الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دخلت في نوبة هلع مفاجئة وأشعر بغصة في حلقي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا شاب بعمر 28 عاماً، طول 170 وزن 54، منذ سنتين دخلت في نوبة هلع مفاجئة، وبعدها شعرت بغثيان واستفراغ وبرودة قوية، ذهبت إلى مستشفى وتبين أن لدي جرثومة معدة.

صرف الطبيب أربعة أدوية، كبسولات، استمريت على الدواء لمدة أربعة أيام، وفي رابع يوم لم أستطع حتى شرب الماء من الاستفراغ.

ذهبت إلى الطبيب مرة أخرى وقال: إنك لم تتقبل الأدوية، وعليك أن تتحملها، لم أقتنع بكلامه، وذهبت إلى مستشفى كبير، وذهبت إلى استشاري الجهاز الهضمي، وقال: نعمل منظاراً للتأكد، وبعد عمل المنظار وسحب العينات قال: لا يوجد عندك أي جرثومة، وتشخيصك الأول كان خاطئاً، لديك ارتجاع بسيط والمريء تحسسي، والنوبة التي أتتك هي نوبة هلع، وليس لها علاقة بالجرثومة.

صرف لي (نكسيوم nexium) 40 جراماً، حبة على الريق، ودواء آخر (سيروتيدات) 250 نقطة أضعها على لساني وأبلعها مرتين في اليوم، وبعد أسبوع من العلاج تحسنت كثيراً حتى أنهيت الكورس العلاجي لمدة شهرين، وبعدها اختفت الأعراض تماماً، ولله الحمد.

توقفت عن العلاج بعد شهرين، ومضت سنة ونصف وأنا لا أعاني من شيء أبداً، بعد مضي هذه المدة بدأت أشعر بغصة في الحلق لا تذهب! أشرب ماء ولا يوجد شيء، ولكن أحس بشيء عالق بحلقي لا يزول، وطول هذه المدة التي مضت قبل الإحساس بالغصة كنت محطماً داخلياً، وأشعر بحزن وسريع الغضب، وأشعر بخوف من السفر وحدي، ولم ألق لها بالاً.

بدأت الغصة بالحلق ورجعت لنفس الدكتور عمل منظاراً مرة أخرى وقال: إن التحسس المريئي ممتاز لديك، وكل شيء في وضعه الطبيعي، وعندك ارتجاع فقط، وصرف لي دواء (لانزور Lanzor) 30 جم حبة صباحاً وحبة مساء، ولا زالت الغصة موجودة!

استمريت على دواء (لانزور) لمدة شهرين، وراجعت الدكتور وشرحت له بأن الغصة لا زالت موجودة، وعمل لي فحصاً أعتقد يسمى (موتيلتي motility)، عبارة عن سلك يدخل عبر فتحة الأنف إلى المريء، وأشرب ماء كل فترة.

بعد الفحص قال: إن عضلات المريء حركتها طبيعية، ولا يوجد شيء، ومشكلتك هي توتر عصبي فقط، وصرف لي (لانزور) 30 جم، لأجل الارتجاع، ودواء (اميتريبتيلين Amitriptyline) 10 جم حبة قبل النوم، وقال: بعد ثلاثة أشهر لديك مراجعة.

لي أسبوعان على الدواء، ولم أشعر بأي تحسن، ولا زلت أشعر بالغصة، ونكد الحياة، خصوصا إذا أكلت الرز أعاني معاناة شديدة، حيث أشعر بأن حبات الرز عالقة بحلقي.

كان وزني 63 وصرت 54، وأخاف من الأكل، ولماذا تشتد الغصة مع الرز؟!

أرجو إفادتكم لي، وما هو رأيكم وأرجو أن توجهوني، لأني في حيرة من أمري، ولكم جزيل الشكر، وبارك الله فيكم على جهودكم، ووفقكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، واستشارتك واضحة جدًّا، وهي ذات علاقة باستشارتك السابقة والتي رقمها (2298516).

أخِي الفاضل: أنت أحسنت بأن ذهبت إلى الطبيب المختص، وقام بفحصك وإعطائك العلاجات اللازمة، وأنا أقول لك: إن المكوِّن العضوي قد تمَّ علاجه تمامًا، لكن المكوِّن النفسي لم يتم علاجه، فشعورك بالغصة هذه وعدم التحسُّنِ ناتج عن التوتر وعن قلق المخاوف الذي تعاني منه، وقد أشار الأطباء إلى ذلك.

أيها الفاضل الكريم: يجب أن يُعالج الجانب النفسي، والجانب النفسي يُعالج من خلال أن تعرف أنك لا تعاني من علة خطيرة، هذا مهمٌّ جدًّا، القلق يُولِّد الوسوسة، والمخاوف أيضًا تُولِّد الوسوسة، وهذا يجعل الإنسان في حالة الانشغال التام بأعراضه، ممَّا يزيد من حِدَّتها وشدتها، فاطمئن أن الحالة بسيطة.

حاول أن تتجاهل هذه الأعراض وتصرف انتباهك عنها، وقد وجدنا أن ممارسة الرياضة من أفضل الوسائل التي تصرف الانتباه عن الأعراض الـ (نفسوجسدية Antipsychotic) من النوع الذي تعاني منه.

عليك بالتعبير عن ذاتك، لا تكتم – أخِي الكريم – الاحتقانات النفسية الداخلية دائمًا تنشأ من الكتمان، والتفريغ النفسي هو خير علاج، ووسيلة للتخلص من هذا.

أحسن إدارة وقتك، واجعل لنفسك أنشطة متعددة، وضع لنفسك برنامج حياة واضحة تسير عليها حتى تُحقق أهدافك -إن شاء الله تعالى.

أود أن أبشرك أن العلاجات المضادة لقلق المخاوف الوسواسي ذات فائدة عظيمة جدًّا في علاج هذه الحالات، يمكنك أن تستشير طبيبك حول هذه الأدوية.

الطبيب أعطاك عقار (امتربتلين Amtriptyline) بجرعة عشرة مليجرام قبل النوم، وهو دواء لا بأس به، لكن قطعًا الجرعة صغيرة، وقد لا تتحمل الجرعات الكبيرة.

الدواء أكثر تخصصيَّة ونفعًا وفائدة لك هو الـ (زولفت Zoloft)، كما أن الـ (سبرالكس Cipralex) أو الـ (سيروكسات Seroxat) كلها أدوية جيدة ومفيدة.

أنا أفضل الزولفت والذي يسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline)، وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى.

الجرعة التي تبدأ بها نصف حبة، خمسة وعشرون مليجرامًا، تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة ليلاً لمدة أربعة أشهر.

هذه هي الجرعة الوقائية، بعد ذلك ابدأ في التخفيض التدريجي للدواء، واجعله نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة ليلاً يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

الزولفت دواء رائع وسليم، ربما فقط يفتح شهيتك قليلاً نحو الأكل، فيجب أن تتخذ المحاذير اللازمة إن حدث لك شيء من هذا، والدواء أيضًا بالنسبة للمتزوجين قد يؤخِّر قليلاً القذف المنوي عند الجماع، لكن قطعًا لا يؤثِّر على ذكورة الرجل أو صحته الإنجابية.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكر لك التواصل مع استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً