الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع تحديد ما أعاني منه، هل هو انفصام أم لا؟

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب، أحاول طلب المساعدة، ولكنني أعلم في داخلي أنها لن تفيد، لكن بسبب الملل قررت أن أكتب هذه المناشدة.

لا أعلم ماذا حدث لي، هل هو انفصام أو ماذا؟ ففي كل مرة أحاول فيها أن أكون اجتماعيا أجد نفسي منعزلا بعيدا، ولكن ليس في المدرسة هذه المرة.

عندما أجبر نفسي أن أختلط بالناس، أو أن أفعل شيئا ليس من عادتي، يأتيني شعور مزيف لا أعرف كيف أصفه، وأجد شخصا أمامي ينظر لي بكل استحقار، وبعض الأوقات يكلمني ويقول: هذا ليس أنت، وبعض الأوقات أجده يضحك، ذلك الشخص هو أنا بجسدي ووجهي وتصرفاتي، كل تلك الأصوات من حولي مزعجة، كالفأس تخترق رأسي، يأتيني شعور رهيب أسوء من الألم بمراحل، وفي بعض الأوقات يأتيني ألم في قلبي دون سبب، لكنه يصرعني بشدة.

مشاكلي القديمة لم تعد لها قيمة، لا أستطيع حتى السلام لشخص لا أتحمل رؤيته، فقدت شهيتي، وتوقفت عن الأكل، وخسرت ما يقارب 5 كيلو من وزني، كل تلك الأمور الصغيرة التي كانت تسعدني في الماضي لم يعد لها قيمة، صنعت لنفسي صديقا خياليا، ففي كل مرة أكون وحدي أتحدث إليه، صنعت لنفسي شخصيتي الأخرى، ولكي أسد الفجوة التي بيني وبين المجتمع، ولكنني أدركت أخيرا أن المجتمع لا يستحق كل هذه الأشياء، فأنا راض، لأنني لست من ضمن ذلك المجتمع، فتبا للمجتمع، ما رأيكم؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، ورسالتك حقيقة استوقفتني كثيرًا، لأنها بالفعل هامَّة، شعورك السلبي جدَّا والتشاؤمي واضح، وأنت لا تتعامل مع نفسك إيجابيًا ولا مع الآخرين، وهذا يمكن تصحيحه -أخي الكريم- من خلال تدارس علم الذكاء العاطفي.

الذكاء الوجداني -أو الذكاء العاطفي- هو الذي يُعلِّمنا كيفية التعامل مع أنفسنا ومع الآخرين بصورة إيجابية، فأرجو أن تتواصل مع أخصائي نفسي ليُطلعك على علم الذكاء الوجداني، ومن ثمَّ تبدأ في تطبيق بعض التطبيقات العلمية المفيدة لك -إن شاء الله تعالى-.

أخي الكريم: الشعور السلبي نحو المجتمع ليس جيدًا، والحد الأدنى المطلوب مِنَّا هو أن نقبل الناس كما هم لا كما نريد، وعلى الأقل الإنسان يمكن أن يُفعّل نفسه اجتماعيًا في محيط أسرته، ويكون بارًّا بوالديه، ويصل رحمه، حتى هذا المجتمع الصغير -أخي الكريم- قد يطوّر مهارات الإنسان ويُساعده كثيرًا.

يجب أن تعيش على الأمل، ويجب أن تعيش على الرجاء، هذا الكلام ليس نظريًا، هذا كلام صحيح، ومثبت، ومقدراتك واضحة جدًّا أنها ممتازة، وهذا تعكسه رسالتك هذه.

فأخي الكريم: اطلع واقرأ عن الذكاء العاطفي، أو الذكاء الوجداني، وإن قابلت متخصِّصًا هذا أيضًا أفضل، وهنالك كتاب مشهور (لدانيال جولمان) يُسمى (الذكاء العاطفي) كتبه عام 1995، حيث إنه رائد هذا العلم.

أخي: أشياء بسيطة جدًّا تُغيِّر الإنسان، كممارسة الرياضة المنتظمة، شيء من التفاؤل، قراءة كتاب جميل، صلاة ركعتين في جوف الليل، هذا بسيطة جدًّا في ظنٍّ البعض لكنَّها عظيمة في قدرها لا يعلم بفضلها إلَّا القليل، وصدقني هذا مجرَّب.

رسالتك طيبة، وأؤكد لك -أخي الكريم- أنك بخير، وكذلك المجتمع.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً