الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الألم في بطني وفي القولون وأصبت بالخفقان.. أفيدوني.

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 29 سنة، أنا مدمن على الأجهزة الإلكترونية منذ الصغر، ولم أتركها إلا في عمري هذا، وكان والدي يغضب مني بسبب جلوسي على الأجهزة الإلكترونية، وصرت أخاف منه، ويوما من الأيام أصبت بخفقان، وذهبت إلى المستشفى، وقالوا لي: لا يوجد شيء، ومنذ ذلك اليوم، وأنا ( قلق متوتر ومريض).

وكنت أعاني من الألم في بطني، وعملت فحوصات، ولا يوجد شيء، وكانت هناك مشاكل مع والدي واضطررت للخروج، وسكنت خارج البيت منذ عمر ٢٠ سنة، بدأت هذه الأشياء تتطور معي، وأصبت بأمراض متكررة، وقلق وخوف ورهاب، ومنذ عمر ٢٣ إلى ٢٩ وأنا كل أسبوع في مستشفى للمراجعات، وكان عندي ألم مفاصل رهيب، ولم يتم كشف المرض إلا قريبا، ثم شخص بالدرن، وتعالجت منه والآن فحصت القولون بالمنظار، وكان هناك ورم حميد وتم استئصاله.

أنا حاليا متعب نفسيا مكتئب، كثير المرض، أتقزز من الأشياء إذا فيها دم أو جرح، وأشعر بقشعريرة، أتمنى الموت وأرتاح، الآن أكتب وأنا في شدة ألمي، لا أحس بالدنيا، وأتنهد وأنا أكتب، والقولون لدي منتفخ.

أسأل الله الشفاء العاجل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ باسم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

كما تفضلت لديك أعراض قلقية، ولديك أعراض اكتئابية، أراها من النوع البسيط، وهي ظرفية، ومسبَّبة، وأرى أن خطوات العلاج هي أن تصلح ما بينك وبين والدك، والدك يريد لك الخير، وهذا أمرٌ مفروغ منه، فأرجو أن تتقرَّب إليه، أرجو أن تُحاول أن تتواصل معه، وأن تُثبت له أنك بالفعل قد تغيَّرت سلوكيًا خاصة فيما يتعلق بإدمانك للأجهزة الإلكترونية، وهذه مشكلة – أي مشكلة الإلكترونيات – فيها الكثير من مضيعة الوقت، وفيها الكثير من الخلل الذي ينتج في تكوين الشخصية وبنائها، هذا الموضوع الآن أُثبت تمامًا، لذا في الصين يضعون الذين يُدمنون على الإلكترونيات يضعونهم في معسكراتٍ خاصة ويُعالجونهم بطريقة عسكرية جدًّا؛ فيها الكثير من التعنيف والتدريب، وفي نهاية الأمر يتم شفائهم.

فاعرف أن الذي نصحك والدك بخصوصه هو أمرٌ في غاية الأهمية، وهو يريد لك كل خير.

أرى أن استقرارك النفسي يعتمد على الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية بالطريقة التي تحدثت عنها، والتقرب من والدك، وأن تكون عضوًا فاعلاً في أسرتك، وأن تجعل لحياتك معنىً، أهدافا، وتسعى لتحقيق هذه الأهداف، ومن المهم جدًّا أن تُكثر من التواصل الاجتماعي، دون تواصل اجتماعي فعّال الإنسان يتضجّر ويتململ ويتوهم الأمراض، ويتنقّل من طبيب إلى طبيب، ويفقد تمامًا نغمة الحياة الصحيَّة.

فأرجو أن تحرص على ما ذكرته لك، من المهم أن تمارس الرياضة، الرياضة تؤدي إلى تحسين الصحة الجسدية والنفسية وحتى الاجتماعية، تنظيم الوقت أراه مهمًّا جدًّا، والفراغ هو أحد الأسباب التي تجعل الكثير من الشباب يتوهمون الأمراض، ولا يرون فائدة في حياتهم.

حالتك -إن شاء الله تعالى- تُعالج بالكيفية التي ذكرتها لك، وعلى الجانب الدوائي أنت محتاج لأحد محسِّنات المزاج، ومعظم محسِّنات المزاج تُعالج القلق أيضًا، وفي ذات الوقت تُساعدك -إن شاء الله تعالى- في التخلُّص من الأعراض النفسوجسدية التي تحدثت عنها.

إذا ذهبت إلى طبيب نفسي، فهذا هو الأفضل، وإذا لم تتمكّن من الذهاب فهنالك دواء يُعرف باسم (زولفت)، وهو معروف جدًّا، اسمه العلمي (سيرترالين)، دواء رائع، الجرعة المطلوبة في حالتك هي: أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تتناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

وهنالك دواء داعم يُعرف باسم (دوجماتيل/ سلبرايد) وجرعته هي: كبسولة واحدة يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم كبسولة صباحًا ومساءً - وقوة الكبسولة خمسين مليجرامًا - هذه الجرعة استمر عليها لمدة شهرٍ، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذه أدوية طيبة وجيدة وغير إدمانية وفاعلة جدًّا، وأهم شيء هو الاستمرار على الجرعة كما وُصفتْ، حيث إن الالتزام بالجرعة وإكمال مدة العلاج - كما وصفتْ أيضًا - هي من الأسس الرئيسية جدًّا للاستفادة من العلاج لأقصى درجة، فيا أخي الكريم: أرجو أن تلتزم بذلك، ولا تستعجل النتائج، النتائج الطيبة سوف تأتي -إن شاء الله تعالى-.

وأخي الكريم: تمني الموت ليس أمرًا جيدًا، المسلم لا يتمنى الموت، ولا يتمنى لقاء العدو، فيا أيها الفاضل الكريم: اسأل الله تعالى أن يُطيل في عمرك في عمل الخير، وأن يجعلك شخصًا موفقًا وتتمتع بصحتك النفسية والجسدية، وتكون نافعًا لنفسك ولغيرك، الدنيا بخير وإن شاء الله تعالى سوف تكون بخير، ويجب أن تعيش دائمًا على الأمل والرجاء، حالتك هذه بسيطة إذا قارنَّاها بحالة إخوة آخرين، فلا تتوجَّس ولا تتضجر أبدًا، هذا مهم جدًّا؛ لأن الدفع النفسي الإيجابي يمثِّل أساسًا رئيسيًا في العلاج النفسي الجيد والمفيد.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية باسم عبده

    الله المستعان سوف افعل ماتطلب مني واسال الله لكم الاجر في كل حرف

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً