الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحياة الزوجية وكثرة النزاعات والخلافات فيها وكيفية تجاوز ذلك

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي هي كالتالي:
أنا متزوج منذ سنة ونصف، ولكن مؤخراً أصبحت العلاقة متوترة، وكثرت الخلافات والنزاعات! والحقيقة أصبحت الحياة اليومية مستحيلة، وهذا لا يعني أن زوجتي سيئة، إلا أن طبعها حاد شيئاً ما، وعصبية، واهتماماتها بعيدة كل البعد عن اهتماماتي!

وهذا الأمر نتج عنه أني لم أعد أحس تجاهها بشيء، وأصبحت العلاقة جامدة، لا مكان لعواطف الحب والمودة فيها (العلاقة الجنسية انعدمت)؛ فأصبحت أفكر في الطلاق وتسريحها بالمعروف؛ لأنني أصبحت أحس بالذنب، ولكن هناك أمر مهم هو أنه سنرزق قريباً -إن شاء الله- بمولود -ولله الحمد- وأود أن تنصحني؛ فأنا في حيرة: هل نستمر في هذه العلاقة من أجل المولود، أو نتفارق؟

أشيروني، جزاكم الله خيراً!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ كمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
جزاك الله خيراً على كتاباتك لنا، وهدانا الله وإياك إلى سواء السبيل.

اطلعت على استشارتك بتمعن، وقد أُعجبت بك لوصفك لزوجتك بأنها ليست سيئة، ولكنها حادة الطبع، فأقول لك أخي:
إنك قطعت أكثر من نصف المشوار في هذه الحياة الزوجية، وهو أنك فهمت زوجتك جيداً، وهذا ما فشل فيه كثير من الأزواج.
فالخطوة الأولى في هذه الحياة الزوجية أن يفهم كل من الزوجين الآخر، يفهم سلوك شريكه، وأخلاقه، وطباعه، ومدى حلمه، وحماقته، ومدى صبره وجزعه، وانفعاله، وهذا أمرٌ مهمٌ جداً.
ثم تأتي الخطوة التالية، وهي أنك كزوج أعطاك الله القوامة والرئاسة في البيت، مطلوب منك إدارة هذا البيت، فكيف تفلح في إدارته مع أخلاقيات المرأة والأولاد ومع كونها حادة الطبع؟ وهل هذه الصفة كافية لقطع حبال هذه الحياة؟ وهل لو ابتلي آخر بزوجة فيها عيب آخر يطلقها؟ وقل هذا السؤال وغيره، ولا أظن هذا هو الصواب.

لقد اشتكى رجل لسيدنا عمر رضى الله عنه من زوجته، فأجابه أمير المؤمنين في وصفٍ طويل للزوجة، قال له: (إن كرهت منها خلقاً رضيت منها آخر) وهذه هي الحكمة، ولا نستطيع إيجاد إنسان في أخلاقه وسلوكه يكون 100%، فهذا مستحيل، وانظر أخي إلى زوجتك بعين الرضا، وستجد فيها جوانب إيجابية، أفلا تستحق أن تتحملها في حماقتها من أجل صفاتها الطيبة الأخرى؟

اعلم أخي أنه ما من إنسانٍ أحمق إلا وهو سريع الرجوع للحق، انظر إليها بتدبر، وستجد هذه الصفة فيها، وهنا عليك أن تكون طبيباً فتعالج فيها جوانب الحماقة، فدعها عند ساعة غضبها، ثم عد إليها في وقت آخر، وتحدث معها من مدخل العاطفة والكلمة الطيبة، وذكرها بما بدر منها، وستجد عصاً سحرية حولتها تماماً، وستجد الندم الشديد عليها، بل وربما بدر منها الاعتذار، ويكون التحدي هنا، كيف تُعبر أنت وتتحمل حتى تذهب عاصفة الغضب هذه؟ أخشى أن تبادلها الحماقة وتبادلها الغضب في ساعة الانفعال، فإن كنت كذلك، فأرجو أن تراجع نفسك أخي .

ألا تتفق معي أن الناس يختلفون تماماً في طباعهم وأخلاقهم وحلمهم وغضبهم وصبرهم وجزعهم وعلمهم وجهلهم ...الخ؟ ومع ذلك أمرهم الله أن يعيشوا في وحدة لا في فرقة وفي إخاء لا في شقاق؟ لماذا وهو يعلم اختلافهم؟ ليصبر بعضهم على بعض، ولتستمر الحياة.

هناك أمرٌ مهمٌ يجب ألا يغيب عن بالك، وهو أنك ذكرت أن زوجتك حامل، وأن مدة زواجكما سنة ونصف، مما يعني أن هذا هو الجنين الأول، والأمر المهم جداً أن هذه الفترة هي فترة الحمل الأولى، وهي من أصعب الفترات على المرأة، بل على البيت كله، حيث تتغير المرأة في سلوكها وأخلاقها، وهذه الفترة تسمى عند البعض بفترة (الوحم) وهذه مرحلة تعجز الزوجة عن السيطرة على نفسها، وهي أشد ما تكون كراهيةً لزوجها، فعليك أن تفهمها جيداً، وأنها ستتحول تماماً بعد الوضع، وتتطلب منك صبراً كبيراً، وإذا شعرت أنك لا تستطيع التحمل فأرى أن تذهب بها لأهلها بعد الاتفاق معها على ذلك؛ حتى تمر هذه المرحلة، وهي في الأشهر الأولى، وقم بكامل واجبك تجاهها، وإن شاء الله بعد ذلك ستجد منها خيراً كثيراً.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً