الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأني في عالم آخر.. فما هي حالتي؟

السؤال

السلام عليكم..

قبل كل شيء أحب أن أتوجه لكم بكامل الشكر والتقدير لهذا الصرح، ولما تقدمونه من استشارات، وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

عمري 23 عاما، بدأت مشكلتي منذ 5 سنوات حيث كنت في الثانوية العامة، أنا شخصية كما يقال لي موسوسة، وآخذ كل شيء على أعصابي، حيث جاءت الاختبارات وجاء معها الأرق وصعوبة النوم، والتوتر الشديد، لدرجة جعلتني أبحث عن مهدئ كي أستطيع المذاكرة والنوم بشكل طبيعي.

تجاوزت فترة الاختبارات، وبعدها جاءني شعور كأني بعالم آخر غير العالم، وشعور وكأن كل من حولي غير حقيقي، وكأن مخي مفصول أو نائم، وتدرجت الأعراض إلى نوبات أشعر فيها وكأني سوف أموت، وزيادة في ضربات القلب، وتعرق ودوخة إلى وساوس وأفكار غير منطقية تتداخل إلى رأسي، وسببت لي إزعاجا شديدا مع استبصاري الشديد بسخافة هذه الأفكار.

انتهى بي الأمر إلى أني ذهبت لطبيب نفسي، وشخص حالتي أنها حالة قلق، وأعطاني سبراليكس 10 وبوسبار، وبدأت في تناول الدواء كي أستطيع أن أكمل السنة الثالثة من الثانوية، ولكني لم أستطع أن أكمل المتابعة مع الطبيب، واستمريت على الدواء من تلقاء نفسي حوالي 9 أشهر، إلى أن جاء موعد الاختبارات مرة أخرى، وبدأت أفكر بالحالة التي كنت عليها، وخوف من تأتيني الأعراض.

وبالفعل بدأت أعراض الخوف والقلق تأتيني بالتدريج، ولكن الحمد لله استطعت أن أسيطر عليها، وتجاوزت فترة الاختبارات على خير، وأوقفت الدواء، ولكن ليست بطريقة تدريجية صحيحة.

تبقي القليل من الأعراض، واستطعت أن أتعايش معها، ودخلت الجامعة إلى أن جاءت لي فترة تعبت وذهبت مرة أخرى لطبيب نفسي آخر، وقام بتشخيص حالتي على أنها اكتئاب مزمن، وأعطاني دواء سيروكسات 25 وريميرون 15 ليلا، وتحسنت على الدواء، وتابعت مع الدكتور، وأمرني بإيقاف الدواء بعد 3 أشهر، ولكني كنت متخوفة من إيقافه من عودة الأعراض، وكنت أريد إنهاء مرحلتي الجامعية بسلام، فاستمريت على الدواء من تلقاء نفسي حوالي سنة وثلاثة أشهر إلى نهاية السنة الرابعة من الجامعة، وقمت بإيقافه بالتدريج.

الحمد لله لم أعان من أي أعراض لمدة سنة تقريبا، وتخرجت، وعملت في كذا وظيفة، لكن حدثت لي بعض الأحداث والمشاكل، وبدأت أشعر بعودة الأعراض مرة أخرى، وهي عدم الشعور بالواقع، مما جعلني أحزن لماذا عادت الأعراض مرة أخرى؟

الآن رجعت لدوائي مرة أخرى السيروكسات، وأخذت نفس الجرعة التي كتبها لي الطبيب منذ سنتين، وسؤالي: ما هو تشخيص حالتي بالضبط؟ حيث أني يوميا أتصفح باحثة في الأمراض النفسية، وأخشى أن أصاب بمرض نفسي خطير كالفصام أو الاضطراب الوجداني، حيث أن هذا الأمر معكر لصفو حياتي، وهو شعوري أني مريضة، وأني سوف أتناول الدواء مدى الحياة.

أريد تشخيص حالتي، وهل رجوعي للسيروكسات أمر صائب أم لا؟ ولو نعم إلى متى سوف أستمر على الدواء؟

علما بأني الآن أتناوله منذ 10 أيام.

وشكرا على الرد مقدما، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ yara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اضطرابات الهلع بصورة عامَّة والوسواس القهري قد تأخذ منحى طويل الأمد مع بعض المرضى، أي يستمر لفترات طويلة، وتأتي فترات تخف فيها الأعراض بدرجة كبيرة أو تختفي نهائيًا ثم ترجع مرة أخرى، إذا مرَّت بالشخص أحداث معينة، أو أحيانًا بلا أحداث وبلا أي شيء، ولذلك دائمًا نحن ننصح –خاصة في العلاج لأول مرة– بأن يستمر العلاج لفترة طويلة، أحيانًا لا تقل عن سنة، حتى يكون هناك أملاً في القضاء عليه وعدم رجوع الأعراض مرة أخرى.

فإذًا لا غضاضة –يا أختي الكريمة– في الرجوع إلى الدواء مرة أخرى متى ما ظهرت الأعراض، وعند كل نوبة يستحسن أن يستمر في تناول العلاج لفترة لا تقل عن ستة أشهر، ثم بعد ذلك يخفض بالتدريج.

والشيء المهم: عند رجوع الأعراض مرة أخرى يجب دائمًا التواصل مع طبيب نفسي، لأن الطبيب أدرى بسبب رجوع الأعراض، فقد تكون هناك أشياء تؤدي إلى رجوع الأعراض وأنت غير مدركٌ لها.

أيضًا الأمر الذي أحب أن ألفت نظرك إليه هو: جمع العلاج النفسي مع العلاج الدوائي، خاصة العلاج السلوكي المعرفي، إذْ وجد أن الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي يؤدي إلى نتيجة أفضل، وثانيًا: العلاج السلوكي المعرفي يؤدي إلى استعمال جرعة أقل من الأدوية، وثالثًا –وهذا هو المهم في مثل حالتك– قد يؤدي الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي إلى عدم رجوع الأعراض مرة أخرى، أي أن العلاج السلوكي المعرفي قد يؤدي إلى عدم رجوع مرة أخرى بعد التوقف عن الدواء.

لذلك المتابعة مع طبيب نفسي أمر مهم، والطلب منه أن يحوّلك إلى معالج نفسي لعمل جلسات علاج سلوكي معرفي، مع الاستمرار في الدواء لفترة معقولة، وبإذن الله هذا يساعدك في عدم رجوع الأعراض.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً