الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أني ضعيف الشخصية وأعاني من الاكتئاب.. مدوا لي يد العون

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على هذا المجهود لما فيه خير الناس.

أما بعد: فلا أعرف من أين أبدأ، لديّ مشاكل كثيرة، ترددت كثيرًا في الكتابة عن هذا الموضوع، فعمري 15 سنة، عندما كنت في الصف السابع كنت من الأوائل في الصف، وكنت مهتمًا جدًا بدراستي، لكني كنت ضعيف الشخصية، فبعد انتهاء هذا الصف أراد والدي الذهاب إلى البحرين؛ لظروف العمل، وسوف يبقى هناك لسنتين، بعدها قررتْ عائلتي أن نذهب معه، وأن أُكمل دراستي هناك، وعندما بدأت السنة الدراسية (الصف الثامن) تفوقت في دراستي، وأيضًا كُنتُ ضعيف الشخصية.

عندما بدأت العطلة الصيفية، شعرت بالملل والفراغ، خاصة في شهر رمضان، بعدها شعرت بندم كبير؛ لأني كنت ضعيف الشخصية، وكنت دائمًا أسأل نفسي: لماذا فعلت كذا وكذا؟ ولماذا كنت كذا وكذا؟ وكنت أفكر في هذا الأمر باستمرار، لدرجة أني أريد النوم؛ لكي لا أُفكر، لكني لا أستطيع، واستمرّت هذه الحالة والاكتئاب إلى نهاية هذه العطلة.

عندما بدأت السنة الدراسية الجديدة (الصف التاسع)، أصبحتُ كثير الشجار مع الآخرين، ودائماً أفكّر بالشجار، لدرجة أن الأساتذة أصبحوا يقولون لي: إنك لا تعرف كيف تتعامل مع الناس، وكنت دائماً أفكر أني لو لم أضرب الأولاد فسوف أرجع ضعيف الشخصية.

أثّر هذا على دراستي كثيرًا، فكلما درست، يصيبني هذا الاكتئاب ولا أستطيع منعه، حتى في وقت الاختبار لا أستطيع التركيز، علمًا بأن السبب لكتابة هذه الرسالة؛ هو من أجل دراستي، ومن أجل مستقبلي؛ لأني فكرت أني لو بقيتُ على هذا الحال فسوف ينخفض معدلي مثلما انخفض السنة الماضية، أيضًا عائلتي مصرّون على أن أدخل مدرستي التي كنت أدرس فيها الصف السابع، وأنا رافض وبقوة، ولا أريدها؛ لأن لديّ ماضيًا أسود فيها، فكيف أقنع عائلتي بألا أدخل هذه المدرسة؟

أيضًا عندي تلعثم شديد في الكلام، يؤثر عليّ كثيرًا، وليس عندي أصدقاء، ودائمًا أبقى في الغرفة، وأستيقظ من النوم على أذان المغرب، وأحيانًا على أذان العشاء، فالاكتئاب دمّرني، لكن من جهة أقول: إنه جيد؛ لأنه يبقيني قوي الشخصية، أشعر أن هذه الرسالة غير كافية لشرح ما يحدث.

أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ osama abdallah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك التوفيق والسداد، أيها الابن الفاضل: أنت متفوق دراسياً، أو على الأقل كنت في مرحلة من المراحل متفوقًا دراسياً، وهذا يعني أن مقدراتك الجوهرية سليمة، أنت تصف نفسك وتنعتها بأنك ضعيف الشخصية، تقول: أنك مكتئب، وأنك تتشاجر مع الآخرين، وأنك تتلعثم، هذه كلها مفاهيم خاطئة، أنت ألبستها نفسك.

اجلس مع نفسك، تأمل وتدبر وتفكر، وسوف تجد أن شخصيتك ليست ضعيفة، أنت الذي غرست هذا المفهوم السلبي والسيئ جداً في نفسك، ربما تكون قد مررت بظرف كان عندك شيء من الضعف النفسي، هذه التجربة التي مررت بها أياً كان نوعها، أنا لا أستطيع أن أحددها، هي التي جعلت تفكيرك المعرفي يقوم على مبدأ أنك ضعيف الشخصية، هذا فكر خاطئ، ويجب أن تلفظه، ويجب أن ترفضه تماماً، أنت لست بضعيف الشخصية، أنت مثلك مثل من هم في عمرك يمر بتغيرات مزاجية؛ تغيرات في التفكير، شعور بالإحباط في بعض المرات، شعور بالفرحة، شعور بالضجر، شعور بالتوتر، شعور بحسن الانتباه وضعفه في بعض الأحيان، وهكذا.

إذاً هذه مرحلة عمرية تحدث فيها مثل هذه المشاعر، لكن دائماً كن واثقاً من نفسك، لا تقل أنك ضعيف الشخصية، وعملية التشاجر، انظر إليها بأنها رد فعل سلبي من جانبك، اعتقادك بأنك ضعيف الشخصية، ربما يكون هو الذي دفعك إلى أن تتشاجر مع الآخرين؛ لتثبت العكس لنفسك، هذا ليس صحيحًا، ليس من مكارم الأخلاق أن يتشاجر شباب المسلمين، ليس من حسن الخلق أبداً.

يجب أن تلوم نفسك في هذا الأمر، وتقودها من خلال التصرفات الأفضل والأسلم في التعامل مع الآخرين، وأنا أنصحك بأن تختار الرفقة الطيبة؛ لأن الرفقة الطيبة سوف تساعدك وتبادلك حسن السلوك، والناس تتعلم من بعضها البعض خاصة في مثل عمرك.

بالنسبة لموضوع المدرسة، اجلس مع والديك، وناقش الأمر، ضع وجهة نظرك أن هذه المدرسة ليست جيدة بالنسبة لك؛ لأن تجربتك السابقة لا تريد أن تتذكرها، أنت الآن في مرحلة تحتاج فيها إلى الاستقرار، أنا متأكد أن والديك سوف يقبلون هذا التوجه من جانبك إذا عرضته بصورة صحيحة.

أيها الفاضل الكريم: أنت محتاج لممارسة الرياضة بكثافة؛ لأن الرياضة سوف تساعدك ِلأن تمتص هذه الطاقات السلبية التي تزعجك، وهذا التوتر والقلق والتشاجر كلها طاقات نفسية سلبية، أمر آخر مهم، دائماً اسعَ لبر والديك، يجب أن تكون محاولتك واضحة وجادة في هذا الأمر، أنا متأكد أنك تسعى لذلك أو أنك تطبق ذلك، لكن أريد منك المزيد؛ لأن ذلك سوف يؤدي إلى استقرار نفسك، وأنصحك، بل آمرك -أيها الابن الكريم-، مثل أبنائي، بأن تؤدي صلاتك في وقتها ومع الجماعة؛ فهي رأس الأمر، وهي عمود الإسلام، وأسأل الله أن يحفظك.

أريدك أيضاً أن تنام مبكراً؛ النوم المبكر يرمم خلايا الدماغ، يعطي الإنسان الدافعية الإيجابية، يقلّل التوتر والقلق، هذا مهم وضروري جداً، وإذا نمت مبكراً، ومارست الرياضة، ونظمت وقتك، وكنت باراً بوالديك، أعتقد أنك لن تمرّ بأي نوع من الكرب أو القلق أو التوتر، هذا هو الذي أنصحك به، وإن كنت ترى أنك بحاجة لطبيب نفسي، ففي البحرين يوجد الأخ الدكتور أحمد الأنصاري، وهو من كبار الأطباء المتخصصين في الطب النفسي لليافعين، يمكن أن تتواصل معه، وتقول له أنك قادم من قبلي، أنا محمد عبد العليم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية عبد العزيز

    الله يوفقكم . شكرا لكم على هذا الموقع

  • رومانيا حمود الاكتابي

    بارك الله فيكم

  • هولندا Dana

    نعم كلام صحيح

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً