الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استقمت، ولكنّ مشكلتي في فضول الطعام! كيف أتحكّم في طعامي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرًا على هذا الجهد الرائع، واللهَ أسأل أن يجعله ذخرًا لكم يوم القيامة.

لقد منَّ الله –عز وجلّ- عليَّ بالالتزام منذ حوالي 5 سنوات, وأذاقني من حلاوة الطاعات؛ من صلاةٍ وقرآن وغير ذلك -ولله الحمد-، ولكنّ المشكلة أن العمر ينقضي ولم أحفظ القرآن بعدُ، ولم أتقدم في طلب العلم أو الدعوة، وسبَبُ هذا الأمر عدم الثبات, فالثبات يؤدي إلى الترقي، ويؤدي إلى الإنجازات, ومن أكبر أسباب عدم الثبات لديّ، هي فضول الطعام.

منذ أن عرفت وجربت خطورة فضول الطعام أصبحت حريصًا على عدم الإفراط، وبالفعل عندما أكون بمفردي في المنزل أو غيره أستطيع -بفضل الله- أن أتحكّم في أكلي -وإن كنت أشعر بالتعب أحياناً-.

المشكلة أني عندما أكون مع أهلي؛ فهم يحبّون أن نأكل معًا، وقد يتضايقون إذا أكلت وحدي، ولكنهم يعدّون من أصناف الطعام ما يثير شهوتي، فآكل بشراهة أحياناً؛ والذي يؤدي إلى شعوري بالفتور والكسل، وأحياناً كثرة النوم الذي يؤثر -بلا شك- على طريقي إلى الله –عز وجل-، وهذا الأمر يؤرقني جداً، ولا أعلم كيف أتحكّم في طعامي؛ بحيث لا أُرهَق من قلته، ولا أفتر من فضوله! وفي نفس الوقت أُرضي أهلي، بل، وزوجتي وأولادي في المستقبل.

أرجو أن تشيروا عليَّ, ولكم مني الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام، ونهنئك على الالتزام، وقد أسعدَتْنا فكرة السؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويهديك، وييسّر لك الهدى، ويصلح لنا ولك الأحوال، وأن يحقّق في طاعته الآمال.

(بحسْب ابن آدم لُقَيمات يقمْن صلبه، فإن كان لا محالة فاعلًا؛ فثلثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه...)، والصواب ألا نأكل حتى نجوع، وألا نشبع إذا أكلنا، وإدخال الطعام على الطعام متعب للمعدة؛ التي هي بيت الداء، والوقاية خير من العلاج، ونتمنى أن تُراجع متخصصًا في التغذية؛ لأن الإسراف مذموم، والتقتير على النفس مضر بالإنسان، وليس المهم مقدار الطعام، ولكنّ المهم، هو نوع الطعام.

لا يخفى عليك أن التركيز على السلطات والخضروات مفيد، ويُشعِر الإنسان بالامتلاء، وهناك إرشادات كثيرة ومفيدة يمكن أن تأخذها من أهل الاختصاص في مجال التغذية، ولا ننصحك بالانفراد عن الأسرة، ونتمنى أن تُرضِي والديك بمشاركتهم الطعام والأنس.

أما إذا شعرت بأنك تجاوزت، فعليك بعمل رياضة، وبذل مجهود في العبادة، وقد ذكر أستاذ السنة عندما كان يستخرج الفوائد من حديث جابر -رضي الله عنه-، ومنها: معجزة تكثير الطعام، ففي الحديث: (فاكلوا حتى شبعوا)، فقال الأستاذ الدكتور/ الطاهر الدردير: "وفي الحديث: جواز شبع الصالحين، وليس هناك أصلح من الصحابة"، ثمّ قال -على سبيل الطرفة-: "تأكل الخروف، لكن تقضي الليل في الوقوف –أي بين يدى الله-"، وقد جاء عن بعض السلف أنه كان يهتمّ بطعامه، ويعطي النفس حقّها، ثم يحملها على الاجتهاد العظيم في الطاعات وقيام الليل؛ مما يفيد الجسم ويساعد في هضم الطعام، ووُجد في السلف من شبّهَ النفس بالحيوان الذي يُركب، وكيف أن صاحبه يُحسِن إليه في طعامه، ثمّ يُتعِبه بالعمل!

وصيتنا لك بتقوى الله، ثمّ بمصاحبة من يعينك على الاجتهاد، وعليك بكثرة الدعاء، ثم بتنظيم وقتك، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور/ أحمد الفرجابي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية، تليها إجابة الدكتور/ عطية إبراهيم محمد، استشاري طب عام وجراحة أطفال:

تناوُل الطعام مع الأسرة يزيد الألفة والمحبة، وقد ورد في صحيح البخاري عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجرت عليها، حتى ما تجعل في فيّ –أيّ فم- امرأتك)، صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

لكن يجب أن نختار ما نأكل، ولا نثقّل في الطعام؛ حتى نقدر على الطاعة، وهناك ما يسمى بمؤشر السكر (glycaemic index)، من حيث عدد السعرات الحرارية التي تحتويها عناصر الغذاء المختلفة، وتوضع الأغذية مرتفعة السكر في أعلى المؤشر، وتلك التي تحتوي على سكر أقل في أسفل المؤشر بالترتيب، ويقع في قمة هذه المواد الغذائية التمر والعسل، ويقع في قاع هذه المواد الغذائية الأعشاب الخضراء ثم القرنبيط والبروكلي ثم الخضروات، مثل: الخيار والطماطم ثم الفواكه قليلة السكر ثم الموز والعنب، وهكذا؛ ولذلك يجب أن يحتوي الطعام على الخضروات المطبوخة والسلطات الخضراء أكثر من احتوائه على الحلويات والمعجنات والسكريات؛ حتى لا يزيد الوزن.

يمكن اختيار طعامك من بين السلطات والأعشاب الخضراء والخبز الأسمر والحبوب، مثل: الشوفان والجريش والقمح النابت والفول النابت والدجاج والسمك المشوي والأجبان قليلة الدسم والحليب قليل الدسم، مع التأكيد على ترك الحلويات والسكريات والشوكولاتة والسكر؛ لأنه لا يمكن الشبع من الحلويات مهما أكلنا منها، بل كلما أكلنا من الحلويات كلما شعرنا بالجوع، وهذه قاعدة علمية معروفة؛ حيث يُمكن الشبع بالأغذية قليلة السعرات الحرارية.

من الأطعمة التي تعطي الإحساس بالشبع: البروتينات (الدجاج والسمك واللحم والبيض والبقوليات) والخضروات المطبوخة والأعشاب الخضراء وبعض الأرز والحبوب والخبز الأسمر، مع شرب الماء عند الإحساس بالجوع، مع وجبة إفطار خفيفة من الخبز الأسمر والبيض المسلوق أو فول بدون زيت أو جبن قليل الدسم، ووجبة عشاء مثل الإفطار، مع محاولة المشي، وصعود ونزول السلالم كلما سنحت الفرصة لحرق المزيد من السعرات الحرارية.

يفضّل فحص صورة دم (CBC)، وتناول مقويات للدم في حال وجود فقر دم، ويفضّل تناول كبسولة فيتامين (د) 50000 وحدة دولية، كل أسبوع كبسولة واحدة لمدة شهرين، مع شرب الحليب لتقوية العظام والمفاصل والأربطة.

وفقك الله لما فيه الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً