الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تمنيت أن أتزوج فلما تم عقد قراني صرت متوترة!

السؤال

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في بداية الأمر، جزاكم الله خيراً على هذا الموقع المفيد، ورعاكم الله.

أنا فتاة بعمر25 سنة، حسنة المظهر وذات طبقة متوسطة، لدي ثقافة علمية، ومعياري في مخاطبة الآخرين بالشكل المناسب.

كنت أميل إلى شخص يقرب لي، ولكن نسيت أمره، وتقدم لي العديد من الرجال، لكن كنت أرفض بسبب فارق العمر، إلى أن أتى يوم رجل بعمري، حسن الخلق والمظهر، لكن مستواه التعليمي فقط ثانوي، وهو خجول؛ حيث يشعرني بأنه ضعيف الشخصية، رغم أنه اجتماعي، فأنا لم أجلس معه إلا بعد عقد القران.

قبلت به لكن بدأت بالتردد في لحظتها إلى أن تم عقد القران، وأنا لا زلت مترددة، حدث الأمر وتم بسرعة، وذلك وترني، وأخافني كثيراً، كما أني إذا جلست معه أشعر بالراحة، رغم صمتي بعض الأحيان، لكن تخرج مشاعري وتضطرب، وأتوتر وأخاف، وتصد نفسي عن الحياة.

أتذكر ذلك الشخص الذي كنت أميل إليه، رغم أنه من المفترض أني نسيته، حيث أني فعلا لم أعد أهتم لأمره، كما أن خطيبي يحاول أن يرضيني بأي طريقة، أصبحت قليلاً ما أبتسم، قلبي مقبوض في غالب الوقت، أبكي طول الوقت، وأتمنى أني لم أواقف! فماذا عساني أن أفعل؟

أشعر بكتمة لم أشعر بها من قبل، أصبحت ملازمة لسورة يس والممتحنة، أتمنى أن تساعدوني في حل مشكلتي، فأنا أريد الراحة التي اعتدت عليها سابقاً، فقد كنت تحت إمرة أبي -حفظه الله- معززة، فقد كان يحتويني بكل جوارحه.

هل وضعي طبيعي؟ هل سيختفي هذا الوساوس بعد زمن؟! ماذا يجب أن أفعل؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Lelian حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أبدأ معك بقوله تعالى: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" [ الروم : 21 ] ثم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض" رواه الترمذي.

وأنت ذكرت أن خطيبتك على خلق، وهذه صفة تجعله متميزاً عن أقرانه، كما أنه مقارب لك في العمر، وهذا يبدو ضمن الشروط الأساسية التي كنت تضعينها فيمن يتقدم لخطبتك.

ذكرت أنك كنت مترددة منذ اللحظة الأولى إلى أن تم عقد القران، ولكن أيضاً ثمة نقاط تحتاج إلى وقفة ألا وهي قولك:
- " أنك حين تجلسين مع خطيبك تشعرين بالراحة، رغم صمتك في بعض الأحيان"
هذا يعني أنك تسكنين وتميلين إليه، لذا تشعرين بالراحة عندما تجلسين معه، ولكن ما إن يغيب عنك حتى تبدأ الأفكار السلبية تدور في ذهنك، ولعل السبب في ذلك أن يكون لديك خوف من فكرة الزواج، أو قلق من فكرة تحمل المسؤولية وبناء أسرة، فالزواج يعني أن تنتقل الفتاة إلى عالم آخر تماماً مختلف عن عالمها، ومع ذلك الأمر لا يقتضي منك كل هذا التوتر والقلق.

عليك أن تبتعدي عن الأفكار السلبية، وتفكري بإيجابية، أنه سيكون لديك شخص يحبك ويهتم لأمرك، ويغمرك بالحب والحنان، وسيكون لديك عائلة وأطفال سيمنحونك السعادة والفرح.

ذكرت في رسالتك أيضاً أن خطيبك يحاول أن يرضيك بأي طريقة"
هذا يعني أنه يحبك بصدق، ومتعلق بك، وسيسعى جاهداً لإسعادك في المستقبل، والأهم أنه اتبع الطريقة الشرعية في الزواج من خلال إتمامها عن طريق الأهل، هذا يعني أن لديه القيم والمبادئ التي تشجعك على أن تستأمنيه على نفسك، وعلى أن يكون أباً لأطفالك في المستقبل.

أنصحك كلما شعرت بتخبط وتوتر أن تركزي على الصفات الإيجابية في زوجك، وتتذكري اللحظات السعيدة بينكما وإن كانت قليلة، وتعطي نفسك فرصة للتعرف عليه أكثر، بعيداً عن التوتر والقلق وتخبط المشاعر، بل اقذفي كل المشاعر السلبية خلفك حين تجلسين معه، واتركي لقلبك فرصة الاستشعار بالراحة أو عدمها.

أما قولك: أتذكر ذلك الشخص الذي كنت أميل إليه رغم أنني من المفترض أنني نسيته حيث أني لم أعد أهتم لأمره، نعم لا أنصحك أبداً أن تستمري في ذلك؛ حيث أن عقلك دون أن تشعري سيقوم بإجراء وعقد مقارنة بين الشخصين، ولعل كفة قلبك تميل إلى ذلك الشخص، رغم قولك إنك نسيته وابتعدت عنه، وتجدين فيه صفات تفتقدينها في خطيبك الجديد.

لذا عليك بالتوقف مباشرة، وتذكري أنك حلال لرجل آخر يجمع بينكما عقد شرعي، ولعل تفكيرك بذاك الشخص يعتبر باباً من أبواب خيانة الأمانة، فكوني على حذر، ولا يخفى عليك أنه ما من رجل إلا وتوجد فيه صفات غير الصفات الموجودة في الآخر، فمن الخطأ المقارنة.

استمري في الصلاة الاستخارة، وكوني على يقين أن الله سيختار لك الخير حيث كان، فإن مضى الأمر وتم فذلك خير، وإن كان لا خير فيه سيصرفه الله عنك.

ألحي بالدعاء أن يشرح الله صدرك، ويلهمك الحكمة والصواب، وتحري ساعات الإجابة، وكوني قوية ولا تستسلمي للمخاوف، وثقي بالله تعالى ثم بنفسك بشكل أكثر وأعمق.

أسأل الله أن يلهمك الحكمة في القول والعمل، ويرزقك الزوج الصالح اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً