الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رهاب اجتماعي ووسواس وقلة ثقة وتقدير للذات فأنا غير مرتاح في حياتي.

السؤال

السلام عليكم.

أشكركم على الموقع الرائع وعلى الجهود المبذولة.
أنا –يا دكتور- غير مرتاح في حياتي، فمنذ أن كنت صغيرا وأنا خجول ومبتعد عن الناس, لا أستطيع تكوين علاقات قريبة مع الناس, كان لي في مسيرة حياتي بعض من الأصدقاء والذين لم أعد أتواصل معهم نهائيا.

تعرضت في صغري لبعض التحرشات الجسدية والجنسية والتنمر في المدرسة، فمنذ سن 12 سنة تقريبا, أحسست ببداية أعراض الرهاب الاجتماعي, وهو مستمر معي إلى الآن أي قرابة 15 سنة.

بالرغم من كل الصعوبات, أكملت تعليمي الجامعي، ولكنني بعد التخرج وجدت نفسي غير قادر على مواجهة الناس والذهاب للعمل.

معلومات إضافية:
1. أنا لا أتحمل نظرات الناس لي, وعندما ينظرون يبدأ عقلي بشن حملات من الأفكار السلبية المزعجة بالنسبة لي.

2. أصبت من قبل بالوسواس القهري في عمر 19 وذهب, وأنا مصاب به الآن وهو متمثل بالنظر المتكرر للساعة, وبأفكار مزعجة تأتيني لعمل بعض الأشياء كفكرة إتلاف شيء ثمين أو مهم مثلا.

3. من الصباح حتى المساء أفكر دائما بحالي ومدى فائدة وجودي في هذه الدنيا.

4. عندي حساسية نفسية عالية, وأيضا حساسية من الأصوات العالية المفاجئة وغير المفاجئة.

5. أشعر بتدني تقديري لذاتي وأنني أقل من الآخرين، وأشعر أنني غير قادر على عمل أي شيء وكأنني مشلول!

6. أجد صعوبة حتى في التواصل مع بعض أهل بيتي المقربين لي.

7. أعيش في عزلة اجتماعية شديدة, فلم أعد أذهب للمسجد كما في صغري، ولا أريد مقابلة أي شخص, حيث أتضايق من سؤالهم واستغرابهم مني لماذا لم أتوظف؟

8. أشعر بزيادة الأفكار الوسواسية وزيادة التجنب والرهاب بعد عمل العادة السرية.

9. والدتي وإخواني وأخواتي لديهم خجل أيضا.

10. خوف من تجربة كل جديد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
قلق المخاوف الوسواسي من النوع الذي تعاني منه شائع ومنتشر، في حالتك ربما تكون ظروف التنشئة وما تعرّضت له في المدرسة ربما يكون قد أثّر عليك سلبًا، لكن - الحمد لله - الآن أنت أكملت تعليمك الجامعي، وقطعًا البناء النفسي لك تطوّر، وأصبح لديك مقدرات ومهارات، حتى وإن كانت مختبئة ولم تستفد منها إلَّا أنها موجودة، وبشيء من العزيمة والإصرار يمكن أن تستفيد من طاقاتك، وأن تتخلص ممَّا يُزعجك من خوف وقلق ووسوسة وعدم تأكد من الذات بل عدم الثقة بالذات.

أيها الفاضل الكريم: الذي أنصحك به هو أن تجعل لحياتك أهدافا، ما هي الأهداف التي تعيش من أجلها؟ ارجع لهذه الأساسيات، قطعًا الهدف الأسمى الذي خُلق الإنسان من أجله هو أن يعبد الله تعالى، وأن يُعمِّر الأرض، وفي عمارة الأرض عِمارة للإنسان نفسه، يعني: أن تُقدِّم لنفسك كل ما هو طيب ومفيد وإيجابي، على النطاق الإنتاجي، على النطاق الاجتماعي، التعليمي، الفكري... اجعل هذه الأهداف واضحة وبيِّنة، واجعلها مقصدك ومُرادك.

أنا أعتقد أنك إذا اقتنعت بهذه الفكرة وطبَّقتها تستطيع أن تُغيِّر نفسك؛ لأن الإنسان هو الذي يُغيِّر نفسه، ولا أحد يستطيع أن يُغيِّر منك أبدًا. فأرجو أن تقوم بتحليل شامل للهدف من وجودك ومن حياتك ومن حياتنا جميعًا، ومن ثمَّ تنطلق انطلاقة قويَّة جدًّا إن شاء الله تعالى نحو المستقبل وبصورة مُشرقة.

كل النقاط التي كتبتها – وهي عشرة – تُشير بالفعل أنه لديك قلق، لديك مخاوف، لديك نوع من الانهزامية الذاتية وشيء من الوسوسة، وهذه كلها مترابطة مع بعضها البعض، وأيضًا تُعالج من خلال ما ذكرته لك سلفًا من حيث إعادة تقييم النفس وتحديد الأهداف والسعي للوصول إليها.

وعلى النطاق الاجتماعي أنصحك – أخي – أن تتذكر دائمًا أن الإنسان الذي لديه تفاعلات اجتماعية كثيرة وإيجابية، ولديه نسيج اجتماعي متطور؛ سوف يتمتّع بالصحة النفسية الجيدة.

ومجرد الوفاء بالواجبات الاجتماعية هذا سوف يزيد من تفاعلك الاجتماعي، أن تُشارك الناس في مناسباتهم، في أفراحهم، في أتراحهم، أن تُلبِّي الدعوات، أن تكون شخصًا متواصلاً مع أرحامك، مع أسرتك... هذا – يا أخي – كلُّه ممتع جدًّا ومفيد جدًّا، وهو علاج، وعلاج من واقعنا الحياتي الذاتي، فاحرص على هذا، هذه نصيحة مهمَّة.

تجنَّب الوساوس والخوف من خلال تحقير فكرة الوسواس، وتحقير فكرة الخوف.

العادة السرية – أخي الكريم – قطعًا لا خير فيها، ويجب أن تتخذ قرارًا صارمًا وراشدًا حيالها.

الرياضة الجماعية والصلاة مع الجماعة فيها خير كثير جدًّا للإنسان.

إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي هذا سوف يكون جيدًا، وأنت محتاج لعلاج دوائي.

عقار (زيروكسات CR) سيكون مفيدًا جدًّا لك، الجرعة هي: أن تبدأ بـ 12.5 مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم تجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم 12.5 مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم 12.5 مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله. عقار جيد ومفيد جدًّا، أسأل الله تعالى أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • جنوب أفريقيا بارك الله فيك

    عظم الله أجرك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً