الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج لشاب في بداية عقده الثالث حماية من الفتن

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
وأما بعد، فأنا شاب أبلغ من العمر 21 سنة، وأنا شاب كأي شاب أرغب وأحلم أن يكون لي زوجة، وأريد أيضاً حماية نفسي مما قد نراه من الفتن التي تزايدت في الآونة الأخيرة والعياذ بالله، وأنا من وجهة نظري أن الزواج وثاق متين يحمي الشاب من كل ما قد يضره ويدمر شبابه ويغضب ربه عز وجل، ولكن هل تؤيدون الزواج في هذا العمر؟ وما نصيحتكم لي كشاب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فهنيئاً لنا بشباب تحرص فيه على العفاف ويرغب في الحلال، وطاعة لذي العظمة والجلال، ونسأله أن يرزقك زوجة صالحة، وأن يوفقك لطاعته.

ولا شك أن الزواج هو العلاج الناجع والسياج الواقي من الانحراف والضياع في زمان ظهر فيه الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، وليس للزواج عمر محدد فإذا بلغ الإنسان مبلغ الرجال فمن حقه أن يتطلع لطلب الحلال، فإن عجز عن ذلك فعليه بالصوم فإنه له وجاء.

ولم تعرف أمتنا هذا التأخر في الزواج إلا بعد أن دخل المستعمر إلى أرضنا وسلبنا قبل الأموال ما عندنا من الفضائل، ونشأت في ديار الإسلام نابتة تتنكر لقيمها ودينها وتتأسى بالعدو الغالب، وإذا كان الكفار يتأخرون في الزواج فليس بعد الكفر ذنب، كما أن للقوم منافذ للشهوات تغضب رب الأرض والسماوات، فهم لا يعرفون العفة ولا يراعون المحرمات، وقد دفعوا ضريبة خروجهم عن الفطرة والعفاف فظهرت عندهم الأمراض الجنسية والعاهات النفسية المستعصية، وصدق فيهم قول رسولنا صلى الله عليه وسلم: (وما ظهرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا ظهرت فيهم الأوجاع والأمراض التي لم تكن في أسلافهم السابقين).

والأمر كما ذكرت فإن الزواج ميثاق ووثاق وأمانة ومسئولية، وحماية للشباب من المزالق والانحراف، وبالزواج تزداد غيرة الرجال وما زنى غيور قط.

ونحن نؤيد الزواج وندعو الآباء والمهتمين أن ييسروا أمر تزويج البنات استجابة للتوجيه القرآني: (( وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ ))[النور:32] وأزال الإسلام المخاوف فقال سبحانه (( إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ ))[النور:32] وفهم السلف هذا المعنى العظيم فكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: (التمسوا الغنى في النكاح)، وقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليه: (يجب على الآباء الأغنياء أن يزوجوا أولادهم؛ لأن حاجتهم للعفاف لا تقل عن حاجتهم للطعام، ويجب عليهم كذلك أن ييسروا أمر تزويج البنات).

أما نصيحتي لك ولسائر الشباب فهي ضرورة لزوم طريق العفاف، وهذه وصية القرآن فقد تعالى: (( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ))[النور:33].

وأرجو أن تشغل نفسك بالمفيد كطلب العلم والبحث عن الرزق الحلال، وعليك بغض بصرك وحفظ فرجك من أجل أن تطهر نفسك وتسمو، وعليك بمصاحبة الأخيار والمحافظة على الأذكار وأكثر من التوبة والاستغفار، فإن ربنا كريم غفار، وعليك بما ورد في خاتمة سورة النحل: (( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ))[النحل:128]، (( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ))[الطلاق:2-3]، وعليك بكثرة الدعاء، فإن الله يجيب المضطر إذا دعاه.

ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقك السداد والرشاد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً