الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المشاكل مع الناس أفقدتني الثقة بهم

السؤال

مشكلتي هي تكمن في علاقاتي بالآخرين، فمشكلتي أنني مررت بكثير من الظروف الصعبة أدى الكثير منها إلى فقدان الثقة في الآخرين! فأكثر من مرة يتخلى فيه عني أقرب الناس إلى، أو أصطدم بحقائق أن ليس كل ما تراه العيون صادقا، وليست كل المشاعر صادقة! سواء في صلة الرحم، أم الصداقة، وهما أصدق صلتين تستطيع الجمع بين الناس دون أي أغراض أخرى!

ربما ذلك جعلني لا أستطيع أن أثق في الآخرين، أو أثق في مشاعرهم تجاهي؛ فأصبحت علاقاتي بالآخرين متوترة، وغير قادرة على إقامة علاقات صداقة، أو حتى السماح بتصديق أن أي إحساس تجاهي من زميلاتي أنه إحساس صادق!

ربما أيضاً ظروف كثيرة مررت بها لا يتسع المجال لذكرها وضعتني دائماً تحت ضغوط نفسية؛ ربما أدت إلى الرغبة في الابتعاد عن الناس أحياناً، والاستسلام للضيق والحزن أحياناً أخرى!

أعرف أن كثيراً مما مررت به أكسبني الكثير من الخبرات، ربما لم أكن لأكتسبها في سني، لكن أيضاً صنع بداخلي نواح كثيرة من الضعف! لكنني أتمنى لو أتخلص منها! أتمنى لو أعيش بلا قلق، أو ضيق بداخلي! وأن تصبح علاقاتي بالآخرين سوية! لكن بقدر ما أريد ذلك بقدر ما أشعر أنه صعب، أو ربما لا أعرف الطريق للوصول إليه! فكيف أستعيد صلتي بالناس التي أفسدها عدم الثقة والتوتر؟

ربما أنني لا أعرف الطريق، لكنني أحاول أن أجده، وأتمنى لو تساعدونني في إيجاده؛ فقد تعبت من نفس أعياها الاستسلام والعزلة، وأتمنى لو أنجح في كسر تلك الحواجز!


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Y حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تتحدثي عنه هو سمة من سمات شخصيتك؛ فالناس فطرياً يتفاوتون في درجة قبولهم للآخرين، وربما يصل الأمر إلى مرحلةٍ مرضية، حيث يكون الإنسان إسقاطياً، ويرمي الآخرين بكل إخفاقاته، ويصبح قليل الثقة بهم، كما أنه ربما يلجأ إلى سوء التأويل في كثيرٍ من الحالات.

لا نستطيع أن نقول إن هذا مرض نفسي قطعاً، ولكنه ظاهرة نفسية، ويمكن التغلب عليها باتخاذ خطوات عملية، كالاختلاط بالناس دون حسب النتائج التي سوف تترتب على هذا الاختلاط، كما أن توقعاتك حيال الآخرين لابد أن تكون متواضعة، بمعنى أن تتوقعي تصرفاً سلبياً في الوقت الذي يجب أن يكون فيه التصرف إيجابياً من الطرف الآخر.

يمكن أن تبني بعض العلاقات في الخيال، بمعنى أن تتأملي أنك قد تعرفت على إنسانٍ ما، وتأرجحت علاقتك بينك وبينه ما بين الثقة وفقدانها، ثم بعد ذلك قمت بتحليل شامل للأمور التي كنت لا تثقين فيها في هذا الشخص، ووجدت أنك على حق، فمثل هذه التمارين الذهنية البسيطة سوف تعمق إن شاء الله من قبولك للآخرين، ولكن كما ذكرت المهم هو الاندماج الفعلي مع الناس دون أن أحسب النتائج .

الشيء الآخر هو: أن تسترشدي بما أتى في الشريعة الإسلامية الغراء السمحة، والتي تحثنا على أن نحسن الظن بالآخرين، ونحتسب الأجر عند الله حين يقع علينا ضرر منهم، فهذا في حد ذاته سوف يجعل العقليات المندرجة تحت اللاوعي تتقبل الآخرين بصورةٍ أفضل، وسوف ينعكس بعد ذلك إيجاباً على اللاوعي لديك.

لا تخلو مثل هذه السمات من وجود قلق، وربما عسر مزاج أيضاً، ولذلك أود أن أصف لك دواء يعرف باسم استالزين Stelazine، وجرعته هي1 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر .

نرى أيضاً أن الانضمام للجماعات والجمعيات الاجتماعية والخيرية، وكذلك حضور حلقات العلم والتلاوة، سوف يحسن من ثقتك بالآخرين.

وختاماً: لا بأس أن يكون لك الاستعداد لقبول درجةٍ معينة من الشك في مقاصد الآخرين حيالك، فهذا شيء غير مرفوض، وهو يعتبر واحدا من الدفاعات النفسية الحميدة في كثير من الأحيان، بشرط أن لا يُستعمل ذلك بإسراف، وهو وسيلة من وسائل حمايتنا وتحديد علاقاتنا بالآخرين.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً