الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أرغب في الزواج، لكنني أحتاج إلى رجل يساندني في الحياة، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أطرح مشكلتي عليكم، طالبة منكم النصح والمشورة والتوجيه.

أنا -بفضل الله تعالى- متعلمة، وما زلت طالبة علم، اقتربت من سن الخامسة والثلاثين، وما زلت أخشى الإقدام على الزواج، رفضت كل من تقدم لي، ولما راجعت نفسي بحثا عن الأسباب وجدت أني أشمئز من العبارات الجنسية التي تمر بي فأقرأها في المواقع، أو وسائل التواصل، وأيضا لا أرغب في الجنس، ولا الأمومة، ولا أحب أن أكون تحت سلطة رجل يتحكم بحياتي، وربما يحولها إلى جحيم.

وما دامت هذه هي الحال، فسأظلم الرجل الذي سأرتبط به، أو سأظلم نفسي بإجبارها على ما تكرهه، ففكرت بالزواج من عقيم كي لا أنجب، أو معدد كي لا أراه دائما، ولا تهمني نظرة المجتمع لي بأني عانس، لكن في الواقع، فالحياة تتطلب أنْ يكون هناك رجلا أستند عليه.

فماذا ترون؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حلم وأمل سعودية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أحييك -أيتها العزيزة- وأحي فيك طموحك في طلب العلم, فكم نحن بحاجة إلى مثل هذا الطموح لنلحق بركب التقدم والحضارة.

وسأبدأ ردي عليك من حيث انتهت رسالتك فأقول لك: بالفعل إن الإنسان ذكرا كان أم أنثى, بحاجة إلى شريك وأنيس في حياته, ولهذا شرع الله عز وجل لنا الزواج, فالهدف من الزواج هو ليس فقط التناسل والتكاثر, رغم أن هذه حاجة وغريزة هامة بدون شك, لكن الهدف أيضا هو توفير الأنس والسكينة لكلا الزوجين, وهي حاجة لا تقل أهمية, بل قد تكون هي الأهم, والعلم عند الله عز وجل.

لذلك -يا ابنتي- أدعوك للنظر إلى الزواج على أنه علاقة إنسانية راقية بين شخصين, وليس على أنه علاقة جنسية فقط بينهما, علاقة يفترض أن تحقق لك الأنس والسكينة, لا التسلط والعدوانية، علاقة تنمي طموحاتك وتبلورها ولا تتعارض معها.

فإذا نظرت للزواج من هذا المنظور الإيجابي, ستجدين بأنك قد غيرت الكثير من الأفكار السلبية التي تسيطر على ذهنك, وأولها عدم رغبتك بالإنجاب، فعدم رغبتك في الإنجاب هو نتيجة لكل هذه الأفكار السلبية, وعندما يوفقك الله عز وجل بالزوج المناسب، والذي يقدرك ويحبك ويكون مستعدا لدعمك ومشاركتك طموحك, ستجدين بأن مشاعر الأمومة قد تحركت عفويا في داخلك, وأنك أصبحت راغبة في الإنجاب منه, فالأمومة غريزة كامنة تحتاج إلى جو مناسب حتى تبزغ, وعندما تصبحين أما -إن شاء الله تعالى- ستستغربين من نفسك, وكيف فكرت يوما في التردد في الزواج والإنجاب.

إذا -يا عزيزتي- إن الخطوة المهمة لحل مشكلتك تبدأ في اختيار شريك مناسب لشخصيتك الطموحة, وحين يتقدم لك من ترضين دينه وخلقه, فإنني أنصحك بأن تتحدثي معه بوضوح وصراحة عن طموحاتك، وتفهميه بأنك راغبة في إتمام مسيرتك العلمية والعملية, ومن يدري فقد يحالفك الحظ فتلتقين مع من يقدر طموحك ووجدك ويشجعك على تنميتها بأسرع مما تتخيلين, فليس كل الرجال متعنتون, وليس كلهم ينظرون بنظرة سلبية لعمل المرأة وتعلمها.

ونصيحتي لك أيضا هي بألا تسمحي للتجارب السلبية للمحيطين بك بالتأثير عليك, فاختلاف الشخصيات يؤدي حتما إلى اختلاف النتائج, وقد تنجحين أنت في ما أخفق فيه الكثيرون.

إن الإنجاز هو من صفات الأناس الطموحين مثلك، وعندما يجتمع الطموح مع المسؤولية, سيكون الإنجاز أعظم, وكلي ثقة في أنك ستكونين نموذجا مثاليا للزوجة والأم, ففكري جيدا، واجتهدي في اختيار شريك حياتك.

أتمنى لك كل التوفيق -إن شاء الله تعالى-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً