الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت شاباً وأتمناه زوجاً لي، بماذا أدعو الله تعالى ليتحقق ذلك؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة أدرس بالجامعة، تعرفت على شاب عندما كنت في المرحلة الثانوية، كل منا يعرف الآخر منذ طفولتنا لكنني دائما كنت أعرف أن هذا التصرف خطأ؛ لأنه لم يبنى على طاعة الله، لكنني كنت أتجاهل هذا، وأدعو الله دائماً أن يوفقني إلى ما يحب ويرضى، ثم في المرحلة الجامعية قال لوالداه، ولقي قبولاً.

كذلك فعلت أنا لكن مع تأجيل الموضوع إلى أن يحين وقته، ولكنني قبل ذلك أصبت بفترة من الاكتئاب والوساوس القهرية بأن الله لن يرضي عني، وأشياء كثيرة من هذا القبيل بالنسبة للدين وغيره، كما قلّ تحصيلي الدراسي وتوقفت عن كل شيء.

أصبحت أشعر بنفور من كل شيء، لكنني -بفضل الله تعالى- وتقربي إليه قاومت هذه الوساوس، وكنت لا أتحدث لهذا الشاب منذ فترة طويلة، لكنه طلب ذلك فوافقت، وأراد أن يأخذ مني عهداً أن أوافق عليه عندما يحين وقتها -إن شاء الله- فوافقت، وأنا على يقين أن كل هذا سيحدث بمشيئة الله تعالى.

أخذ كل منا عهداً من الآخر أن يتقرب إلى الله تعالى، لكنني أكون خائفة من هذا العهد، وأتذكر أحياناً أن هذا الشاب عندما كان في الخامسة عشرة من عمره تقريباً كان يعرف فتاة، وقد كانت هذه مرحلة عابرة وندم عليها، ولكنه لا يريد أن يكمل مع هذه الفتاة خوفاً من أن يظلمها؛ لأنه كما قال لا يحبها.

أحياناً أقول: لولا وجودي ما كان هذا ليحدث، رغم أن هذا كان في مرحلة مبكرة جداً، وأخاف أن أشعر بالذنب تجاه هذه الفتاة، وبناء على ذلك لا أعرف كيف أدعو الله لكي يجعل هذا الشاب من نصيبي.

أحيانا أقول: إن هذه فكرة وسواسية، وإني أحمل نفسي فوق طاقتها، كما أنه قال لي: سواء كنت أنتِ موجودة أو لا فأنا لن أكمل مع هذه الفتاة، كما أنه اعتذر لها، ويرجو لها الخير دائماً.

أنا لا أريد أن أحمل نفسي فوق طاقتها، وغايتي أن أرضي الله تعالى، وأبني حياتي في طاعته ورضاه، وأنا حقاً أريد أن يرزقني الله هذا الشاب زوجاً لي في طاعة الله، وأعلم أيضاً أن الدعاء يغير القدر، فبماذا أدعو الله؟

أنا عرضت استشاراتي هذه حتى أكون قد فعلت كما أمرنا الله، أستشير وأتوكل عليه سبحانه وتعالى.

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Esraa حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

أختنا الفاضلة: نحن نستشعر تماماً معاناتك وشعروك الذي يحمل صراعاً من نوع خاص، صراع بين رغبة تريديها مع عدم القدرة على تحقيقها، وهذا أمر متفهم تماماً لدينا، وشعور بالذنب تجاه أمر لم تكوني طرفاً مباشراً فيه، وخوفك من أن تكوني أنت السبب رغم تأكيد الشاب خلاف ذلك، وعليه فإننا نرجو أن تقرئي كلامنا أكثر من مرة، والله نسأل أن يرزقك الصواب في حياتك والخير فيها:

أختنا: من المسلمات العقدية عندنا أن قدر الله غالب، وأنه لا يقع شيء في الكون إلا بأمره، وأن هذا مكتوب من قبل أن يخلق الله السموات والأرض، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".

في الوقت الذي لم تكن السماوات والأرض قد وجدت، بل بينهما خمسون ألف سنة، كتب الله لك وعليك كل شيء، إذا آمنت بذلك واقتنعت تماماً به علمت قطعاً أن خوفك وقلقك ليس في محله؛ فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف، ولم يبق إلا ما كتبه الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

ثانياً: من العقائد الثابتة عندنا كذلك أن قضاء الله هو الخير لك، نعم أختنا ما قدره الله خير مما أردته لنفسك مما لم يقدره الله لك، فاطمئني وتذكري أن الله يختار لعبده الأصلح والأوفق له، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمني الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته قال تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم". فكوني على يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائماً، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح.

ثالثاً: الزواج رزق مقسوم وقدر مكتوب، والإنسان لا يدري وهو يسير في حياته أي الأمرين هو الخير له، إذ لا يخفى عليك أن تقلبات الحياة كثيرة، وأن الصالح اليوم قد يكون طالحاً غداً والعكس، والمؤمن حين يدرك ذلك فإنما عليك أن يفعل ما يلي:

1- التسليم لله -عز وجل- فيما قضاه وقدره.

2- الدعاء دائماً بما يرجوه من خير مع التسليم أنه إن أتى فهو خير، وإن ذهب فهو خير.

3- ألا يستقبل الحلال بالحرام، وأن لا يجعل من الشيطان ووساوسه وسيلة إلى أخذ ما أحل الله تعالى له.

عليه فإننا نطلب منك أختنا ما يلي:

1- التأكيد على عدم التواصل مع الشاب مطلقاً، مع التوبة مما حدث وكان.

2- الدعاء بأن يرزقك الله الزوج الصالح الذي تسعدين به في الدنيا والآخرة.

3- الاستخارة إذا قبلت الزواج، مع الاستشارة والسؤال عنه بدقة.

أختنا الكريمة: لا تجعلي العاطفة ستاراً أمام عينيك، فالزواج أمره خطير، ويحتاج إلى روية وصبر.

رابعاً: ليس لك أي ذنب في ترك الشاب للفتاة، فلا تحملي نفسك ما لا تقدرين عليه.

خامساً: إذا أتاك -أختنا- من ترضين دينه وخلقه وسمته ولو كان غير هذا الشاب فلا ترفضي الأمر، ولا تعترضي بل استخيري واستشيري، وثقي أن قضاء الله هو الخير لك، نقول لك ذلك لأن بعض بناتنا تعلقت بشاب وعدها الزواج فرفضت كل طالب، وظلت في انتظار الأخ الذي أعجزته ظروف الحياة عن التقدم، ووجد فرصاً أفضل ممن وعدها فاختار الأصغر والأوفق له، وظلت أختنا هكذا لأن قطار الزواج كما يقال قد فارق عمرها.

نسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يوفقك لما يحبه ويرضاه، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً