الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

همتي العالية تتصادم مع فتور زوجي وتقصيره.

السؤال

السلام عليكم ..

أتمنى من سيادتكم المشورة فيما يخص مشكلتي.

أنا امرأة أبلغ من العمر 25 عاماً، تزوجت منذ ثلاثة أعوام ورزقني الله بطفلة، وبالرغم من أني كبشر أخطئ وأصيب إلا أن لدي همة عالية نوعاً ما في رغبتي بجعل بيتي بيتا نموذجيا في التقرب إلى الله، وأن يعين كل منا الآخر على ذلك، ولكن بدأت المشكلة منذ تقدم زوجي لخطبتي، وكنت لا أتخيل أن أتزوج بشخص يضيع صلاته، وصدقاً علمت ذلك من البداية ورفضت، وقابل أهلي الموضوع بالضغط علي للموافقة، وأن كل الشباب يبدؤون بذلك ويهديهم الله فيما بعد، كان رفضي في البداية باعتباري أنه مبدأ، وأني إن تعاملت معه كخاطب وارتبطت به عاطفيا سيصعب علي التخلي عنه أو رفضه فيما بعد، وهذا ما حدث وتم الزواج.

ويشهد الله أن زوجي يحسن معاملتي، وكان يكن لي حبا واحتراما، وأن لديه الكثير من الصفات الحسنة، إلا أن مشكلتي تتلخص في تضييعه الصلوات، والتساهل في النظر إلى المحرمات مثل الصور العارية والأفلام الإباحية أحياناً، ومشاهد التلفاز المخزية، وحدثت بيننا العديد من المشكلات بسبب ذلك، تهرب من بعضها واعتذر عن الآخر، ولكن أنا الآن في دوامة من الحيرة، يحزن قلبي تضييعه الصلوات وعدم الصلاة في المسجد إلا نادراً، وينتظم أحياناً في الصلاة ثم يقطع، وندرة قراءته القرآن، واختلاس النظر إلى الفتيات، وهذا يؤدي إلى جفاف شديد في تعاملي معه، وعدم استطاعتي البشاشة في وجهه، لكني لا أمنعه أبدا حقوقه الزوجية.

هو الآن يحزنه أني لا أشاهد معه التلفاز أو أستمع معه للأغاني، وأني لا أشاركه لحظاته، وفي الواقع أني إن فعلت ذلك فسأبتعد عن الطريق الذي أتمناه لنفسي، فاخترت أن يتفرد كل منا بأحلامه الخاصة وحياته، ولكن في بيت واحد، نهر الحب والسعادة جف بيننا، لا أستطيع أن أحبه بسبب ذلك، فأنا أحب أن يكون زوجي تقياً عفيفا مسارعاً في الخيرات، يسعى جاهدا لنيل رضا الله، والاهتمام بحفظ القران، كما أني أشعر بأنه أيضاً اختنق!

أفكر كثيرا بالهروب بنفسي وابنتي، خاصة أني أعمل وأستطيع أن أتكفل بحياتي، ولكن لا أدري ما هو الصواب؟ لقد أدت تلك المشكلة إلى أن أصبحت أنا الأخرى أضيع صلواتي، ثم استفقت من جديد بفضل من الله والحمد لله، وإن أخبرتني أن أنصحه، فقد قمت بذلك كثيرا منذ بداية خطبتنا، وكان يتقبل في البداية إلا أنه الآن أصبح يكره ذلك بشدة، وأخبرني أن علاقته مع الله لا دخل لي بها، ولكن ألا يؤثر ذلك على حياتي أيضا؟ وطمعي في أن ندخل الجنات العلا سويا؟ وأن أنعم بالراحة النفسية في بيتي مع زوج صالح؟

وإن كان رأيكم أن أستمر على هذه الحياة، فكيف أستطيع إخفاء مشاعري عندما يفعل تلك الأشياء؟ وكيف أتعامل معه؟ وكيف أطيع الله فيه؟ أليس من الحقوق الهامة للزوجة أن يعينها زوجها على طاعة الله بل ويأمرها بذلك؟ أرجوكم أجيبوني لأن ذلك أصبح فوق طاقتي، وهل يصح أن أدعو الله أن يفرق بيننا إن كان زوجي لا يأخذ بيدي إلى رضى الله؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في موقعك، ونشكر لك التواصل والاهتمام، ونحيي فيك حب الخير لأسرتك، ونتمنى أن تستمر الرغبة والنية وأملي خيرا في رب البرية، واعلمي أنه الهادي والموفق، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح زوجك.

وكم تمنينا لو أن بناتنا الملتزمات يقدرن حاجة الأزواج للنصح والإرشاد، وأن يدركن أن حسن التبعل للزوج والمبالغة في إكرامه مفتاح كبير إلى قلبه، وإذا كان هذا الزوج يستجيب ويستمر لأيام ثم ينقطع، ففيه خير، فإن في ذلك دليل على أنك بحاجة إلى الاستمرار، مع ضرورة تغيير الأسلوب وتجنب البعد عنه والتكشير في وجهه، لأن هذا يهدم كل الإيجابيات التي قمت بها ويدفعه نحو الهاوية.

إن تقصير الزوج لا يبيح للزوجة التقصير، وشر الزوج لا يقابل بالشر، وإلا فنحن نزيد النار اشتعالا، وعلينا أن نتذكر جميعا أننا نلقى الله أفرادا، وعند الله: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} والنصح واجب لكن الهداية من الله وحده، أرجو أن تقتربي من زوجك ليبتعد الشيطان، وتحسني له ليحبك ويحب أهل الإيمان، وبالغي في التزين له ليستغني عن النظر للمتبرجات، وأسمعيه كلامك العذب ليستغني عن مزامير الشيطان، واجلسي معه عند التلفاز ولكن انظري إلى الحلال، وكوني متزينة وذات دلال، ولامسيه ولاطفيه وقبليه، واحترميه وقدريه وأشبعيه من الحلال ليستغني عن الحرام.

يا صاحبة الهمة العالية، والرغبة الجامحة في المعالي والجنان، اعلمي أن رغباتك لا تتحقق إلا باللجوء إلى الله، ثم ببذل الأسباب ولا يحملك بعض التكاسل الحاصل منه على الشدة عليه وكوني عونا له على الشيطان وليس العكس.

نكرر لك التحية على الطموح العالي والرغبة الطيبة في الخير، وندعوك إلى الاستمرار والاستعانة بالقدير الغفار، وتعوذي بالله من فكرة الخروج من حياة زوجك، وتذكري أنك مأجورة على صبرك وعلى نيتك وعلى إحسانك، ونسأل الله أن يهديك ويصلح بالك، ونسعد بتواصلك مع موقعك لوضع خطة دعوة، نتمنى قبلها أن تغيري من أسلوبك وتتغيري، ونتمنى أن توضحي لنا ما عنده من إيجابيات مهما كانت قليلة، وحبذا لو جاءنا ما يفيد حول أسباب فتوره في الصلاة، هل هو من تربيته؟ أم له علاقة بأصدقائه؟ بالإضافة لبعض المواقف المشرقة في حياته.

ونسأل الله أن يقر عينيك بهدايته وصلاحه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تونس warda

    نحي فيك همتك وحبك الشديد لرضاية الله وهذا لعمري مكسب تحسدين عليه ..لكن يا اختاه اما علمت ان الله قد أمرنا بطاعة الزوج حتى انه رسولنا الكريم قال" لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" فما ادراك ان اعراضك عنه قد يجعله يزداد عنادا وبعدا عن الله وقد يرتمي في الحرام باجثا عن امرأة اخرى تعيره اهتماما وحبا..وقد يضجر منك ويكرهك وعندها قد يتغير في اسلوبه معك وقد يظطر الى ضربك و..اختاه لا تعالجي المشكل بمشكل أكبر عليك بالدعاء له بالهداية فلعل صبرك معه ومثابرتك في اصلاحه قد يجعله يعود الى ربه..

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً