الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس واكتئاب.. هل الحشيش هو السبب وما الحل؟

السؤال

تحية طيبة وبعد:

إخواني الكرام: أرجو منكم أن تتقبلوا استفساراتي والإجابة عنها؛ لأن التفكير أرهقني والتعب النفسي أضعف إرادتي والعياذ بالله.

بداية: أنا أعاني من أكثر من مشكلة، ولا أعرف سببها، وأريد أن أشارككم إياها:

أنا عمري 26 عاما، ومنذ 8 سنوات أتعاطى مخدر الحشيش على فترات متقطعة، ولكنها مكثفة، ومررت بظروف كثيرة, كنت أعلم أنها من عند الله؛ لكي يجعلني أتركه. ولكن -للأسف- أرجع مرة أخرى، وأكبر مدة أقلعت فيها كانت 8 شهور، وقد عانيت خلالها من وسواس: أن عندي مرضا خبيثا في المعدة، ومرة: في القولون والرئة، وإلخ...، وثم رجعت وأقلعت مرة أخرى، وبدأ يظهر عندي وسواس الخوف من الموت وأنا نائم، ثم ذهب، لكن هذه المرة بدأ يحصل معي أمر غريب ألا وهو أنه بدأت تأتيني وساوس حفظ الأسماء وترديدها، ومن ثم ذهبت للطبيب، وكتب دواء (انفرانيل sr) وأوصاني باستعماله لمدة سنة، ولكني أقلعت عنه بعد ثلاثة أشهر؛ لشعوري بتحسن حالتي بنسبة كبيرة، ونظرا لزيادة كبيرة وملحوظة في وزني.

خلال فترة الانفرانيل كنت مقلعا، والآن عدت، والمشكلة أنه تأتيني حالة اكتئاب كبيرة جدا، وشعور بعدم الأمان، وأنه لا يوجد شيء جيد، واشتدت معها الوساوس بالرغم من علمي أن كل مرة كنت أقلع فيها كان يجيئني اكتئاب يوما أو يومين.

الآن صار الاكتئاب يطول ومع وساوس، ووصلت إلى أني لا أستطيع العيش، وكلما رأيت اسما على يافطة في الشارع تأتيني حالة اكتئاب وخوف من أن أحفظه، وأخاف من الأرقام وقت سماعها، ورغم أني أعمل محاسبا، وهذا أتعبني جدا.

سؤالي هو: هل هناك مخرج من هذه الحالة؟ وهل الحشيش هو السبب في الوساوس والاكتئاب؟ وهل يكون –ربما- سبب تدميرا في خلايا مخي وصعّب أن أرجع مثل الأول؟ أريد أن أعرف مشكلتي ما سببها وما علاجها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك -أخي- على ثقتك في إسلام ويب، وعلى عرضك لمشكلتك بصورة جلية، وكذلك على صراحتك ومصداقيتك.

أخي الكريم: قطعًا -دون أي مبالغة- الحشيش له أضرار عظيمة جدًّا، وبكل أسف أنواع الحشيش الموجودة في مصر -وربما السودان أيضًا– هي من الأنواع المركزة جدًّا من حيث المادة النشطة، والتي تعرف باسم (THC) وهذه المادة -نسبةً لتركيزها العالي- تؤدي إلى اضطراب شديد في كيمياء الدماغ، وقطعًا ذلك له أثر سلبي كبير.

وساوسك –أخي الكريم– ومخاوفك لها مبرر؛ لأن الحشيش بالفعل قد يؤدي إلى السرطان، هذا أمر لا خلاف حوله أبدًا، سرطان الرئة مرتبط بتعاطي الحشيش، سرطان اللثَّة مرتبط بتعاطي الحشيش، التأثير على هرمون الذكورة عند الرجل مرتبط بتناول الحشيش، ضمور خلايا الدماغ خاصة الفص الجبهي (الجبهة) عند الإنسان مرتبط بتعاطي الحشيش، العُسر المزاجي مرتبط بتعاطي الحشيش، حتى وإن أحسَّ الإنسان بشيءٍ من الراحة النسبية في وقت التعاطي.

فيا أخي الكريم: الأمور جليَّة وواضحة جدًّا، وإن شاء الله تعالى تتخذ قرارك السليم، وهو لا عودة أبدًا لتعاطي هذه المادة اللعينة، وإن شاء الله تعالى ابتعادك عن التعاطي يعطي فرصة لخلاياك الدماغية ليتمَّ ترميمها بصورة صحيحة، وتُعاوِدَ نشاطها، وتعيش حياةً دون قلقٍ أو توترٍ أو اكتئابٍ. هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية: أريدك أن تُكثف التمارين الرياضية، الرياضة تؤدي إلى توازن كبير جدًّا في كيمياء الدماغ، وهذا قطعًا سوف يُساعدك.

أنصحك –أخي الكريم– أيضًا بتنظيم وقتك، وعليك بالنوم المبكر، والتنظيم الغذائي، هذا مهم جدًّا، واجعل لحياتك هدفًا، حين تكون هنالك أهداف يتجّه التفكير في تحقيق هذه الأهداف، وهذا يُقلل من الوسوسة والتوتر.

أيها الفاضل الكريم: هنالك دواء بسيط جدًّا سيفيدك كثيرًا، وهو عقار يعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علميًا باسم (سلبرايد Sulipride) متوفر في مصر، والجرعة التي تحتاجها هي خمسون مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسون مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله. يُضاف إليه عقار (فلوكستين FLUOXETINE) ويسمى تجاريًا باسم (بروزاك PROZAC) بجرعة كبسولة واحدة في اليوم.

البروزاك الموجود في مصر يسمى (فلوزاك Flozac) وهو جيد وممتاز، هذا تناوله بمعدل كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم تتوقف عنه تمامًا، سوف يزول عنك الاكتئاب والتوتر والوساوس، وإن شاء الله تعالى ينشرح صدرك وتعود حياتك لطبيعتها، بشرط أن تُطبق ما ذكرته لك من إرشاد سابق.

وأريد أن أنصحك –أخي الكريم– بالحفظ على أداء الصلاة في وقتها ومع الجماعة، الصلاة في وقتها في المسجد مع الجماعة بجانب الأجر العظيم الذي يُكتب لك –إن شاء الله تعالى– سوف تكون سببًا في طمأنينتك وتحسين تركيزك وتعايشك وتواؤمك مع ذاتك بصورة طيبة، وقطعًا الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتعاطي الحشيش لا شك أنه من المنكرات الجسيمة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً