الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس والشك في الدين أثرت علي نفسيا، هل هو عقاب من ربي أم ماذا؟

السؤال

قبل سنة أتتني وساوس في الدين وشك، والمهم أني أتمنى الموت ولا أصدقها، ومنذ تلك الفترة أصبحت أعاني من الحزن والقلق، ودائما مكتئب، وأعاني من الرهاب الاجتماعي، ولا أحب أحداً، ولدي ضعف في الشخصية منذ أتتني الوساوس تلك.

مع العلم أني أفعل جميع الطاعات، وقبل أن تأتيني تلك المعاناة كنت سعيداً جداً، هل هذا عقاب من ربي أم بسبب تفكيري؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: إننا نبشرك بأن ما حصل معك من وساوس هو صريح الإيمان، وهذه بشارة خير لا نذير شؤم، فأبشر واطمئن، ولا تجعل الشيطان يزين لك الخير شرا، والحق باطلا.

ثانيا -أخي الحبيب-: إننا سنعطيك الآن ضابطا تستطيع من خلاله رد أي شبهة ترد عليك حتى تعيش حياتك مستقرا مستمتعا بنعمة الله عليك، انظر –أخي- إلى كل كلمة ترد على خاطرك، أو تلقى في أذنك أو تمر على ذاكرتك مهما كان قبحها أو فجرها أو خبثها لا يهم، المهم هل تجد قناعة داخلية ورضى عن هذه الكلمة؟ فإن وجدت الرضا والترديد فهذا هو الشؤم، وإن لم تجد فهذا صريح الدين، ولو كنت راضيا عما وسوس به الشيطان إليك لما تمنيت الموت ولا كاتبتنا.

وعليه فالظاهر من حديثك أن لا قناعة ولا رضا بل ألم وحزن وهم وغم، وهنا القاعدة إذا اختلف ما يرد في الخاطر عن سلوك المرء أو معتقده فهذا شيطان، فاستعذ بالله منه، ودعنا نضرب لك مثالا آخر حتى يتضح لك الأمر جليا: لو قلت في داخلك: الله هو الواحد الأحد، ومحمد هو النبي الخاتم، والجنة حق، والنار حق، هل تجد الكلام هذا غير ما تعتقد، هل تجد حرجا أن تقوله في نفسك؟ بالطبع: لا؛ لأن هذا هو حقيقة ما تعتقده.

أما لو قال لك الشيطان أو قذف كلاما غير قولك، فكررته في نفسك، هل تجد موافقة على هذا الكلام في ظاهرك، هل تجد تلذذا وقناعة به؟ إذا كنت تنكره كما هو الواضح فليس هذا قولك، وإذا كنت تتألم منه فاعلم أن هذا صريح الإيمان في قلبك، لأنك لو اعتقدت به لما تألمت.

ثالثا: لا تستمع إلى هذه الوساوس، واعلم أن الله أرحم بك من الدنيا وما فيها، وأن الله أعلم بما فيك، وأن الله يحبك ويحب لك الخير. كما نوصيك أن تحرص على التقرب من الله عز وجل.

رابعا: علاج الوسوسة -أخي الحبيب- ميسور جدا، فقط عليك أن تفهمه، فإذا فهمته سيطرت عليه، طبيعة الوسواس –أخي- تكمن في قدرته على الانتشار وسط البيئة ذات التفكير السلبي، فإذا أردت القضاء عليه فحوّل كل أمر سلبي إلى إيجابي، فالوسواس سخيف، والإنسان إذا ربطه في فكره بالسخف هان عليه، ردد في نفسك: هذا وسواس، كلام فارغ، كلام سخيف، هذا نوع من التغيير المعرفي المهم جدًّا، فحين يستخف الإنسان شيئًا فسوف يحتقره، وحين يحتقره سوف يحدث ما يعرف بفك الارتباط الشرطي، أي أن الوسواس يُصبح ليس جزءًا من حالة الإنسان، هذه التمارين تحتاج للصبر والتكرار والجدية في تطبيقها.

وأخيرا: احرص –أخي- على الصحبة الصالحة، والرفقة المأمونة، فإن المرء بإخوانه، وإخوانه بدونه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، نسأل الله أن يحفظك، وأن يسترك، وأن يقدر لك الخير.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً