الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يعشق الروتين ويرفض السفر والتغيير.. هل به مرض نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله أوقاتكم بكل خير.

زوجي رغم إنه إنسان طيب وحنون، إلا أنه يعشق الروتين بشكل مزعج جدًا في كل شيء، يرفض تجديد المنزل رغم مرور14 عامًا منذ سكناه، لا يحب الخروج من المنزل، حتى ملابسه القديمة لا يغيرها بسهولة، وأكثر ما يزعجني أنه يرفض السفر تمامًا، يمر العام أو العامان دون سفر، وربما أكثر وكل من حولي يسافرون كثيرًا خارج البلد، أشعر بأنني أعيش بجيل غير جيلي، أنا وأطفالي نشعر بالنقص.

أتمنى أن يفاجئني برحلة أو يوافقني على الأقل، أطلبه وأصر على أن نذهب لأي مكان للاستجمام، وأبكي كثيرًا، يرفض غالبًا، ونادرًا يوافقني، ثم نذهب للعمرة بروتين معين في 5 أيام، ونعود رغم أن ظروفه المادية جيدة، هذا يكون في العام أو العامين.

يرفض حتى الأماكن القريبة من مدينتنا التي تبعد 200 كيلو، وإن ذهبنا لمكان قريب يصر على أن يعود للنوم في المنزل، رغم أنني أعرض عليه أن أدفع تكاليف السكن، هل يمكن أن يكون يعاني من مشكلة نفسية تمنعه من السفر.

مللت من هذا الوضع، ومتأملة أن أجد حلا عندكم، مع العلم أننا سبق وأن تعالجنا كلانا من اكتئاب ويعود من فترة لأخرى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هنوف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فردًا على استشارتك أقول:
- إن من فضل الله عليك أن زوجك طيب معك وحنون عليك، فما أكثر من تشتكي من قسوة زوجها في معاملتها وجفائه، فتذكري أن هذه نعمة من نعم الله عليك، ولئن شكرت الله على ذلك لزادك من فضله، فالتفتي لصفات زوجك الجميلة، ونقبي عنها، وغضي الطرف عن بعض الصفات السلبية تعيشي بسعادة.

- طبائع الناس تختلف من شخص لآخر، فمنهم من يعشق الروتين كما قلت، ومنهم الفوضوي المزعج، ولا شك أن خير الأمور الوسط، ولا بد أن تتكيفي مع زوجك مع محاولة إصلاحه برفق ولطف، ولعل منزلة الزوج في الإسلام معروفة عندك، وكذلك أنت لك منزلتك الرفيعة، وتذكري وصية تلك المرأة التي أوصت ابنتها، وهي تودع ابنتها إلى بيت زوجها.

- تجديد المنزل ينبغي أن يكون فيه توسط حتى لا يصير رب البيت مسرفًا، وتجديده يعد من باب إظهار نعمة الله، ففي الحديث: (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)، وهذا التجديد يحتاج منكما إلى تفاهم وترتيب من وقت مبكر ووضع الميزانية المناسبة لهذا التجديد ضمن الميزانية الشهرية، فتجمع إلى وقتها ويمكن أن تقومي أنت بالمهمة دون أن تتكلمي معه فلا يشعر إلا وقد أحدثت التغيير.

- أنت تشتكين من زوجك أنه لا يحب الخروج من المنزل، وهناك من تشتكي من زوجها أنه لا يأتي للبيت إلا للأكل أو النوم بعد منتصف الليل، والذي أراه أن بقاء الزوج بعد ساعات شغله في البيت مع زوجته وأبنائه صفة إيجابية تحسدين عليها.

- هنالك بعض الناس يسيء التصرف ويسرف في مأكله ومشربه وملبسه فيرمي بملابسه، ولا تزال جديدة ولا أدري ماذا تقصدين من قولك: (ملابسه القديمة) إن كانت لا تزال الملابس تليق به ولا يتكلم الناس عنه فلم تريدين منه أن يرميها ويغيرها؟ وإن كنت تقصدين أنها صارت لا تليق به والناس ينتقدونه على ذلك، فلك الحق في ذلك، ولكن يعالج الأمر بهدوء ورفق، وأظهري لزوجك أن مقصدك هو أن تظهريه بالمظهر اللائق، وحتى لا يتكلم الناس فيه ويتهموه بالبخل.

- كثير من الناس يعبثون بأموالهم بالسفريات إلى بلاد الكفر، والتي تكلفهم عشرات الآلاف من الدولارات، وكان بإمكانهم أن يصيفوا في بعض مناطق بلادهم أو بعض بلاد المسلمين، ولفترة معقولة بحيث يستجمون من ناحية، ويستفيدون من تلك الرحلات ويستعيدون نشاطهم للعمل، فالمسلم مسئول عن أمواله، كما قال عليه الصلاة والسلام: (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ... وذكر منها عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه)، وما تحتاجينه هو التخطيط المسبق للرحلات بحيث يكون بالاتفاق مع زوجك، ولا تفاجئيه مفاجأة.

- لا تكبري مثل هذه القضايا وتجعليها تؤثر على علاقتك بزوجك، فالسفر ليس من الضروريات التي لا يعيش الإنسان إلا بها، بل هو من التحسينات فلو لم تسافروا لسارت الحياة بشكل طبيعي ولم تتضرروا.

- لا تقارني نفسك بغيرك بل انظري إلى من هو أدنى منك، فذلك أجدر ألا تزدري نعمة الله عليك، فلو بقيت تقارني نفسك بمن حولك لن تستقر حياتك مع زوجك أبدًا.

- تقربي من زوجك أكثر وتوددي إليه، وقومي بخدمته وتجملي له، وأحسني في استقباله وتوديعه، واثني عليه، وادعي له كلما قدم لكم شيئًا، وتحيني الوقت المناسب لطلباتك، فذلك أدعى للموافقة، واجعلي أولادك، وخاصة من يتعلق بهم يطلبون منه تلك الطلبات، فلعل ذلك يؤثر على قلبه.

- خططوا للرحلة قبل خروجكم بحيث تحددون المكان والوقت الذي ستقضونه ولا تجعلوها مرتجلة؛ لأن الارتجال هو الذي يفسد عليكم الرحلة، ويجعل زوجك يطلب منكم الرجوع في نفس اليوم.

- هذه القضايا تحتاج إلى ممارسة، ولا تأتي مرة واحدة، فالكرم مثلا لا يأتي دفعة واحدة، ولكن مع التعود يصير المرء كريمًا، كما أن الحلم لا يأتي دفعة واحدة، بل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحلم بالتحلم)، فابدؤوا بالأماكن القريبة شهريًا مثلا بحيث ترجعون البيت بنفس اليوم، ثم تنامون ليلة واحدة فقط، وهكذا بالتصاعد سيصير الأمر يسيرًا ومعتادًا بإذن الله.

- يمكنك بطريقة ذكية وحكيمة أن تتعرفي على أسباب رفضه للسفر، وإذا عرف السبب بطل العجب وأمكن إصلاح العطب بإذن الله.

أسأل الله تعالى لك التوفيق والسعادة إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية ام عبدالرحمن

    سبحان الله وكانك تحكي حالتي
    نفس معاناتي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً