الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس القهري يلازمني، فهل الأدوية النفسية تعالجه فعلاً؟

السؤال

السلام عليكم

أعاني من القلق والتوتر منذ أن كنت بعمر 17 سنة حتى الآن وأنا بعمر 28 سنة. مررت بلحظات جميلة في حياتي في هذه الفترة، بسبب الدواء، ودائماً ما كان الوسواس القهري يلازمني.

عندما استشرت الطبيب أول مرة نصحني بعقار سيتولبرام 20 مع، أخذت الدواء وكانت حالتي جيدة، والمشكلة الوحيدة كانت الوسوسة التي اعتدت عليها منذ الصغر.

عندما تأكدت من تحسن حالتي قررت ترك الدواء بدون استشارة الطبيب، وبعد فترة عادت نفس الأعراض، وقتها استشرت الطبيب مرة أخرى وأخبرته أن الجرعة في المرة السابقة لم تعالج مشكلة الوسوسة، فأعطاني نفس الدواء، ولكن بجرعة 40 مغ.

في هذه الفترة أحسست باستقرار نفسي لم أعهده من قبل، وكان كل شيء من حولي رائعاً.

بعد اختفاء الأعراض تماماً قررت ترك الدواء مرة أخرى بدون استشارة الطبيب، وعندما أحسست أن الأعراض بدأت ترجع شيئاً فشيئاً، قررت أخذ الدواء مرة أخرى بجرعة 20 مع، ومرة أخرى بدون استشارة الطبيب.

الأمور سارت على ما يرام إلى أن كنت جالساً في محاضرة وتكلم المحاضر عن العقاقير النفسية وأنها بدون فعالية، ويتوهم للشخص أنها ذات فعالية، وقتها أصبت بالذعر والخوف والتوتر.

استشرت الطبيب، وقال: إن هذا الكلام ليس صحيحاً، وزاد الجرعة إلى 40 مع، مرة أخرى، لكن كلام المحاضر دائماً كان ملازماً لي ولأفكاري.

قررت ترك الدواء بدون استشارة الطبيب وأصبت بانتكاسة مرة أخرى! ثم بدأت بأخذ الدواء بشكل منتظم مرة أخرى، ومرت ثلاثة أسابيع لكني لا أشعر بأي تحسن، أو ربما هنالك تحسن ولكن أفكاري تركز دائماً على الناحية السلبية.

صرت دائماً أفكر ماذا عساي أن أفعل إذا لم تساعدني هذه العقاقير؟! كيف بإمكاني تكملة حياتي بهذه الطريقة؟! صرت أعاني من توتر وقلق شديدين، ولا أحس أبداً بحلاوة الحياة، وأخاف دائماً من اليأس وانعدام الرغبة بالحياة، هل هنالك حل لحالتي؟

ساعدوني أرجوكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نعم هناك حل لمشكلتك وحالتك، وهذا الحل أثبت فعاليته من قبل، فلماذا لا يثبت فعاليته الآن؟! نعم إنك تعاني من أعراض اكتئاب نفسي ووسواس، وقبل ذلك تعاني من شخصية حسَّاسة وسريعة التأثُّر.

من ناحية منطقية: لا يمكن لشخصٍ أن يصدر حُكمًا عامًّا في مسائل خاصة، لا يمكن أن يقول: إن الأدوية النفسية لا فائدة لها حُكمًا مُطلقًا، وقد استفاد من هذه الأدوية ملايين الناس، ساعدتهم كثيرًا، والدليل أنها باقية حتى الآن، وتُصرف عليها ملايين بل بلايين العُملات، ولو كانت بلا فائدة لانصرف الناس عنها من زمنٍ بعيد ولتركوها، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: دائمًا نحن ننصح الذين يشعرون بالتحسُّن وتختفي الأعراض بأن لا يتوقفوا عن تناول الدواء بأنفسهم، التوقف عن الدواء يحتاج إلى إرشادات طبية مُحددة كبداية الدواء، مثل الرُّبان الماهر الذي يُقلع بالطائرة مستقرَّة في الجو ثم يهبط بها.

الشيء الأخير: ثلاثة أسابيع ليست كافية - كما تعلم - للحكم بعدم فائدة هذا الدواء، وأنت تركتَ الدواء، ثم رجعتَ إليه، أي أنك تحتاج إلى شهرٍ ونصفٍ أو شهرين حتى يُكمل فائدته وتبدأ معظم الأعراض تزول.

لذلك أرى أن تصبر، هذا الدوا كما عمل في البداية -إن شاء الله تعالى- يعمل معك الآن، فاصبر على تناوله، وعُد إلى الجرعة السابقة التي تحسَّنت عليها - أي أربعين مليجرامًا - واصبر قليلاً، وإن شاء الله تعالى تزول الأعراض.

أنصحك أيضًا بدعم هذا الدواء بعلاج نفسي، فأنت تحتاج إلى الاسترخاء، وتحتاج إلى علاج دعمي نفسي، فلو وجدتَّ معالجًا نفسيًا تتحدَّث معه، وتبثُّ إليه ما يعتمل في داخلك، فإن هذا مع الدواء سيكون أفيد، ويقال إن هذا يُدعم العلاج الدوائي، وقد لا تحتاج إلى تناول الدواء بعد ذلك إذا قمت بالعلاج النفسي.

إن تعاطي الأدوية مع العلاج النفسي أفضل من تعاطي الأدوية لوحدها.

وفَّقك الله وسدَّدك خُطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً