الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

والدي يرفض خطبة من أريده زوجا، ويجبرني على آخرين، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دون الإطالة إخوتي في الله، نعلم أنه لا يجوز للوالد إجبار ابنته على الزواج ممن لا ترضى، ولا يجوز أيضا منعها من اختيار الشريك إن توفر فيه ما يرضي الله من دين وخلق، ولكن في حالة تمسك البنت بخاطب ترضاه لنفسها ومقتنعة به أشد الاقتناع ووالدها يرفض تزويجها لأسباب غير مقنعة، ويجبرها على قبول خاطب آخر أو خطاب كثر ويجبرها على التكلم معه في الهاتف أو ما شابه ذلك حتى تتعرف عليه.

في هذه الحالة هل يجوز أن ترفض البنت قبول الخاطب من الأساس، وعدم الحديث معه أو رأيته؟ فهي مقتنعة بإنسان واحد وترى في قبول التعرف على خاطبين جدد غشا وخداعا، حيث أنها تعرف مسبقا أنها لن تقبل بأي واحد من هؤلاء، فهل تستطيع رفض مقابلة الخاطب والحديث معه؟ علما أنها تسعى جاهدة على إقناع والدها بمن تريد، وهي تأمل أن يسمع لرأيها يوما ما.

أفيدوني يرحمكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ kiotos حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فليس للأب حق أن يجبر ابنته على الزواج بمن لا ترتضيه أن يكون شريكا لحياتها، فقد جاءت فتاة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، قال فجعل الأمر إليها، فقالت قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء.

الخاطب رجل أجنبي وعليه فلا يجوز له أن يتكلم مع مخطوبته إلا بقدر ما يجعله يتعرف على عدم وجود عيب في صوتها، ومن المخزي أن يجبر الولي ابنته أو أخته على التحدث معه؛ لأن ذلك ينبئ عن ضعف في إيمانه وعدم الغيرة على عرضه، ولا ينبغي للفتاة أن تطيعه في ذلك، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).

من حق البنت أن ترفض قبول الخاطب إن كانت لا تتوفر فيه الصفات المطلوبة، وكذلك عدم تمكينه من رؤيتها أو الحديث معها.

من حق الفتاة أن ترفع قضية عضل في المحكمة إن رفض الولي أن يزوجها بمن تريد -إن كان أهلا-، وهذا ما لم يترتب على ذلك مفسدة أكبر.

من الخطأ أن تجبر الفتاة على الزواج بمن لا تحب؛ لأنه إن حدث ذلك لم يكتب لحياتها الزوجية النجاح، وربما أدى ذلك إلى تدمير حياتها وانتهت بالطلاق.

أنصحك أن توسطي جدك وجدتك ووالدتك وإخوانك ومن يتقبل والدك نصحهم من عائلتكم كالأعمام والأخوال من أجل إقناع والدك بتزويجك ممن تريدين، وعليك أن تتأني وتصبري وتعملي بالأسباب المتاحة، وتكثري من الدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحيني أوقات الإجابة وسلي الله أن يلين قلب والدك وأن يلهمه الرشد، وأكثري من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

استمري في إقناع والدك، وتكلمي معه بالعبارات التي تستميلين بها قلبه، وبيني له أنك من سيتزوج وليس هو، وأن تلك حياتك وليست حياته، ولن تعدمي من العبارات الرقيقة التي تحرك العاطفة الأبوية عنده وتجعله يعيد التفكير.

مما لا شك فيه أنك في صراع نفسي كبير وفي هم عظيم ولكي يزول همك الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يلين قلب والدك، وأن يكتب لك الخير حيث كان إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا امينه

    الله لايحرمك منه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً