الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سيرة أهل المتقدم للزواج تقف عائقاً لدى شاب يرغب في الزواج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أقدم لكم نفسي، أنا شاب أبلغ من العمر خمساً وعشرين عاماً، مقتدر، جامعي، وأعمل في وظيفة مرموقة، ولله الحمد.

نشأت في كنف والدتي، حيث أنها انفصلت عن والدي بعد ولادتي بأسابيع، فتكفلت بتربيتي ورعايتي حتى كبرت ووصلت إلى ما وصلت الآن.

علاقتي بوالدي مع الأسف ضعيفة للغاية، مقتصرة على لقاءات عابرة فاترة في المناسبات، وهو أمر بات طبيعياً بالنسبة لي منذ أن كنت صغيراً، فأنا لم أرَ والدي إلا في سن متأخرة!

ليس لأبي أي أشقاء يمكنني التواصل معهم، هناك فقط عمتي التي كانت تهتم بي وترعاني، وقد توفيت قبل بضع سنوات.

نشأت في جو من العصامية والكفاح، كان المستوى المادي ضعيفاً لوالدتي، وكنت مثابراً حتى أصل إلى هدفي، والحمد لله حققتُ الهدف ووصلت إلى مركز مهم يحترمني بسببه جميع الناس زادني ثقة بنفسي.

الذي أعانيه في الفترة الحالية هو موضوع الزواج، ما هو حاصل خصوصاً في ثقافة بعض آباء الفتيات هو البحث في سيرة أهل المتقدم للزواج، فهم لا يسألون عنه بقدر ما يسألون عن أبيه وأعمامه وعن مجلس أهل أبيه، يغضون النظر عن شخصية المتقدم، وكفاحه، وحتى مستواه الوظيفي، وهذا ما استشفيته عندما كدتُ أن أتقدم إلى إحدى الأسر للزواج قبل أن أتراجع في اللحظة الأخيرة!

وهذا أمر بات يؤرقني! فما ذنبي إذا كنت شبه مقطوع من شجرة! مع العلم أنني من نسب طيّب إذا كان في المسألة نسب، كما أن علاقتي بأبي قد تؤثر بمسألة الزواج، فظروف العلاقة بيني وبينه ستظهر وقت التقدم إلى الفتاة.

مصدر الأرق هنا هو أنني لا أتحمّل، وبعد هذا التعب والكفاح والخطوة الكبيرة التي خطوتها نحو تكوين نفسي أن يتم رفضي إذا تقدمت في يوم من الأيام، ولسبب خارج عن إرادتي.

كيف أعيد بناء الثقة بنفسي؟ ما هو الحل في وضعي الحالي لدى تقدمي للزواج؟ أحياناً أشعر بالقهر عندما أعتقد أنه من الممكن أن اُرد في يوم من الأيام! شاب ملتزم، في مركز مرموق، ومن نسب طيّب -والحمد لله-، فما الذي يريده أهالي اليوم أكثر من ذلك؟

أجيبوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا لا أريدك أن تيأس من اللحظة الأولى، فأنت إنسانٌ طموح استطعت أن تُسارع الزمن، وتغلبت على كل الصعاب حتى تصل إلى هدفك المنشود، وهذا بفضل الله تعالى ثم بفضل والدتك جزاها الله كل خير، ولم تصل إلى ما وصلت إليه بالتمني، ولكنك أخذت الأمور غلاباً، وبالتعب وسهر الليالي، فلا أظن أن أمر الزواج هو الذي يقف عائقاً في وجهك.

واعلم أن الإنسان الذي عنده إرادة العمل والتقدم والثقة العالية بالنفس، يستطيع أن يتغلب على كل الصعاب، وأنت لا تحتاج إلى إعادة بناء الثقة بنفسك، بل تحتاج إلى زيادتها، وكما تعلم أن الشخص الذي لديه الثقة العالية بنفسه يمتاز بالهدوء والتوازن، والحيوية والعزيمة، والتفاؤل، وعندما تواجهه عوائق في طريق تقدمه لا يتملكه الإحباط أو اليأس، ويتجاوز ذلك بسرعة، ويكون لديه إقبال على تصميم الحياة، كما أن لديه القدرة على التصرف باستقلالية واتخاذ القرارات، ويشعر بالسعادة، ويجيد التعامل مع الآخرين، ويحاول أن يطور من ذاته.

والزواج أخي فيصل لا ينتهي عند هذه الأسرة، فالأسر الملتزمة كثيرة ولله الحمد عندكم، فحاول أن تبحث وتظفر بذات الدين التي تُسعدك في الدنيا والآخرة، وكم من شابٍ تقدم وخطب لعدة مرات، ولكن لم ييئس ولم يستسلم، بل واجه ذلك بعدم القنوط واليأس، فأنا أريدك ألا تيئس وتقنط، وما دمت كافحت وتعبت من أجل تحقيق حلمك فإنك تستطيع بإذن الله تعالى أن تحصل على الزوجة التي تريدها، ولكن بشرط أن تتوجه إلى الله بالدعاء، وتعترف بأنك العبد الذليل المحتاج إلى ربه الفقير إليه، بأن يعينك على اختيار الزوجة الصالحة.

وأنا أقولها لك مرةً أخرى -أخي فيصل-: أنت ولله الحمد لديك الثقة الكاملة العالية، وتحتاج إلى نوع من الصبر حتى تستطيع أن تمرر هذه الأزمة، وهذا لا يمنعك من أن تبحث مرةً أخرى أو تكلف من تثق فيهم بأن يدلوك على عائلةٍ محترمة ملتزمة، لعلك تجد فيها ضالتك.

وبالله التوفيق.




مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً