الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائرة بين من تقدم لي وبين من وعدني بالزواج.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو توجيهي، إنني فتاة أبلغ من العمر 18سنة، تعرفت إلى شاب في الشات وقد كان يدخل الشات بسبب مشاكل لديه وهموم؛ فقمت بمساعدته حتى خرج من همه، وأبديت له بعض النصائح، وكان بيننا علاقة تلفون فقط ومواضيع جداً محترمة بعيداً عن الحب والغزل.

اهتم بي بعدها، وأبدى إعجابه بي، وهو إنسان يخاف الله، ويحافظ على الصلاة، ويريد أن يتقدم لخطبتي، ولكنه ينتظر فقط توفر المال لديه، وليس لمدة طويلة، فقط مدة بسيطة، ولا يريد كلام حب أو غزل أو علاقات محرمة، فقط يريد بكلامه معي السؤال والاطمئنان فقط والاحترام والمودة إلى أن يتقدم لي، وهو إنسان يثق بالزواج عن طريق النت.

وقد تقدم إلي شاب آخر موظف وجاهز للزواج من كل الأمور، ولكنه أيضاً من موقع للزواج قبل تعرفي بذلك الشاب الذي أردت مساعدته، ولقد كنت في الموقع أبحث عن زوج صالح، وقابلت هذا الشاب، وطلب التقدم لي، وبعدها تركني مدة من غير أي مكالمات، إلى أن تعرفت إلى الشاب الذي في الشات، وفي أول الأمر كنت فقط أريد أن أساعده، لكني أعجبت به، وبشخصيته المميزة المليئة بالأدب والأخلاق، مع العلم أنني لا أحب العلاقات، ولكنني كنت أريد مساعدته.

فأنا الآن في حيرة: أأقبل الشاب الذي أتى إلينا، وتقدم رسميا بعد طول المدة التي ظننت أنه لن يأتي بسبب أعماله وشغله؛ لأنني لم أقم معه علاقة إلا من الموقع، مع العلم أنه صرح لي بأنه كانت له علاقات سابقة مع البنات، ولكنه يريد أن يتوب ويلتزم، أم أنتظر الشاب الذي تعرفت إليه من الشات، وأنه صادق جداً جداً، ولا يحب العلاقات أبداً، وقد اختبرته كثيراً من إيميلات أخرى على إيميله، فإنه أبداً لا يتكلم، وصادق جداً جداً في كلامه؟
وإذا انتظرته وتقدم، فهل تكون حياتي ناجحة وهنيئة معه؟ وهل أتواصل معه بالهاتف أم لا؟ لأنه طلب مني أن ننقطع عن الكلام لفترة إلى أن يتقدم لي، وهو أيضاً لا يحب العلاقات، ولكنه يقول أن الله عالم بما في نفسي ونفسك، وأن المكالمات تؤدي إلى غرض شريف، وهو الزواج.

مع العلم أن المكالمات تخلو من الكلام البذيء والغزل ومعاني الحب والغرام، فقط يوجد بها سؤال عن الحال والأهل والدراسة والأعمال، أفيدوني أرجوكم؛ فإنني مقبلة على آخر سنة في التوجيهي، ولا أريد أن أكملها بهذه الحيرة!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الفضلى/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.

فإن الفتاة المسلمة تظل في مأمنٍ من الهموم والأحزان إذا ابتعدت عن التعامل مع الشباب، خاصة عبر الشات والهاتف، ومهما كانت الدوافع طيبة والمنطلقات سليمة، فإن العواقب غير مأمونة، والشيطان حاضر، فهو الثالث، ومن أساليب هذا العدو أنه يزين المنكر، ويقدمه للإنسان في صورة مقبولة، ولذلك كان التنبيه القرآني على أن الشيطان يزين القبيح: (( زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ))[الأنفال:48] وأنه كذلك يأخذ الإنسان خطوةً بعد خطوة، فكان النهي عن اتباع خطوات الشيطان: (( لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ))[النور:21].
وأكثر الشباب الموجودين على تلك المواقع من المخادعين الذين يظهرون للفتاة بالمظهر الذي ترتاح إليه، فإن كان فيها دينٌ وصلاح حدثوها عن صلاتهم وطاعتهم لله، فتنخدع الفتاة، ولو فكرت قليلاً فإن دين الإنسان ينبغي أن يمنعه عن محادثة ومراسلة النساء الأجنبيات، ولستِ مكلفة بتخفيف هموم وأحزان الرجال أو حل مشاكلهم.

ولا شك أن خير البر عاجله، فأرجو أن تقبلوا بهذا الذي تقدم لطلب يدك، وأتى البيوت من أبوابها بعد أن تتأكدوا من دينه وأخلاقه، وهذا بلا شك أفضل من انتظار ذلك الشاب الذي ليس عنده استعداد للزواج، وقد تعرض لأزمة سابقة سوف تلقي بظلالها على حياته مستقبلاً، والشيطان يغتنم تلك الفرص، فيغرس الشكوك في نفس الإنسان، ويصعب على المرأة أن تعيش مع رجل عنده شكوك، وأرجو أن تسارعي بالتوقف عن التعامل مع الرجال عبر الهاتف أو الشات، وعلينا أن نستغفر الله لما مضى، ولا تسألي زوجك مستقبلاً عن ماضيه، واستري عنه ما كانت لك من اتصالات ومحادثات وعلاقات، حتى ولو كانت عفيفة ومبررة؛ لأن هذه الأشياء تزرع الغيرة المذمومة في النفوس، وتجعل كل طرف يشك في تصرفات الشريك الآخر، ويتذكر هواجس الماضي عند كل تصرف، واشترطي على هذا الخاطب أن يتوب ويرجع إلى الله، حيث لا ينفع التسويف والتأخير في التوبة والرجوع إلى الله.

ولا تنسي صلاة الاستخارة في كل خطوة تقومين بها، ففيها علاج لكل من يحتار في أمره، وشاوري أهلك ومحارمك، فالرجال أعرف بالرجال، ومن حق الأسرة أن تطلب فرصة للتأكد من حال هذا الخاطب، وتتعرف على أسرته وطريقة حياته، وقدرته على تحمل مهام الحياة الزوجية، وانصرفي لدراستك لتحرزي النجاح.

نسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

والله ولي الهداية والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً