الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما العلاج للقلق النفسي والذي سبب لي تعكرا في المزاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 17 سنة، أعاني من اكتئاب وقلق وخوف غير مبرر، وأفكار سلبية، وأعراض جسمية مثل الصداع المزمن، والدوخة، والدوار، وآلام مزمنة في جميع أنحاء جسمي، وهذه الأعراض بدأت منذ سنة ونصف تقريبا، عندما أصبت باحتقان مزمن في الأنف، وحساسية أنفية مستعصية العلاج، حيث ذهبت إلى سبعة أطباء أنف وأذن، وتناولت أكثر من ثمانين دواء من بخاخات الكورتيزن، وأدوية الهيستامين والاحتقان، دون أي جدوى.

لجأ الأطباء إلى أقراص وحقن الكورتيزون ولفترات طويلة، فقام طبيب من الأطباء بإجراء عملية جراحية في الأنف؛ لاستئصال الزوائد الأنفية، ولكن دون فائدة على الاطلاق، ولكن قبل إصابتي بهذا الاحتقان والحساسية كنت طبيعيا جدا، وسليما جدا، وكنت أحب الخروج والتواصل الاجتماعي، ودائم النشاط والحيوية، ومحبا للحياة، ولكن الآن أنا دائم التعب والخمول، وأعاني من قلة التركيز، وعدم الاتزان، والعصبية الشديدة، وعدم الاهتمام بحياتي ودراستي.

في السابق كنت متفوقا، ومهتما بنفسي وأموري، ولكن الآن لا أكترث لحياتي، ولا أفكر إلا في هذا المرض، ومن خلال التصفح على النت وجدت موقعكم الكريم، وقرأت الاستشارات الطبية، وتناولت بعض الأدوية مثل:
(موتيفال، وانافرانيل، وفلوزاك، واتاراكس، وليبراكس، وبيتاسيرك) للدوخة، وأدوية كثيرة دون جدوى على الإطلاق.

الدواء الوحيد الذي أفادني هو دوجماتيل، وقلل كثيرا من هذة الأعراض، ولكنني تركته؛ لأنه أثر على رغبتي الجنسية، وأنا الآن أتناول بوسبار منذ أسبوعين، وأعلم أن مفعوله بطيء، وأنا أفكر الآن في تناول اللوديوميل مع بوسبار، أو أتناول الفلوزاك مجددا، ولكنه سبب لي قلقا شديدا، فتركته.

علما بأن هذه الأدوية أتناولها بالجرعات الموصوفة والصحيحة على موقعكم الكريم، وأطلب من سيادتكم دواء يريحني من هذه المعاناة النفسية، ويكون سعره معقولا نسبيا، ويوجد العديد من الأدوية غير متاحة أو ناقصة حاليا في مصر، وهي: (تريبتيزول، وتفرانيل، وصفامود، وفلوناكسول).

أرجو تشخيص حالتي.

وشكرا لسعة صدركم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شريف أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

يعرف أن أمراض الحساسية الشديدة للجهاز التنفسي، أو وجود التهابات جرثومية باكتيرية كانت أو فيروسية، بعض الناس يُصابون بعسرٍ في مزاجهم، لا أريد أن أسميه اكتئابًا نفسيًا حقيقيًا، يكون هنالك شيء من التعب، سرعة الإجهاد النفسي والجسدي، عدم التلذذ بالأشياء الطيبة في الحياة، هو نوع من عسر المزاج الذي نعتبره عابرًا في معظم الأوقات.

وعقار الـ (كورتيزون) بالرغم من أنه دواء مفيد جدًّا في الحساسية وغيرها، ربما أيضًا يسبب شيئًا من عدم الارتياح النفسي لبعض الناس.

أيها الابن الكريم: أنا أنصحك نصيحة مهمة جدًّا، وهي ألا تتعجل وتعتبر نفسك مريضًا نفسيًا، هذا أمر هام وضروري، وأنت في هذا العمر، الذي حدث لك اعتبره مجرد ظاهرة عابرة سوف تستعيد -إن شاء الله تعالى– طاقاتك النفسية والجسدية، وذلك من خلال الاجتهاد والمثابرة وحسن إدارة الوقت، هذه هي الأساسيات الرئيسة التي تجعلك تنطلق انطلاقة جديدة، ولا تتقيد بمشاعرك، لا تتقيد بأفكارك السلبية، إنما اجبر نفسك على التنفيذ وعلى الفعل، وحين تكثر إنجازاتك سوف ينشرح صدرك وتتبدل أفكارك لتصبح إيجابية.

إذا نظرنا لمثلث السلوك والأداء: هنالك ضلع الأفكار، وهنالك ضلع المشاعر، وهنالك ضلع الأفعال.. حين يكون هنالك ضجر وكدر وعسرٍ في المزاج؛ ضلع المشاعر، وكذلك الأفكار يكونا في أسوأ حالتهما، لذا ننصح وكما ينصح علماء السلوك دائمًا، أن نركز في مثل هذه الحالات على ضلع الإنجاز والأفعال والتنفيذ.

فهذا هو الذي أنصحك به -أيها الفاضل الكريم– لا مساومة في موضوع الدراسة، تنام مبكرًا، تستيقظ مبكرًا، تصلي الفجر، تدرس لمدة ساعة، ثم تذهب إلى مدرستك، بكل صرامة مع نفسك، لا تساوم أبدًا، وحين تبدأ مثل هذه البدايات الصحيحة -وفي البكور بركة كبيرة- سوف تجد أنه قد حدث لك نوع من المكافئة الداخلية التي تساعدك وتدفعك للمزيد من الإنجازات.

تواصل مع أصدقائك، كن بارًا بوالديك، هذه كلها علاجات رئيسة أساسية، وأنا أعتقد أن مشكلتك هي مشكلة عدم قدرة على التواؤم، وعدم قدرة على التكيف، لا أريدك أبدًا أن تسمّي نفسك مكتئبًا، هذا مرض قبيح، لا تجعل له وسيلة أو طريقة لينفذ إلى نفسك، أنت شاب، حباك الله بكل الطاقات النفسية والجسدية والاجتماعية، فقط المطلوب منك أن تنهض وأن تستفيد من هذه الطاقات.

أنا ألاحظ أن ثقافتك عن الأدوية متسعة جدًّا، هذا –ابني الكريم– وإن كانت المعرفة جيدة وممتازة، لكن مثل هذا التراكم المعرفي حول الأدوية سوف يجعلك تستسهل تناول الأدوية، وهذا ما لا أريده لك أبدًا.

فالتطبيقات التي ذكرتها لك أعتقد أنها هي التي سوف تفيدك، ولا تشغل نفسك كثيرًا بالأدوية، يمكن أن تتناول الدوجماتيل، كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرين ثم تتركه، هذا هو الذي أنصحك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً