الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد انتقالي لمسكن جديد وحالنا يتحول من سيئ إلى أسوأ،ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا متزوجة، وعمري 28 عامًا، ولدي طفلة، وأشعر بأشياء غريبة؛ فعند انتقالي لمسكن جديد ضُيّق عليّ في الرزق، ويكاد أن يكون المحل الخاص بي توقف، وتراكمت الديون، وابنتي صارت تسقط على الأرض كثيرًا، وهناك ضربات في كل جسمها، كما أننا بِعْنا سيارتنا، وتوقف كل مصدر للرزق!

حلمت مرتين بحلمين، وفي الحلمين هناك رقية شرعية، وعين مرسومة على باب بيتي، وقراءة قرآن، وظهر شيخ في الحلم يقول: حتى تعرفي أن هناك أشياء موجودة، وظلّ يقرأ سورة الرحمن، وظهر أنها توجد عين على باب البيت، وفي الحلم الثاني هناك شيخ يرقيني، ويعطيني عسلًا من أجل أن أُشفى.

أنا خائفة! هل أرقي نفسي أو أبحث عن راقٍ؟ ولو بحثت لن أجد راقيًا.

أنا أصلي وأترك، وغير منتظمة في الصلاة.

أنوي -بإذن الله- في الأيام الآتية أن أنتقل من هذا البيت وأذهب إلى بيت آخر.

ماذا أفعل؟ ولكم الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ reham حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فردًا على استشارتك أقول:

1- الله –تعالى- يبتلي عباده بما شاء؛ لحكمٍ كثيرة؛ فمنهم من يبتليه بصحته، ومنهم من يبتليه بأولاده، ومنهم من يبتليه بالغنى وسعة الرزق، ومنهم من يبتله بالفقر وضيق الرزق؛ كل ذلك ليُظهِروا افتقارهم وشكرهم لله –تعالى-.

2- قد يصاب الإنسان بعين أو حسد أو سحر، وكل ذلك من أنواع الابتلاء، قال الله –تعالى-: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ}.

3- قد يُبتلَى العبد بسبب الذنوب والمعاصي التي ارتكبها ويرتكبها، قال الله –تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}، ومن أعظم الذنوب بعد الشرك بالله ترك الصلاة، وهو ما أنت واقعة فيه، فاتقي الله، وحافظي على الصلاة؛ فإنها مفتاح كل خير، وهي عمود الإسلام، وأول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة، وصمام أمان لصلاح الأعمال، يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله).

4- عليك بتقوى الله ومراقبته في السر والعلن، والسير بموجب كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وعليك بكثرة الاستغفار، فإن تقوى الله والاستغفار من أسباب جلب الرزق، قال الله –تعالى-: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، وقال الله -تعالى-: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ*وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}.

5- عليك بالرقية الشرعية، فارقي نفسك وابنتك بما تيسر من القرآن الكريم والسنة النبوية، كسورة الفاتحة والمعوذتين والإخلاص وآية الكرسي، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة وأي شيء من القرآن العظيم؛ فالقرآن كله شفاء، كما قال الله –تعالى-: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}.

6- ما أنت فيه أمر مقدر عليك من قَبْل أن يخلقك الله –تعالى-، وكل أمور الكون تسير وفق قضاء الله وقدره، لا يتخلف من ذلك شيء، قال الله –تعالى-: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء).

7- عليك بهذه الأدعية الثابتة عن نبينا -عليه الصلاة والسلام-، فإنها من أسباب قضاء الدين والغنى من الفقر:

أ- ما كان يأمر به نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- أصحابه، وهو أمر لأمته، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُنَا إِذَا أَخَذْنَا مَضْجَعَنَا أَنْ نَقُولَ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ؛ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ).

ب- قوله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ -رضي الله عنه-: (ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثلُ جبلِ أُحُدٍ دَيناً لأداه الله عنك؟ قل يا معاذ: اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير، إنك على كل شيء قدير، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، تعطيهما من تشاء، وتمنع منهما من تشاء؛ ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك).

أسأل الله –تعالى- أن يبدل حالك إلى الأفضل، وأن يسمعنا عنك خيرًا؛ إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً