الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من مواجهة الناس، ولا أقدر على إدارة أي حوار، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 22 سنة، وهذه الأعراض بدأت معي من عمر 16 سنة، قبلها كنت طبيعية جدا ولا أعاني من شيء، فأنا جبانة وأخاف من أبسط الأشياء، فأنا لا أستطيع التحدث مع أحد على التليفون أتوتر بشدة لدرجة لا أقدر على الجلوس، وأعرق بغزارة، ويدي ترتعش ونبضات قلبي تتسارع بشدة، وأحس بخوف شديد، وصوتي يتحشرج، ومعدتي تؤلمني، ووجهي يحمر، وأخاف من مواجهة الناس، وإذا حدث وتكلمت مع أحد، أصاب بالأعراض المذكورة، ولا أجد موضوعا أتكلم فيه، فأبقى صامتة، وإذا تحدث أحد معي أرتبك وأتلعثم، وريقي يجف، والكلام يخرج غير مفهوم، لدرجة أن المستمع يطلب مني إعادة الكلام، حتى أن الجميع ابتعد عني، والناس يملون مني، وليس عندي صديقات.

عند إدارة الحوار أبدأ بمراجعة الكلام في رأسي، وأكرره أكثر من مرة في داخلي، وكل ذلك ينتج عنه ارتباك وتلعثم عندما أشرع في الكلام فعلا، وقد حاولت أكثر من مرة التخلص من هذه العادة، ولكنني لا أستطيع، لذلك توقفت عن الحديث مطلقا مع الناس، لدرجة أنني لا أستطيع حتى طلب الطعام فمثلا إذا كنا أنا وعائلتي في مطعم لا أستطيع التحدث وطلب الطعام الذي أريده، ودائما أهمس لأختي، وهي التي تقوم بطلب الطعام لي. 

لا أستطيع الدفاع عن حقي وأخاف من كل الناس حتى أني أخاف من الأطفال، فإذا قام أحد حتى لو كان طفلا برفع صوته علي لا أقدر حتى أن أرد عليه، وبسبب هذا الموضوع تنازلت كثير من حقي، وأشعر أنني جبانة و لا أستحق العيش في هذه الحياة، وإذا كنت أمشي في الشارع أشعر أن الناس كلها تراقبني، وأتوتر ولا أستطيع المشي بطريقة مستقيمة. 

بمجرد خروجي من البيت تأتيني الأعراض السابقة من احمرار الوجه والرعشة والتعرق الغزير وألم في المعدة وزيادة سرعة ضربات القلب، وتوتر شديد وتحشرج الصوت، لدرجة أنني الآن أصبحت ملازمة البيت ولا أخرج منه أبدا مما سبب لي زيادة في الوزن.
 
قد قرأت على موقعكم الكريم أن هذه أعراض الرهاب الاجتماعي، وأمي تعاني من بعض هذه الأعراض، فهل هي تتوارث؟ أيضا إذا كان فعلا وراثي، هل من الممكن أن أتخلص منه نهائيا؟ وكيف؟ وما العلاج الدوائي المناسب لحالتي؟ أرجو منك دكتورنا الفاضل أن تكتب لي الجرعة بالتفصيل، لأني في حالة يرثى لها، وأريد أن أعيش حياة طبيعية ولا أكون عالة على أمي، أريد أن أعتمد على نفسي، وأفعل أشيائي بنفسي دون خوف، وأجعل أمي فخورة بي، وأريد أن يكون لدي أصدقاء لأني سئمت من كوني وحيدة بلا أصدقاء. 

وقد جربت بعض طرق العلاج السلوكي الموجودة في موقعكم، والمواجهة الاجتماعية وتحقير الفكرة، ولكنها لم تجدي نفعا، ولم تزول الأعراض عني، أيضا لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي بسبب حالتنا المادية، أرجو منكم إفادتي، وجزاكم الله خيرا على مجهوداتكم الرائعة. 

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما تعانين منه فعلا هي أعراض الرهاب الاجتماعي، مع بعض سمات الشخصية الوسواسية، وفيها الشخص يكون غير تلقائي، ويوزن أي شيء قبل التحدث، وطبعا قد يكون هذا مفيدا في الأشياء الجادة، ولكنه يحول الحياة الاجتماعية إلى صعوبات، العامل الوراثي مهم، ويلعب دورا، ولكن هناك عوامل حياتية أخرى مهمة.

بالنسبه للعلاج الدوائي: هناك أنواع كثيرة وفعالة، ومنه السبراليكس، ابدئي بعشرة ملجرام، نصف حبة ليلا، لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك حبة كاملة، وسوف يحدث مفعولا بعد ستة أسابيع، ولكن يجب أن تستمري عليه لفترة 6 أشهرعلى الأقل، ويجب عليك أن تستمري في العلاجات السلوكية مع الدواء؛ لأن الجمع بين الاثنين أفضل ولا تيأسي، و-إن شاء الله- ستختفي هذه الأعراض.

وفقك الله، وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • للت

    شكراً

  • السعودية مريم

    الله يرحم ضعفك ويساعدك

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً