الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سافرت من أجل التعليم لكنني أشعر بالإحباط والتكاسل، فهل هذا بسبب الوحدة؟

السؤال

السلام عليكم

عمري 19 عاماً، سافرت إلى تركيا في هذه السنة، وأسكن الآن مع إخواني الشباب، أما بقية عائلتي وأمي وأبي لا زالوا في بلدنا الأم، أنا سافرت لأكمل تعليمي، حيث أرغب بدراسة الفلك، وهو غير متوفر في بلداننا العربية، وأنا الآن أتعلم التركية، حيث أذهب لمركز اللغة، لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، وإلى الآن لم أكوّن أي صداقات، مع أنني أقابل فتيات من جيلي وأكبر مني، ومن بلدي في كل فترة، وبالرغم أن بعضهن من معارفنا مسبقا، لكنني لم أكون أي صداقة لا أعرف لماذا؟

وإخواني غالبا مشغولون في عملهم أو مع أصدقائهم، وقليلا ما نخرج سويا، وإذا احتجت شيئا أخرج بنفسي كي أحضره، وإذا أردت أن أشم بعض الهواء أخرج وحدي، ولا أدري إن كان هذا سببا، لكنني حقا بدأت أشعر بالكراهية تجاه أحد إخواني ولا أطيق رؤيته، أو الجلوس معه.

كنت أبكي كل يوم تقريباً؛ لشعوري بالحزن فلا أصدقاء، ولا أهل، ولا شيء، ولكنني الآن تأقلمت مع الوضع، فيجب علي أن أنهي اللغة التركية والإنجليزية قبل شهر يوليو، وأحضر نفسي لامتحان قبول الجامعة، لكنني في الحقيقة متكاسلة جدا جدا مع أن طموحي كبير، وهو يرافقني منذ الطفولة، ويجب من أجله أن أقرأ الكتب، وأتعلم، وأتثقف، لكنني أقضي معظم وقتي بسبب الإحباط والملل في متابعة الأنترنت، والمسلسلات، والمواقع الاجتماعية، وهي السبيل الوحيد للتواصل مع أصدقائي القدامى، ومع أهلي، ومع العالم.

وبالنسبة لصلاتي فأنا أصلي فترة، وأقطع فترة، لطالما حاولت أن أعود نفسي لكن لم أستطع في حياتي كلها أن أعود نفسي على نظام معين لا في الصلاة، ولا في الدراسة، ولا في أي شيء، وحتى المسلسلات التي أتابعها أشعر بالملل منها حتى لو كانت الحلقة الأخيرة أتوقف عن مشاهدتها.

أحيانا أتغيب عن مركز اللغة؛ لشعوري بالإحباط، ومنذ أسبوع بدأت أشعر بتعب غريب، صرت أستيقظ ست ساعات في اليوم، وأنام 18 ساعه، حاولت أن أخرج أو أستحم أو أفعل أي شيء عند شعوري بالنعاس، ولكن لا فائدة، فأيامي تمر الآن ولا أستطيع التحكم لا بنفسي ولا بها.

والدورة الشهرية تأخرت عن موعدها 5 أيام، ولم تنزل إلى الآن، كنت أظن أنه أمر طبيعي، ولكن الآن تأتيني وساوس غريبة، أخشى أن أكون مريضة بمرض معين؛ لأنني كنت أعاني من الأمراض، والحساسية، فأنا مريضة بالتهاب المسالك البولية -وربما تراه أمرا عاديا- وهو يرافقني منذ 12 عاماً.

في الحقيقة أردت استشارتكم، وربما ذكرت العديد من المشاكل؛ لأنني أريد حلا لمشكلة التعب، والنعاس، فهي تحرمني من ممارسة الحياة بشكل طبيعي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أتفهم معاناتك -يا ابنتي- وقد يكون للظروف دور في حدوثها, أو قد تكون عندك حالة نفسية سابقة، لكنها كانت خفيفة بحيث لم تكن تؤثر على حياتك بهذا الشكل في السابق، أي كنت قادرة على المضي في حياتك بشكل طبيعي رغم وجودها، أما الآن ومع تغير ظروفك فإن الحالة قد اشتدت وأصبحت واضحة، لدرجة لم تعودي قادرة على التعامل معها، فأصبحت تؤثر على مسار حياتك.

وقبل القول دوما بالعوامل النفسية والاجتماعية، وبتغير الظروف كسبب للحالة عندك، فإنه يجب دوما نفي الأسباب العضوية والمرضية، أي يجب التأكد من عدم وجود مرض ما يختفي وراء هذه الأعراض، ومن أهم الأمراض: قصور الغدة الدرقية، وتكيس المبايض، وارتفاع هرمون الحليب وفقر الدم، وغير ذلك.

لذلك أرى بأنه من الضروري جدا أن تقومي بعمل بعض التحاليل الهرمونية الأساسية وهي:

LH FSH-TOTAL AND FREE TESTOSTERON-TSH-FREE T3-T4-PROLACTIN-DHEAS

ويجب عملها في ثاني أو ثالث يوم من الدورة وفي الصباح، وكما أنصح بأن يتم معها عمل تحليل للدم، مع فحص شكل كريات الدم الحمراء CBC - BLOOD SMEAR، للتأكد من عدم وجود فقر دم من أي نوع، فإن وجد أي خلل، فبعلاجه ستتحسن الأعراض عندك -بإذن الله تعالى- وأما إذا تأكدت بأن التحاليل كلها سليمة، فهنا قد تكون الحالة سببها نفسيا، وتفاقمت مع ظروف السفر والغربة.

وبالنسبة لمشكلة الالتهابات البولية المتكررة، فيجب معرفة السبب في تكررها وأزمانها؛ ولذلك يجب عمل تصوير تلفزيوني للكلى، وتصوير ظليل لكامل الجهاز البولي يسمى IVP للتأكد من عدم وجود حصى أو رتوج، أو تشوهات خلقية -لا قدر الله-، قد تكون هي السبب في تكرر الالتهاب، والأفضل أن تتم المتابعة مع طبيبة مختصة بالأمراض البولية.

نسأل الله -عز وجل- أن يديم عليك ثوب الصحة والعافية دائما.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
انتهت إجابة د/ رغدة عكاشة (استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم).
وتليها إجابة د/ علي أحمد التهامي (استشاري نفسي إكلينيكي)
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

ابنتنا العزيزة ما تعانين منه ربما يكون نوعا من اضطرابات المزاج، فأثر على نشاطاتك الشخصية والاجتماعية، وحل المشكلة يكمن في المواجهة والجلوس مع النفس، والبحث عن الأسباب التي أدت إلى ذلك، ولا بد من إيجاد الحلول بالطرق الواقعية بدلاً عن الخيال، أو الهروب إلى النوم، ولا بد أن تكوني جزءا من حل المشكلة، ولا تنتظري الحلول الجاهزة.

فلا تحقري من نفسك، ومن قدراتك وإمكانياتك، بل حاولي استغلالها والاستفادة منها، ولا بد من إعادة النظر وتجديد أهدافك، ومحاولة تحقيقها بالسبل المتاحة، واستعيني بالله ولا تعجزي، فالتأجيل رفيق الفشل، وحاولي عرض أفكارك على من تثقين فيهم، وناقشيهم فيها، بدلاً من انكفاء النفس، والدوران حول نفسك، ولعلك علمت أن الطريقة التي استخدمتها في حل المشكلات غير مجدية، بل قد تزيد من تراكم المسئوليات والالتزامات، فأنت إنسانه طموحة، ولديك أفكار نيرة، والآن جاءتك الفرصة لتحقيق ما تريدين فلا تضيعيها، فهذه الأيام ستمر، وتبقى الإنجازات والنتائج.

وإليك بعض الإرشادات ربما تساعدك في التخلص من المشكلة:

1- العمل على تنظيم الوقت وكيفية إدارته، وقد يتطلب الأمر أخذ دورات تدريبية متخصصة في هذا المجال.

2- العمل بفقه الأولويات، فرتبي أولوياتك وفقاً لمتطلبات الحاضر، فابدئي بالأهم ثم المهم، وبالكليات ثم التفاصيل، وبالذي لا يتحمل التأجيل، ثم الذي يتحمل ذلك، وبالضروريات ثم الكماليات.

3- العمل على تقسم المهام إلى جزئيات صغيرة بدلاً من أخذها كلها في وقت واحد.

4- قدمي المساعدة للآخرين، واقضي حوائجهم يكن الله تعالى في حاجتك، وفي عونك.

5- انتظمي في صلواتك وخاصة صلاة الصبح؛ لكي تنعمي بالبركة في الوقت.

6- التزمي ببرنامج رياضي يومي؛ لكي تنعمي بالنشاط والحيوية.

وللمحافظة على العلاقة مع الآخرين نرشدك بالآتي:

1- اسعي في مرضاة الله، فإذا أحبك الله جعل لك القبول بين الناس.

2- كوني نموذجاً في الأخلاق، واحترام قيم وآراء الآخرين.

3- أفش السلام على من تعرفين ومن لا تعرفين، وساعدي من يطلب منك المساعدة، واعرضي مساعدتك على من يحتاج للمساعدة.

4- قدمي الهدايا لمن حولك؛ حتى ولو كانت رمزية فإنها تحبب فيك الناس، وازهدي فيما عندهم.

5- بادري بمواصلة الآخرين في مناسباتهم الاجتماعية، وشاركيهم في مناسباتهم السارة وغير السارة، ولا تنسحبي بل واجهي مثل هذه المواقف ولو بالتدريج.

6- أحسني الظن دائماَ في الآخرين إلى أن يتبين لك العكس، والتمسي العذر للآخرين إذا لم يقوموا بواجبهم تجاهك.

7- حاولي المشاركة في أعمال تطوعية؛ فإنها تشعرك بقيمة ذاتك، وبدورك في هذه الحياة، وتزيد من معارفك، وتكسبك خبرات ومهارات جديدة.

وفقك الله تعالى لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً