الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس لدي من المال ما أكفر به عن حنث اليمين، فهل يجزئ الصيام؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت فيما مضى كثيراً ما أقسم بالله على أقل شيء، وقد تبت إلى الله من ذلك، وغيرت من نفسي.

سؤالي: لقد وقعت فيما لا يقل عن عشرين أو ثلاثين يميناً على ما أذكر، فهل أكفر عن هذه الأيمان بصيام ثلاثة أيام لكل مرة، أم أتصدق وأطعم مساكين، علماً أنني لا زلت أدرس ولا أعمل، أم هل يجب أن آخذ النقود من والدي؟

وأنا أشعر بالحرج أن أطلب من والدي هذا المبلغ، وما ذنب أبي في خطئي، ومصاريف دراستي لن تكفي أن أكفر عن كل ما علي من يمين، فهل علي حرج في أن أصوم ثلاثة أيام لكل يمين أم يجب أن أبيع شيئاً من ممتلكاتي الشخصية -ذهب أو ما شابهه-؟

مع كل شكري وتقديري لمجهودكم، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ابنتنا العزيزة – في استشارات إسلام ويب.

كفّارة الأيمان المتعددة إذا كانت هذه الأيمان على أشياء مختلفة ليست على شيء واحد، فإنه تلزم كفّارة عن كل يمين حنثت فيها – أي خالفت اليمين – أما إذا كانت أيمانًا على شيء واحد، فإنها لا تتعدد - عند كثير من العلماء - وإن اختلف المجلس الذي حلفت فيه، ولكن ظاهر كلامك أن هذه أيمان مختلفة – أي على مواضيع مختلفة –، ومن ثم فإنه يلزمك عند جمهور العلماء أن تُكفّري عن كل يمين بكفّارة، وعليك أن تتحري عدد الأيمان التي عليك، فإذا شككت فكفّري عن العدد الأقل، يعني إذا شككت هل حنثت في عشرة أيمان أو في عشرين فاجعليها عشرة، لأن الأصل براءة ذمتك من العشرة الأخرى.

والكفارة تكون بما ذكره الله تعالى في آيات الكفارة في قوله سبحانه وتعالى: {فكفّارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تُطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام} فهناك ثلاثة أمور أنت مُخيَّرة بين واحدة منها، افعلي منها ما شئت:
الأول: إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين كيلو إلا ربع من الأرز، فاليمين الواحدة تُكفرينها بسبعة كيلوات ونصف من الأرز موزعة على عشرة مساكين، لكل مسكين كيلو إلا ربع.

والخيار الثاني: كسوة هؤلاء المساكين العشرة بما يسمى كسوة، يعني ما يُطلق عليه الناس أنه كسوة، وبعض العلماء يقول بما تصح به الصلاة.

والخيار الثالث: إعتاق رقبة.

فإذا عجزت عن هذه الأمور الثلاثة فلم يبق إلا الصيام، فتصومين ثلاثة أيام عن كل يمين، ويُستحب أن تكون الأيام الثلاثة عن اليمين الواحدة متتالية، لكن لو فرَّقتها لا بأس عليك، وهذا الصيام لا يكون إلا عند العجز عن الخصال السابقة كما ذكرنا.

ولا يلزمك أن تطلبي المال من والدك لتكفّري به عن الأيمان، فإن هذا ليس واجبًا عليه هو، بل واجب عليك أنت إذا كنت تستطيعين، فإذا لم تستطيعي فصومي، وإذا استطعت أن تكفّري عن البعض بالمال، وعجزت عن الباقي، فكفّري عن بعضها بالمال وما عجزت عنه فصومي عنه.

والعاجز عن الكفّارة هو الفقير أو المسكين الذي يجوز له أن يأخذ من الزكاة، فإذا كنت لا تجدين من المال ما تُكفّرين به زائدًا عن نفقاتك فأنت عاجزة، ولا يلزمك أن تبيعي شيئًا من الذهب الذي تتحلين به، فإن هذا لا يمنع من أخذ الزكاة كما ينصُّ على ذلك العلماء، ومن ثم فيجوز لك أن تصومي إذا كانت هذه حالتك.

نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن ييسر لك الخير، وأن يتولى عونك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً