الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم تَحقُّق رغبتي في التخصص الجامعي، أثّر على مستقبلي، أشيروا عليّ.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، أبلغ من العمر 20 سنة، أعاني من صدمات نفسية؛ نتيجة الفشل المتكرر الذي لم أعد أجد له تفسيراً أبداً.

مشكلتي هي كالتالي: كنت الفتاة المتفوقة، وذلك بشهادة الجميع ممن عرفني، وحتى ممن سمع عني، فكنت معروفة عند الجميع أني ذكية، وكثيراً ما يتردد إليَّ الآخرون لمساعدتهم في مواضيع معينة، وأهمها: العلمية كالرياضيات.

هكذا أمضيت حياتي حتى المرحلة الثانوية، والتي أنهيتها بتفوق، وهذا بفضل الله -تعالى-، حتى أتت المصيبة الكبرى التي لا زلت أعاني منها، عندما تخرجت كنت أريد البدء بالتعليم الجامعي مباشرة، ولكن الوضع الاقتصادي لم يسمح لي بذلك، فعملت بإحدى المؤسسات لدينا في البلدة، وجمعت من المال ما استطعت؛ لكي أبدأ تعليمي.

سجلت في الجامعة، وكان طموحي، هو تعلُّم موضوع الهندسة الكهربائية، ولكن أحلامي انتهت، عند ما تمّ رفضي؛ لأني أقل من المطلوب، وذلك ليس حسب الباكلوريا، إنما حسب امتحان غبي لا يقيِّم ذكاء الطلاب، إنما يدمرهم، فلم أجد سبيلاً إلا أن أسجل موضوعًا آخر، وهو علم الأحياء، ولكن هذا لم يكن حلمي، ولم أفكر أبداً أن اتخصص في هذا الموضوع وكل ما له صلة به، حاولت أن أتأقلم معه، لم أستطع، كنت محطمة، لم أحصل على درجات ممتازة كالمعتاد؛ لأني لا أطيق الموضوع، أصبحت أرى نفسي أني فاشلة.

في السنة التالية، حولت الموضوع، لم أستطع أن أبقى فيه، فتخصصت في موضوع آخر، والمشكلة نفسها رغم اجتهادي، كنت أداوم على الدراسة، وكنت أحضُر جميع المحاضرات، ولكني لم أفهم سبب الفشل، هذا رغم أني أذاكر جيداً.

أشعر أن حظي سيء، ليس فقط في دراستي، إنما في كل شيء أريد أن أحققه، لا أجد سوى الفشل أمامي، حاولت مراراً وتكراراً أن أجد تفسيرًا، ولكن بدون جدوى.

أتمنى أن تساعدوني، لقد تحطمتْ معنوياتي، وتدمرتْ نفسيتي، أصبحت فاشلة في نظر الجميع، وأكره سؤال أحد عن تعليمي الجامعي؛ فأنا الطالبة المتفوقة، أصبحتُ فاشلة.

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ israa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا، والفضفضة لنا بما في نفسك.

ليس المهم ما يعتقده الآخرون عنا، بقدر ما نعتقده نحن عن أنفسنا!

رحم الله من قال: تجري الرياح بما لا تشتهي السفن! فالحياة هكذا، أحيانًا تسير كما نريد، وأحيانًا لا، والمطلوب منا، هو التكيّف مع المتغيرات والمتبدلات.

بشكل عام هنا، ومهما كانت المشكلة التي أمامنا، فهناك ثلاث طرق للتعامل معها، وهي كالتالي:

الأولى: أن نغيّر هذه المشكلة التي تعترضنا تمامًا، ففي حالتك، إن لم يعجبك القسم الجامعي الذي وجدت نفسك فيه، فالحل: أن تتخذي خطوات عملية في تغيير الفرع إلى فرع آخر ترضينه وترتاحين له، ولو تطلب هذا بعض التأخير.

الاستثناء الوحيد في موضوع عدم تأخير هذه الخطوات، أنك إن استطعت خوض الاختبار الأخير لهذا العام في الفرع الحالي الذي أنت فيه، والذي لم تذكريه لنا، فطلبك الانتقال وقد نجحت واجتزت اختبار هذا العام رغم عدم رغبتك في هذا الفرع، ليس كما لو طلبت الانتقال بعد أن تخلفت عن الحضور ولم تتقدمي للاختبار هذا العام، ومن يدري، لعل نجاحك في هذا الاختبار، إما أنه يعينك على إعادة النظر في قرار النقل، أو على الأقل يعطيك فرصة أفضل للنقل للفرع الآخر الذي تقررينه.

الثانية: تغيير النظرة للمشكلة التي أمامنا، فأحيانًا تكمن المشكلة في طريقة نظرتنا إليها! فهل من طريقة لتغيير نظرتك لهذا الفرع الذي أنت فيه الآن؟ وهل يفيد الحديث مع أحد مدرسي مواد هذا الفرع، لتسألي عما يدور في ذهنك من أسئلة تتعلق بهذا الفرع؟ حاولي، فلن تخسري شيئا، وما خاب من استشار.

الثالثة: محاولة العيش والتكيّف مع هذه المشلكة، وهذه تكون عادة مع المشكلات التي لا نستطيع تغييرها، والتي سُدت في وجهنا كل سبل التغيير. فهل أنت في هذه المرحلة من الحل، وبحيث إنه سُدَّتْ السبل أمامك؟ أم لا زالت عندك فرصة للتغيير.

من الواضح أن هناك أسئلة متعددة أمامك، ولا يستطيع أحد الإجابة عليها إلا أنت، وفي النهاية هناك قرار عليك أنت، وأنت فقط تتخذينه، وهو أي من هذه الطرق الثلاث تريدين أن تسلكي.

مهما كان الحلّ النهائي، فأنت قادرة -بعون الله-، ومن خلال طبيعة شخصيتك الإيجابية وقدراتك الذهنية، وإن كانت نظرتك سلبية الآن بعض الشيء؛ بسبب التجارب التي مررت بها، إلا أنه يمكنك تجاوز هذه المرحلة الحرجة من حياتك.

ما مضى قد مضى، وما سيأتي من الأيام في عالم الغيب، إلا أن ما نملك هي هذه اللحظة التي نحن فيها الآن، فهيّا، فكري في كلامي هذا، واتخذي القرار الذي تحبين، متذكرة أن المهم هو رأيك عن نفسك، وقبل رأي الآخرين فيك، فرأيُهم تبع لرأيك أنتِ.

أنت لا تملكين تغيير رأي الناس، إلا أن ما يقع تحت سيطرتك هي نفسك التي بين جنبيك، وسجلك الأسبق حتى نهاية المرحلة الثانوية يشهد بقدراتك، فرجاءً لا تجعلي هفوة أو فصلاً واحدًا من الحياة يذهب بإنتاج وعطاء السنين السابقة من الجهد والعمل والنجاح.

وفقك الله وسدّد لك الطريق، وجعلك من المتفوقات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • فلسطين يوسف

    في الجامعة التي ادرس بها هناك احصائية تقول ان نسبة الطلاب الذين يقومون بتحويل تخصصهم الجامعي مرة واحدة عل

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً