الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدقق في كل شيء وأركز في كل المواضيع وأعطيها أكثر من حقها!

السؤال

السلام عليكم
أنا شاب، أبلغ من العمر 45 سنة، قضيت معظمهما بقلق لا طائل منه، كنت أركز كثيراً في كل المواضيع، وأعطيها أكثر من حقها، مما زاد من ضغوطي وسرعة غضبي، وبالتالي كثرة الخطأ في الأفعال والقرارات، علما بأني لا أبدأ بالخطأ، وجميع انفعالاتي عبارة عن ردود أفعال، حيث إنني أبتعد عن المشاكل لعلمي أنها ستأخذ مني كماً كبيراً من التفكير والتركيز.

وبطبعي أميل لعدم كثرة الاختلاط، لأن ذلك يجلب المشاكل، ولا أستطيع التكيف مع الظروف بما يتماشى معها، وبدأ هذا الميل يأخذ شكل الانطواء، وحب البعد عن الناس لكثرة الأذى منهم، وطبعي صريح، ويظهر ما بداخلي على وجهي عند مواجهة الآخرين، وأعاني معاناة شديدة في العمل من كثرة الكذب والمكائد والمداهنة، وإظهار عكس الباطن، وكل موقف أو حادث أتعرض له يقلب كياني، وأستصحبه معي للمنزل، ولا أتوقف عن التفكير فيه.

انفصلت عن زوجتي دون طلاق حفاظا على الأولاد، وذلك بسبب التنافر والتباين في الطباع، فعلى سبيل المثال: كنت لا أحبذ كثرة الخروج والفسح للأولاد، لأنني أحمل هم إيجاد مصف خاص لسيارتي، وأبقى قلقاً عليها، ويقتل ذلك القلق متعة خروجي مع زوجتي وأولادي، كما أنني دقيق في عملي، وأمور البيت كلها من نظام ونظافة، بعكس زوجتي تماماً.

كنت أتناول من تلقاء نفسي دواء موتيفال بعدما قرأت في موقعكم النير أنه عقار آمن جدا، وكنت أتناوله عندما أشعر أن وتيرة القلق قد زادت، وما يصاحبها من اكتئاب وضيق، والإحساس بالخمول وعدم استطاعة عمل شيء، ولكنه غير موجود في السوق المصري منذ عدة أشهر، فما رأيكم بحالتي؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمعظم ما قلتَه سمات لشخصيتك، وهذه الشخصية التي تنتمي إليها كثيرة، وهي -كما ذكرت- تمتاز بالتدقيق في كل شيء، والانفعال إذا لم يعجبك أمر، المثالية نوعًا ما، وعدم المرونة، ولذلك هذه الشخصية تتجنب الاحتكاك مع الناس، لأنهم يهتمون بالتفاصيل، ويريدون أن يسير كل شيء على ما يرونه هم، ويحملون همًّا للأشياء الصغيرة، وهذا واضح من المثل الذي ضربته في قصة المواقف، إذا خرجت مثلاً للفسحة فإنك تحمل همَّ المواقف، وهمَّ السيارة، ولذلك لا تستمتع بالفسحة وبالتنزُّه، ولو كان كل الناس -أخي الكريم- مثلك لما خرج شخصٌ من بيته، هذه الحياة مليئة بالضغوط خاصة في المدن الكبرى.

نعم الموتيفال يُساعد، وطبعًا كما تعرف إنتاجه الآن قد توقف في كل الدول وحتى في مصر، ولكن هناك حبوب أخرى اسمها (ديناكسيت) قد تكون بديلة للموتيفال، وتساعد في التهدئة، ولكن -يا أخي الكريم- أرى أن علاجك الأمثل هو العلاج النفسي، فأنت تحتاج إلى علاج نفسي على مدى طويل، جلسات أسبوعية، جلسة مدتها ساعة في كل أسبوع، مع معالج نفسي يُساعدك في عملية التغيير، والتغيير يبدأ منك من داخلك، ولكن تحتاج إلى مساعدة خارجية.

التغيير مهم، لأنه واضح أثَّر عليك في الزواج والعمل، ولذلك تحتاج إلى التخلص من السمات السلبية، وتثبيت السمات الإيجابية، ولا يتم هذا إلَّا عن طريق علاج نفسي طويل، وأنت الذي ستغيِّر نفسك ولكن بمساعدة معالج نفسي، والحبوب ما هي إلًّا مساعدة لأعراض التوتر والغضب والنرفزة، ولكنها لن تُحدث التغيير، التغيير يأتي بالعلاج النفسي الطويل.

وفقك الله، وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً