الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أتزوج من متزوج منشغل بتنفيذ طلبات زوجته الأولى؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع وعلى الجهد الطيب، وأسأل الله لكم القبول.
أرجو أن أجد عندكم النصح والمشورة، فأنا في حيرة من أمري.

أنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاماً، أعمل في إحدى الشركات، معي في الشركة موظف متزوج لاحظت اهتمامه بي منذ بداية قدومي للعمل في الشركة، ولا أخفيكم أنني شعرت تجاهه بارتياح عجيب، بعد مدة من عملي فاتحني بموضوع الزواج ولم يخف علي كونه متزوجاً منذ عامين فقط، ولكن حياته مع زوجته يسودها البرود، فلا هي تحبه ولا هو أحبها، لديه منها طفل لم يتجاوز السنة.

أخبرت أهلي ورفضوا في البداية، فأنا يأتيني الكثير من الخاطبين من الشباب الذين لم يتزوجوا، ولكني شعرت تجاهه بارتياح كبير، وفي النهاية وافق أهلي على مضض.

أخبر زوجته أنه يريد الزواج مني ولم تبد أي اهتمام بالموضوع، ولكنها أخبرته أنها موافقة بشرط أن يلبي كل طلباتها، ما يخيفني هو أنها أصبحت تعجزه بطلباتها، كل شهر تريد كذا قطعة من الذهب، وتريد سيارة، وتريد لأمها هدية، ولأختها وما شابه ذلك.

تمت خطبتي عليه ولكنه لا يستطيع الآن تأمين مستلزمات زواجنا بسبب طلبات زوجته، مع العلم أنه هنا وحيد ويعيش في منطقة يعيش فيها جميع أهل وأقرباء زوجته، لا يرفض لها طلباً، ويقول لي إنه يوافق على طلباتها حتى لا يظلمها كونه سيتزوج مني، وإنه غير راض على زوجته أبدا ولا يسامحها في كل قرش تأخذه منه بهذه الطريقة.

مشكلتي أنني أرى نفسي آخر اهتماماته، أنا لم أطلب منه الكثير لأني مقتنعة أن السعادة ليست بغلاء المهر، ولكني أشعر أنه استرخصني؛ لأني قبلت بالقليل من كل شيء.

قلت في نفسي المهم هو الستر والعفاف، وطالما أنه يريدني بشرع الله وأنا ارتحت له فالمهم هو أن نتزوج وأعفه وأعف نفسي.

إلى الآن لم أتجهز من أي ناحية؛ لأنه مشغول بتأمين متطلبات زوجته، وكلما قلت له إن أهلي يتساءلون عن سبب تأخره في أمور مثل المهر وغيرها من مستلزماتي كعروس! قال لي: إنه لا يستطيع حالياً؛ لأنه يجب أن يشتري لزوجته ما طلبت منه، وأشعر أنها لن تتركنا نتزوج أو نهنأ بعيش أبداً.

أتضايق جداً من تساهله معها ومع طلباتها التي باتت لا تنتهي، وأشعر أنه لن يستطيع أن يدافع عني، فهو ضعيف أمامها وأمام أهلها.

أنا أحبه وأعرف جيداً أنه يحبني، وأعرف أن علاقته مع زوجته كزوجين منتهية منذ أكثر من سنة، ولكنني الآن أعيد النظر في موضوع ارتباطنا، وأفكر في فسخ خطبتي منه.

أشيروا علي جزاكم الله خيراً، فأنتم أهل علم ومعرفة وحكمة، وأنا في حيرة من أمري لا يعلم بها سوى الله تعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- رداً على استشارتك أقول:
إن الله سبحانه أباح للرجل أن يتزوج بأكثر من امرأة شريطة أن يكون قادراً على ذلك من جميع النواحي، وأهمها العدل، يقول تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا).

الحب القلبي ليس فيه عدل، فإن ذلك أمر لا يقدر عليه الإنسان، وقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام وهو قدوتنا وأسوتنا أفضل من عدل بين نسائه، ومع هذا فقد ثبت عنه أنه كان يقول: (اللهم إن هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك)، أي في الحب القلبي، والسبب يرجع في ذلك إلى اختلاف طبائع النساء، وحسن تبعلهن، وجمال منطقهن، وغير ذلك مما يدخل السرور على قلب الزوج.

مما يحرم على المعدد الميل إلى إحدى الزوجات، يقول عليه الصلاة والسلام: (من كانت له زوجتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة مائل الشق الأيمن).

من التناقض الذي أراه كونه يقول إنه لا يحب زوجته الأولى ثم يلبي لها كل طلباتها المجحفة.

مما يجب أن يتصف به الزوج المعدد أن يكون صاحب شخصية قوية، وأن يكون حازماً كي لا تستطيع أي من زوجاته الاستئثار به فيظلم الأخرى، والذي يبدو لي أن هذه الصفة غير متوفرة في هذا الشخص الذي تقدم لك.

شرط زوجته الأولى أن يلبي لها كل طلباتها مجحف للغاية؛ لأنه لن ينتهي عند حد، ولو بقي يلبي كل طلباتها ولا يرد لها طلباً فسيؤدي الأمر إلى ظلمك في النهاية.

عليه أن يكون حازماً في هذا الأمر إن أراد أن يعدد، ولا يلزم أن يأخذ الإذن منها، صحيح أنه من المستحب أن يأخذ بخاطرها فيعطيها شيئاً من المال أو يشتري لها قطعة من الذهب أو يغير لها أثاث البيت لمرة واحدة، أما أن يلبي لها أي طلب تريده فهذا معناه أنها تريد أن تستنزف جميع ما لديه من المال حتى لا يستطيع الزواج بأخرى، أو أن سيلجأ إلى أخذ مرتبك فوق ذلك سواء لنفقة البيت أو لإرضاء زوجته الأولى.

فكري في هذا الموضوع بعقل وليس بعاطفة، فكونك شعرت بارتياح نحوه أو أحببته وتشعرين أنه يبادلك نفس الشعور لا يكفي من أجل الموافقة على الارتباط به، فالزواج مشروع عمر وليس آنياً.

مما أخشاه أنها تطلب منه غدا ألا يبيت معك وألا يعدل؛ لأن هذا داخل في شرطها أو أنه في حال سفره يأخذها ولا يأخذك، وغير ذلك مما لا نهاية له.

مما أخشاه أن تزفي إليه ولا يقعد معك سوى أياماً معدودة ثم يطلقك بسبب شدة ضغط زوجته عليه، فتندمين أشد الندم كونك وافقت عليه.

يجب أن تكوني واضحة معه، وتبينين الضعف الذي فيه، وأن المعدد يجب عليه أن يكون حازماً وقوياً وعادلاً؛ لأنه بعد زواجه منك يجب أن يعدل في العطاء؛ فإن اشترى لها قطعة ذهب وجب عليه أن يشتري لك بمثل قيمتها، فهل هو قادر على ذلك؟

هذه نصيحتي لك أن تفكري ملياً بالارتباط بهذا الشخص، وأنت لا زلت صغيرة، فلا تستعجلي، ورزقك سيأتيك ولن يخطئك.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً