حب غير شرعية لكني أخشى على الطرف الآخر، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب ملتزم، تعرض والدي لحادثة أدت لوفاته، فاصبحت بعدها بحاجة لمن أتكلم معه، فأرسلت لي فتاة قبل ستة أشهر تخبرني عن حبها، وهي ملتزمة تحفظ من القرآن ثلثيه، فأخبرتها أن تحفظ مشاعرها، وأنه لا ينبغي لنا الحديث.

وفي لحظة ضعف بشرية بدأت بمحادثتها حتى وصلنا لحديث العشق والحب على مدار ستة أشهر، بعد ذلك أخبرتها أن هذا من ما لا ينبغي ولا يجوز، تجاوبت معي ليوم فقط، ثم أصبحت حالتها تسوء، تبكي وتؤذي نفسها، وأخبرتني أنها خائفة من أن تعمى بصيرتها فتقتل نفسها.

أخاف أن أكون سببا في جعل حياتها بائسة، جربنا التدرج في الانفصال، وأخبرتها أن هذا يوقف حياتنا ويحول دون نجاحنا وسعادتنا، إلا أنه لم يعط نتيجة، تعلقت بي أشد التعلق، ولا تنفك عن محادثتي إلا في وقت ذهابها للمدرسة، وأنا أجاريها خوفا عليها فقط، توقفت عن حفظ القرآن منذ بدأت محادثتها، وأصبحت سعادتها رهينة بي، وأنا لا أقدر على الزواج، فما هو توجيهكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شعبان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يرحم والدك، ويهلمك الصبر والسلوان.

رسالتك تدل على أنك شخص تعرف الحلال والحرام، وجوابك على تلك الفتاة في بداية الأمر كان جوابا موفقا، لكن النفس البشرية مهما كانت صالحة وتعرف الأحكام الشرعية إلا أنها تتعرض لفترات تضعف فيها أمام الشهوات، بالإضافة إلى أن الشيطان يتدرج في الإغواء ويزين الحرام للناس حتى يوقعهم فيه.

وهذا الذي حصل لك في علاقتك بتلك الفتاة، وهي امرأة أجنبية عنك، التدرج والتزيين من الشيطان حتى حصل لها تعلق بك، ولذا عليك المسارعة بالتوبة والإنابة إلى الله والإقلاع والاستغفار والندم على ما فات من مخالفات وقعت فيها مع هذه الفتاة، عسى الله أن يغفر لك ما سلف.

ولا علاج للتعلق إلا بالزواج؛ ولذا يجب عليك السعي الجاد إلى إتمام الزواج بتلك الفتاة أو على الأقل العقد عليها شرعا، واستمرار العلاقة بصورة مباحة معها، وهذا هو العلاج الفعلي للتعلق وإنهاء المشكلة من جذورها، فإن لم تستطع الزواج بها، أو لا ترغب فيها لسبب أو لآخر، فالواجب عليك الآتي:
- القناعة منك بعدم صحة الاستمرار في التواصل معها، لأنه أمر محرم ولا يجوز مهما كانت المبررات.

- عليك - قبل قطع التواصل بها - أن تقوم بنصحها وإقناعها بحرمة هذا الفعل وأثره السيء على الاستقامة والصلاح، وتذكرها بأن آثاره قد ظهرت في تركها لحفظ القرآن الكريم، وربما تقصيرها في باقي الطاعات، وتذكرها بعقوبة لله لها في الدنيا والآخرة أن استمرت ولم تتب إلى الله.

- كذلك يمكن إشراك من تعرف من أهلها أو صديقاتها في نصحها ومعالجة حالتها، أو عن طريق المسؤولة الاجتماعية في المدرسة، أو غيرها من الأسباب التي يمكن من خلالها إقناعها بترك هذه العلاقة، وبيان خطورة الاستمرار فيها.

- بلغ تلك الفتاة بقرارك بترك التواصل معها، لأنك لا تريد الاستمرار في هذه العلاقة، لأنها حرام وتخاف الله سبحانه، ولأنه لا يمكن إتمامها بالزواج لعدم قدرتك أو رغبتك فيها.

- ثم قم بقطع التواصل بها وتغيير وسائل التواصل لديك، وعدم استقبال أي رسائل أو تواصل منها مهما كانت المبررات.

- لست مسؤلا عنها -بعد إبلاغها بحرمة هذه العلاقة ونصحها بتركها- عما يصير لها، فهي المسؤولة عن نفسها ولا يجوز لك تبرير استمرار التواصل معها بسبب خشيتك أن تؤذي نفسها، لأن هذا الأمر لا يبيح الحرام.

- لا تربط سعادتها بالتواصل المحرم معك، فهذه سعادة غير جائزة لأنها مبنية على معصية.

- أتوقع أن هناك تهويل منها لآثار قطع العلاقة بك، واستغلته في دفع عاطفتك للاستمرار معها خشية أن تقتل نفسها أو تؤذيها، وربما لا يحصل من ذلك شيء.

- تذكر أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فإذا ترك العبد المعصية لله تعالى عوضه الله لذة الطاعة والمناجاة ورزقه الحلال وأسعده في الدنيا والآخرة.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً