الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بالحزن دائمًا، وأبكي كثيرا عند رؤيتي إلى مرضى السرطان.. هل أنا مبالغة؟

السؤال

السلام عليكم.

أرجو أن يُعرض سؤالي هذا على الدكتور محمد عبد العليم.

أنا فتاة عمري 17 سنة، أصبت منذ الحادية عشر من عمري بمرض القلق ونوبات الهلع، وكان ذلك فجأة بدون سوابق، ولم أكن حينئذٍ في حالةٍ تستدعي القلق الكثير أصلا، المهم بقيت على النوبات والقلق وعدم القدرة على النوم بسبب الخوف شهورًا حتى سافرنا، وكادت الأعراض تتلاشى، إلا عدم القدرة على النوم بسبب الخوف استمرت معي قليلا، ومن وقت إلى وقت (المدة بينهما قد تصل إلى الشهور الكثيرة) أصاب بنوبة هلع.

العام الماضي عاد لي هذا المرض بعد إصابتي بالوساوس القهرية في الدين؛ فبدأت نوبات الهلع، عدم القدرة على النوم بسبب الخوف، صعوبة في البلع تصل إلى الاختناق بالطعام، ضيق التنفس، القلق والتفكير الزائد، والشعور بأنني في حلم أحيانا، والحزن الشديد والبكاء كثيرا.

الآن بفضل الله ذهبت نوبات الهلع، وبحمد الله أستطيع النوم ليلا، وأيضًا فإن الخوف من الموت والقلق بشأنه خف كثيرًا، ولكن بقيت عندي الأعراض التالية وهي مستمرة دائمًا كل يوم:

- ضيق التنفس؛ جل اليوم تقريبا لا أستطيع أخذ نفس عميق إلا بعد محاولات عديدة والتظاهر بالتثاؤب، وهذه المحاولات تزعج من حولي، والشعور بضيق وثقل في الصدر.

- التعب والرغبة في النوم.

- الانتفاخ الشديد في المعدة؛ وزني نحيف جدّا، وأشعر أن هناك حجرا في بطني، وأن كل ما آكله يظل فيها، وشهيتي مفتوحة بشكل غريب.

- الحزن الشديد، البكاء، والوساوس التي لا تفارقني.

- صعوبة خفيفة في بلع الريق، فمثلا أنا الآن لا أستطيع الذهاب لطبيبة الأسنان؛ لأنني سأضطر للنوم على السرير، وستضع على فمي أشياء وأخاف أن أختنق؛ أظن أن قلقي هذا ربما يجعلني بالفعل أختنق فأحيانا لا أستطيع التحكم فيه، وأيضا الماء دائما بجانبي.
علمًا أنني أمر بضغوطات بسبب الوساوس وغيرها، ومشاكل عائلية عادية.

أرجو من الطّبيب أن يجيب على أسئلتي هذه:
- هل سيبقى معي هذا المرض دائمًا؟ يعني يذهب فترة ثم يعود أم أن علاجه ممكن؟

- هل أنا مصابة بالاكتئاب؟ وما نصيحتكم؟ أيضا، وهذا سؤال مهم أرجو أن يُجاب عنه:
أنا دائمًا أنظر إلى المساكين الذين ابتلاهم الله بالسرطان والأمراض الأخرى القوية، ثم أنظر إلى حالتي وأكره نفسي وأحزن كثيرا وربما بكيت؛ لأنني جسديا -ولله الحمد- ليس بي شيء، وأشعر أن ما فيّ وهم ولا يحق لي أن أتألم ولا شيء! فأنا ليس بي -بحمد الله- سرطان ولا غيره. هل هذا صحيح؟

وهل أنا مبالغةٌ بكوني أشعر بالحزن دائمًا، وأبكي كثيرا، وأتعب من أقل شيء، أرجو منكم الإرشاد يا دكتور.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Dan Ali حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، أولاً أنت لست مريضة مرضاً نفسياً، ولكن لديك ظواهر واضحة، فلديك بعض أعراض قلق المخاوف ذو الطابع الوسواسي وهذا جعلك لا تثقين في نفسك، أو في مقدراتك كثيراً، ومن ثم تأتيك هذه النوبات القلقية والأعراض الجسدية، فضيق التنفس مثلاً هو ناتج من التوتر الداخلي؛ لأن التوتر النفسي يؤدي إلى توتر عضلي وأكثر عضلات الجسم تأثراً هي عضلات القفص الصدري، لذا تحسين بهذا القلق، التعب والرغبة في النوم هي نوع من الهروب النفسي والنفس لها مهارب، وهذا أمراً معروف، من يحزن قد يبتعد عن الناس وتقل طاقاته ويصعب عليه توجيه دافعيته بصورة إيجابية.

كل أعراض الجهاز الهضمي وانتفاخ البطن وخلافه هي جزء أصيل من الأعراض النفسوجسدية التي سببها لك القلق والمخاوف، الحزن الشديد والبكاء هو نوع من عسر المزاج وهي درجة اكتئابية بسيطة بسببها حقاً هو الأعراض التي تعانين منها، وأعني بذلك القلق والخوف والوسوسة، صعوبة بلع الريق أيضاً مرتبط بالتقلصات العضلية التي تحدث في المريء، والعضلات الصغيرة التي من خلالها تحدث عملية البلع.

أيتها الفاضلة الكريمة: أسئلتك واضحة جداً أنا أقول لك أن هذه الحالة ليست مرضا هي ظاهرة نفسية، نعم هي مزعجة، لكنها ليست خطيرة، وبالفعل هي قد تأتي وتذهب وتقل وتختفي وتشد وهكذا، لكن بأن تفهمي طبيعتها أن هذا مجرد قلق وتبدئي في تجاهل هذه الحالة، وتعيشين حياتك بقوة وعزيمة وتصميم وتديرين وقتك بصورة جيدة وتكونين صلبة وقوية الشخصية، وقوية المشاعر، وتجتهدين في دراستك، وتؤدي صلواتك في وقتها وكل واجباتك الدينية، وأن تكون لك آمال وطموحات، وتكونين حسنة التوقعات هذه حقيقة سوف يخرجك من هذه الحالة.

وأنت لست مصابة باكتئاب حقيقي، إنما لديك شيء من عسر المزاج كما ذكرت لك، وهو درجة اكتئابية بسيطة، لكن الشيء الذي لديك أصلاً هو القلق والخوف والوسوسة، وهي أيضاً من درجات بسيطة -وإن شاء الله تعالى- بإتباعك لما ذكرته لك سوف تختفي هذه الأعراض تدريجياً والإنسان يتطور إذا أراد أن يتطور، وأنا أحسب أنك لديك القدرة على تطوير مهاراتك بالتدريج -وإن شاء الله تعالى- هذا يؤدي إلى تقدم كبير في صحتك النفسية، شعورك بالعطف والرأفة نحو الآخرين من هم مصابون بالسرطان والأمراض الشديدة هذا نوع من الرحمة في القلوب، نسأل الله تعالى أن يحفظك وأن يعافيك، وأرجو أن تطبقين ما ذكرته لك وهذا كل المطلوب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً