الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثرة رفض أهلي للخطاب جعل الشباب يعزفون عن التقدم لخطبتي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

في البداية أسأل الله العلي القدير أن يجزيكم خير الجزاء على جهودكم في هذا الموقع الإلكتروني.

أنا طالبة، وعمري 25 سنة، وحاليا أحضر لرسالة الماجستير، مررت بمصاعب كثيرة، ولكنني بفضل الله عز وجل استطعت تجاوزها.

ولكن هناك مشكلة تؤرقني كثيرا، وهي: تأخر زواجي، ففي مرحلة البكالوريوس تقدم لي خطاب، ولكن جميعهم أدنى من المستوى الثقافي، أو المادي، أو الاجتماعي لنا؛ لذلك كانوا يرفضون من قبل أهلي دون أخذ رأيي، وكنت أوافقهم؛ لأنني أعلم جيدا بأن الأهل يريدون مصلحة ابنتهم.

واستمر تقدم الخطاب ورفضهم من قبل أهلي، وأذكر بأن آخر خاطب تقدم لي كان يحمل شهادة عالية، ولكنه ليس مقتدرا ماديا، بالإضافة إلى أن والدته تتمتع بشخصية قوية ومسيطرة، وقد كذبت في بعض التفاصيل التي تخص عائلتها.

أما الآن، فمنذ سبعة أشهر لم يتقدم لي أحد، فقد انتشر بين الجيران والمعارف أن أهل تلك الفتاة رفضوا العديد من الخطاب، ولا يعجبهم أحد، على الرغم من أن جميعهم أدنى من المستوى الثقافي، أو المادي، أو الاجتماعي.

وهنا بدأت معاناتي، أصبحت أقابل باللوم من قبل معارفنا وأقاربنا؛ بأنه هل يعقل أن ابنة الدكتور المعروف وطالبة دراسات عاليا لم تتزوج إلى الآن؟ والبعض يقول لي: هذا عقاب رباني؛ لأنكم رفضتم الكثير من الخطاب، والبعض نصحوني بالتدخل، فالقرار ليس مقتصرا على الأهل فقط، وآخرين يقولون لي: إن أهلك يريدون ملاكا في زماننا هذا، فتلك المواصفات نادرة جدا، ومنهم من يقول لي: إن أغلب الرجال لا يرغبون بالارتباط من طالبة الدراسات العليا؛ لأنها على خلاف الفتاة الأصغر منها سنا، وسيكون التعامل معها صعبا نوعا ما.

والآن لم يعد يتقدم لي أحد، وهذه المشكلة تؤرقني كثيرا؛ لدرجة أنني أهملت دراستي قبل فترة، وأصابني اكتئاب وإحباط، خصوصا أن زميلاتي جميعهن تزوجن.

أرجوك -يا شيخي الجليل- هل أهلي على صواب أم ماذا؟ وهل أقبل بالزواج من أي شخص أقل من المستوى الثقافي، أو المادي، أو الاجتماعي؟ هل هذا ابتلاء؟ هل هذا عقاب رباني كما قال لي البعض؟

أشعر بأنني متأخرة في كل شيء: في الزواج، وفي الوظيفة، علما بأنني أعلم جيدا أن الله قد ضمن الرزق لنا، وما دام الرزق بين يدي الله تعالى؛ فعلينا الاطمئنان، ولكن كلما طرقت آذاني كلمات لوم من البعض أعود للبكاء وإهمال كل شيء، لم أعد أحضر المناسبات الاجتماعية كالسابق؛ لأنني لا أريد سماع تلك الانتقادات والأمر ليس بيدي.

قل لي يا شيخ ماذا أفعل أرجوك؟ أستحلفك بالله أن تدعو لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بيان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- التي أنعم الله عليها بالعلم والخير في موقعها، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال، ونبشرك بأنه سوف يأتيك ما قدره لك الكبير المتعال، وثقي بأن الكريم سوف يحقق لنا ولك الآمال.

نعم الله مقسمة، وكلنا صاحب نعمة، فاعرفي نعم الله عليك، وقومي بشكرها لتنالي بشكره المزيد، وتوجهي إليه وحده، فإنه سبحانه فعال لما يريد، ولا تغتمي لكلام الناس، فإن رضاهم غاية لا تدرك، واجعلي همك إرضاء الله، ولا تنعزلي عن تجمعات الصالحات؛ فلكل واحدة منهن محرم يبحث عن الفاضلات من أمثالك.

ولا شك أن أهلك أخطئوا برد الخطاب، ولكن كل ذلك لا يعطل ما قدره الكريم الوهاب، فاشغلي نفسك بذكره وشكره وحسن عبادته، واعلمي أنه إذا رضي عنك ألقى لك القبول في الأرض.

ولا نؤيد فكرة التنازل عن الدين والأخلاق، ولكن بقية الشروط قابلة للنقاش، ولن تجد الفتاة رجلا بلا عيوب، كما أن المرأة لا تخلوا من العيوب، فكلنا من بشر، والنقص يطاردنا.

ونتمنى أن لا تعترضي على ما يحصل منك، وتذكري أن كلام الناس لا ينتهي، وأن من تتزوج لا تسلم من ألسنتهم، فقد يقال لها: استعجلت، أو غير ذلك، وأنت متعلمة، فلا تتأثري بكلام الجاهلات، واطلبي من أهلك أن يشركوك فأنت صاحبة القرار، ولا تتأثري بزواج الزميلات، فربما لسن جميعهن سعيدات.

وهذه وصيتنا لك: بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والرضا بقضائه وقدره، ونسأل الله أن يعجل لك بصالح يسعدك، وتعوذي بالله من شيطان يريد أن يحزنك.

وقد أعجبنا قولك: إن الرزق بيد الله، وأرجو أن تحولي هذا إلى قناعة وعقيدة، وتفاءلي بالخير، وأبشري بالخير، واشغلي نفسك بالعبادة والدراسة، ولك منا صالح الدعوات، وحفظك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً