الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغيرت أحوال أخي إلى القلق والانطوائية.. ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي أخ يصغرني بـ 7 سنوات، محب للدراسة والتعلم، مختلف عن معظم أقرانه من قصات شعر، أو الاستماع للأغاني، لديه قدرات ذهنية من حفظ وفهم وسرعة بديهة ما يثير الاهتمام بالنسبة لولد في مثل عمره.

بدأت المشكلة في تدهور مستواه الدراسي من الصف السابع بسبب ظلم الأساتذة له بحسب أقواله، فأصبح منعزلا عن المجتمع، نادرا ما يخرج من البيت، يقضي معظم وقته على الحاسب، ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى أصبح يتحاشى الناس ويتحاشى أصدقاءه، وهكذا ونحن متساهلون للوضع الذي كان فيه، فاستمر على هذه الحال حتى رسب في الصف التاسع.

علما أن رسوبه كانت صدمة لنا، وصدمة لوالدي خصوصا، فتم منعه من استعمال الحاسوب، فنال الحصة الأكبر من السخرية من طرف والدتي وإخوتي, فاجتاز تلك السنة بتفوق بعد وضع برنامج مكثف للدراسة من طرف والدي، لكن مع مرور الأيام لاحظت سوداويته للأمور، ونفوره من الدراسة، وأصبح كثير الشرود، وأحلام اليقظة مما أثر على مستواه الدراسي مرة أخرى، فأصبح مهملا في هندامه وصحته، وكذا واجباته الدينية.

بعد فترة من هذه الحالة انقطع عن الكلام معنا، ومع أقربائه، وكل شخص له علاقة بالعائلة فجأة، في أحسن الأحوال يتواصل معنا عن طريق الإشارة والكتابة في الورق، وهو على هذه الحال منذ ثلاث سنوات، لا يمل ولا يكل، علما أنه يتصرف بطبيعية تامة مع الآخرين.

عرضت حالته لصديقة لها خبرة في المجال النفسي، فنصحتني بالعلاج السلوكي، وأقراص كالسيبرونات لتخفيف التوتر والقلق الشبه دائم، استعملنا معه جميع الوسائل من رقية شرعية, وتهديد واستمالة وتحفيز، لكن لا جدوى.

نرجو منكم الإفادة، وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ nor حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله تعالى لأخيك هذا العافية والصحة، عمره لم يذكر لكن أحسب أنه في سن اليافعة، وانعزاله وانطوائيته وافتقاد فاعليته وإهماله لكل شيء في حياته دليل على أنه يعيش حالة نفسية غالباً ما تتسم بوجود اكتئاب نفسي، والاكتئاب النفسي يكون هكذا وسط اليافعين ومن هم في سن البلوغ وما بعدها، بما أنه لا يتكلم في ظرف معين أي في داخل البيت، ومع أفراد الأسرة هذا يسمى بالصمت الاختياري أو التخيري، وهو ليس تصنعا، إنما هو دليل على وجود حالة نفسية حقيقية، قد يكون الاكتئاب سبباً فيها.

الطريقة أيها الفاضل الكريم هو أن يعرض على طبيب نفسي هذا أفضل، وهذا الابن يحتاج بالفعل لأحد مضادات الاكتئاب التي تناسب عمره، وفي ذات الوقت أعتقد أن أفضل علاج سلوكي له سيكون العلاج السلوكي الأسري، بمعنى أن نشعره باعتباره وأهميته داخل الأسرة، أن نكف تماماً عن انتقاده، أن نعطيه مهاما أسرية، بمعنى آخر أن لا يكون مهمشاً أو ظرفياً هذا مهم جداً، ونشجعه على حسن إدارة وقته، نشجعه على الترفيه عن نفسه بما هو طيب وجميل، وأن يخرج مع أصدقائه، نحثه على الصلاة، نحثه على ممارسة شيء من الرياضة هذه أفضل علاجات سلوكية متاحة في مثل هذه الحالات.

إذاً العلاج الدوائي زائد العلاج السلوكي الاجتماعي الأسري هي أفضل طريقة لمساعدة هذا الابن، -والحمد لله تعالى- هو صاحب مقدرات معرفية ممتاز، وهذا أعتقد أنه سوف يسهل كثيراً لتعافيه بإذن الله تعالى، الرقية الشرعية لا شك أنها مفيدة ومهمة ومطلوبة وضرورية فواصلوا فيها، البرامج التحفيزية إذا لم تشتمل على ما نسميه رد الاعتبار لا تكون مفيدة في بعض الأحيان، بمعنى أن نشعره بأهميته داخل الأسرة، هذا مهم جداً، وكما ذكرت لك الخروج مع أصدقائه خاصة المؤتمن منهم، أيضا يمارس الرياضة، أن ينام نوماً ليلياً مبكراً، وأن يستيقظ مبكراً، هذا كله يحسن من دافعيته -إن شاء الله تعالى-، وتناول أحد محسنات المزاج، أراه ضرورياً جداً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً