الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما رأيكم بالكذب لإصلاح ذات البين بين زميلتين متخاصمتين؟

السؤال

السلام عليكم

لي زميلتان متخاصمتان فكيف أصلح بينهما؟

وهل يجوز أن أكذب بغرض الصلح بينهما، أم لا يجوز لي فعل ذلك؟

وبماذا تنصحوني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك "إسلام ويب"، وإنَّا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدِّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه: فإنَّنا نحبُّ ابتداء أن نشكر لك حرصك على إصلاح ما بين زميلتيك، فهذا عمل عظيم حث الإسلام عليه قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} وقال: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وقال: { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} وقال جل شأنه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.

بل إن القرآن العظيم حصر خيرية أفعال الأمة في عدة صفات منها الصلح، قال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}.

وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا أخبركم بأفضلِ مِنْ درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ قالوا: بلى، قال: إصلاحُ ذاتِ البينِ فإنَّ فسادَ ذاتِ البينِ هي الحالقةُ) وقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين) فهنيئا لك –أختنا- على هذا العمل، والذي نسأل الله أن يكون خالصا لوجهه.

أما الكذب –أختنا- فهو حرام شرعا إلا في ثلاث: عند الحرب لإرهاب العدو، ولإصلاح ذات البين بين المسلمين، وبين الزوجين للمودة ودوام العشرة، ففي الصحيحين وغيرهما عن أم كلثوم بنت عقبة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيراً وينمي خيرا، قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها).

ولهذا، يجوز الكذب لإصلاح ذات البين، ويكون ذلك بقدر الحاجة؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها.

نسأل الله أن يحفظك بحفظه، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً