الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس عندي إحساس بالوقت ولا بالجو العام للمكان ولا أفهم الظروف المحيطة إلا متأخرة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي لطالما وجدت فيه ضالتي، لا أجد لحديثي بداية، فقد تراكمت الهموم وتداخلت الأمور، فلم أعد أفهم ماذا حلَّ بي؟!

عندي مشكلة كبيرة مع الوقت، فأنا باردة بطبعي ولا أحس بمضي الوقت أبدا، فكم ضاعت علي من فرص وخسرت من علاقات، ومن الصعب عليَّ جدا أن ألتزم بموعد ووقت محدد، فأثر ذلك على دراستي وعملي وخسرت أصدقائي بأخلافي لمواعيدي، دائما أحضر متأخرة حتى في مشاعري فأكون آخر من يبارك أو يعزي، وأحيانا أخجل من تأخري وذهاب المناسبة فلا أقوم بواجبي، يؤلمني ذلك كثيرا ولكن لم أجد حلا، وإن حضرت مبكرة يوما ما فأحضر مبكرة جدا وقبل الوقت بكثير، وإذا كانت لدي مناسبة في المساء ومهما كان نوعها أو من سيحضرها أفني يومي بأكمله أستعد لها، استعدادا شخصيا فقط من استحمام ولبس ومكياج، مما يرهقني كثيرا حتى لدرجة أني لا آكل شيئا إلا عند ذهابي للمناسبة، وقد بلغ مني التعب كل مبلغ، فلا أستمتع بالمناسبة، وأشعر أنني بالغت تارة أو أنني قصرت تارة أخرى.

وعندما أصل يكون قد فاتني كل شيء من سلام وجلوس وتبادل الأحاديث والطعام فأتضايق كثيرا، هذا غير ما يصيبني من تعليقات وكلام ونظرات على تأخري، مما يضعني في موقف سيء جدا، وهذا غير ما أجده قبل الذهاب من شجار مع الأهل والإخوة حول موضوع تأخري، وإذا ذهبت أكون آخر من يخرج فلا أحس بانتهاء الوقت ووجوب مغادرتي، فأثقل على صاحب الدعوة من غير شعور مني، ففي تلك اللحظات أكون مستمتعة وعندما أعود للمنزل أتذكر ما الذي فعلته، وما رأيته من إشارات توجب ذهابي، ولكن لم أفهم لحظتها فأشعر بحرج كبير، فأحيانا أرسل لصاحب الدعوة رسالة اعتذار، وأحيانا أنقطع تماما عنه من شدة حرجي، ليس عندي إحساس بالجو العام للمكان، ولا أفهم الظروف المحيطة إلا متأخرة، فلا أعرف متى عليَّ الانتهاء، كرهت الخروج ومقابلة الناس.

لذلك وجدت في البيت راحة لنفسي، ولكني أشتاق كثيرا وأحب أصدقائي وقرابتي من الناس، أصبحت في حيرة من أمري، فحالي لا ينصلح، وشوقي لا ينطفئ.

قرأت كثيرا عن إدارة الوقت ولكن لا جدوى، لا أريد أن أكون ثقيلة على أحد، ولا أريد أن يكرهوني بسبب ذلك، فأنا أحس بالغباء الشديد بعد تصرفاتي هذه، كيف أتصرف؟ وكيف أحس بالمحيط من حولي؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك لك تواصلك مع إسلام ويب، وأقول لك بأني قمتُ بتفحص وتدقق رسالتك بدقة شديدة جدًّا، والذي خلصتُ إليه أنك تعانين من ظاهرة تُعرف بـ (البطء الوسواسي)، والبطء الوسواسي هو نوع من البطء في تنفيذ الأمور، وأن لا يكون للإنسان القدرة على الفلترة لما هو مهم ولما هو غير مهم في بعض المواقف وليس في كل المواقف، ويكون الإنسان دائمًا باحثًا نحو الإجادة، لكن بصورة وسواسية، وهذا يؤدي إلى الكثير من التردد وإلى ما يمكن أن نسميه بـ (البطء الوسواسي).

البطء الوسواسي بالفعل يُعالج من خلال حسن إدارة الوقت، لكن هذا ليس بالسهل كما ذكرت وتفضلتِ، لذا أريدك أن تذهبي الآن وتقابلي الطبيب النفسي ليضع لك أسسًا علاجيًا سلوكية معروفة تستعينين فيها بالأخصائية النفسية لتكون لك هي النموذج الحياتي الحقيقي لكيفية حسن إدارة وقتك، والتخلص من التردد والبطء الوسواسي.

الأمر يحتاج إلى جلسات سلوكية مباشرة، وكذلك إلى علاج دوائي؛ لأن الأدوية المضادة للوساوس تُفيد كثيرًا في مثل هذه الحالات.

لا تستغربي أبدًا لما ذكرته لك، فحالتك بالنسبة لي واضحة، وقد مرَّتْ عليَّ حالات كثيرة على هذه الشاكلة، واستفادوا كثيرًا، والبطء الوسواسي فعلاً يُعالج من خلال التوجيه النفسي السلوكي المباشر، مع تناول أحد مضادات الوساوس ويعرف تجاريًا باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علميًا باسم (فلوكستين Fluoxetine) لفترة ليست طويلة، كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر سوف تكون كافية جدًّا.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً