الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخاوف ووساوس قهرية

السؤال

السلام عليكم

لا أعرف من أين أبدأ الكلام لأنها أشياء كثيرة متراكمة عبر الزمن دون وجود وسيلة أو شخص متفهم تستطيع أن تفرغ فيه مشاكلك ويفهمك، إلى أن اكتشفت هذا الركن من الموقع الذي كنت أزوره دون معرفتي لوجود استشارات نفسية فيه.

المهم، اللهم احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، أنا امرأة متزوجة في المهجر وأعيش حياة كريمة والحمد لله، ورزقني الله بأولاد والحمد لله، مشكلتي في الخوف فنحن كجزائريين عشنا حياة صعبة وقت الإرهاب وتملك الخوف قلوبنا ولم أستطع حتى الآن التغلب على هذا المشكل.

أنا الآن لا أستطيع الثقة في أي إنسان، وأتوقع دائماً حدوث الأشياء السيئة فقط، وأصبح الخيال لدي يلعب دوراً كبيراً في تصور حدوث أشياء سيئة، أعطيكم مثالاً: ابني في المدرسة عندما يحل الليل يتملكني خوف حيث أنني فيما إذا أخذت ابني للمدرسة فإنني حتماً مراقبة من طرف شخص، وأن هذا الشخص سوف يأتي اليوم الذي يتبعني فيه إلى منزلي ويقتلني فأعيش كل أيامي أنتظر هذا الشيء ليحدث، بالإضافة إلى الليل الذي يمر علي وأنا في حالة رعب وخوف حتى يغلبني النعاس وأنام.

تطور هذا الخوف إلى قلق، وهذا مجرد مثال واحد من عدة أشياء أخرى خائفة منها كخوفي من الله، وهل بعملي طوال حياتي الماضية راض علي أم لا؟ هل سأدخل الجنة أم لا؟

عندما أفكر في أنه سوف يأتي اليوم الذي أدفن فيه يتملكني الرعب، وهذا دفعني للتركيز جيداً في كل ما أفعله ليرضى الله عني، وبه دخلت دائرة الوسواس وأصبح قهرياً إلى حد وصلت إلى عتبة الجنون لأنني أعاني من الوسواس من جهة، وأعاني من تغير تصرفاتي مع زوجي وأولادي من جهة أخرى حيث أصبحت عصبية قلقة كثيرة البكاء.

إني ـ والله ـ أبكي في هذه اللحظة وأنا أكتب هذه الكلمات لأنني لم أجد المفر، أبنائي في سن تعليمهم الذهاب للمرحاض، وهناك من ما زال يستعمل الحفاظات، ففي كلتا الحالتين إذا ما وجدت بللاً ولو قليلاً أدخل في دائرة الوسواس فأقوم بتغيير ملابس أولادي كلها وأغير ملابسي وأغسل أي شيء أشك أنه قد لامسوه! وأصبحت مرهقة كثيراً من هذا العمل ومن مراقبة أولادي أين يجلسون ومراقبة ملابسهم في كل لحظة خوفاً من أن يكون هناك بول أجتنب حتى وضعهم في حجري!

كيف لي أن أعيش هكذا! أريد أن أكون مثل عامة الناس أحضن أولادي إلي خصوصاً أن لي طموحات كثيرة لكنني أجد نفسي كالسجين،

أفيدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم مصباح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أنك تعاني من مخاوف ووساوس قهرية.

إن تجارب الماضي السلبية كانت هي الشرارة الأساسية التي انطلقت منها هذه المخاوف والوساوس، ولكن يُعرف عن الوساوس أيضاً أنها لا تنمو في كيان الإنسان وتسيطر عليه، إلا إذا كانت الظروف الحياتية التي يعيشها غير مريحة، فأرجو أن تكون ظروفك الحياتية الآن أفضل حتى تستطيعين مواجهة هذه الوساوس.

لا شك أنه من أفضل طرق علاج الوساوس هو أن يستبدل الإنسان كل فكرةٍ أو فعلٍ أو خوف وسواسي بما هو مضادٌ له، ويكرر القول أو الفعل المضاد مراتٍ عديدة وباستمرار، وبعد فترة من الزمن -يرى بعض العلماء أنها أسبوعين- سوف تجدين أن الفكرة المضادة وهي بالطبع إيجابية في مثل هذه الحالة أصبحت هي المهيمنة، وتقلصت الفكرة الوسواسية المتسلطة، وذات الطبيعة السلبية .

أنت والحمد لله لك أشياء جميلة في الحياة، وأعظم هذه الأشياء هي عقيدتك الإسلامية، ثم أسرتك وذريتك، وهذه أمور عظيمة وإيجابية، تخفف على الإنسان السلبيات مهما عظمت، بشرط أن يتمعن الإنسان في عظمة ما أوتي من إيجابيات .

لا شك أن العلاج الدوائي سيكون مفيداً جداً لك، ومن أفضل الأدوية هي الأدوية المضادة للوساوس والاكتئاب، وعليه أود أن أصف لك دوائين، أولهما يعرف باسم بروزاك، وجرعة البداية هي كبسولة واحدة يومياً بعد الأكل، وبعد أسبوعين من بدايته، تضيفي دواء آخر يعرف باسم فافرين، والجرعة هي 100 مليجرام ليلاً، أرجو أن تستمري على هذه الدوائين لمدة ثلاثة أشهر، وبعدها إذا لم يحدث تحسن حقيقي، فيمكن أن ترفعي جرعة البروزاك إلى كبسولتين في اليوم، وتستمري على هذا النمط لمدة ستة أشهر، ثم تخففي العلاج بأن تسحبي أو توقفي كبسولة واحدة من البروزاك، ثم بعد شهر توقفي الكبسولة الثانية، وتستمري على الفافرين لمدة شهرين آخرين، ثم تكون فترة العلاج قد اكتملت بإذن الله .

إذا حدث تحسن بعد ثلاثة أشهر من بداية العلاج، فأرجو الاستمرار على الدوائين وبالجرعة الأولى لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن أن توقفي البروزاك، وبعد شهرٍ من ذلك توقفي الفافرين أيضاً .

نسأل الله لك التوفيق والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً