الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وظيفة زوجي تحول بيني وبينه.. كيف أتأقلم مع هذا الوضع؟

السؤال

السلام عليكم.

زوجي موظف في منطقة نائية، يغيب أسبوعًا ويرجع 4 أيام، يعمل 12 ساعة بعد الدوام، يأكل وينام، خلال12 ساعة في الدوام تواصلنا جدًا بسيط، وبعد الدوام أوقات بيننا اتصال، وأيام ما نقدر نتواصل بحكم (الشفتات).

علاقتنا جميلة، لكن الدوام يؤثر بشكل كبير على حياتنا، هو مضغوط في الشغل، ونفسيته تعبانة، وأنا نفسيتي تعبانة على وضعي، المشكلة أني أصبر وأصبر، وتأتي أيام أنفجر فيها، دائمًا أحس أني لست عايشة، حياتي ما فيها استقرار، أنا متعبة، أضحك لكن بداخلي شيء يضايقني، لا أعرف كيف أتأقلم؟

أنا أقدر وضع زوجي كثيرًا، لكن تواصلنا ضعيف، دائمًا أحس بالإهمال، وبأن أبسط حقوقي ليست عندي، وأنا أعرف أن هذا الشيء ليس بيده، أحس أني مظلومة، وهو يأتي تعبان نفسيًا، وتبدأ المشاكل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الحور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- فإنه مما لا شك فيه أن الوضع الذي ورد في رسالتك وضع مأساوي خاصة، وأنك مازالت في بداية حياتك الزوجية، وأنك أيضاً مازالت صغيرة، وفي حاجة إلى زوج يمكث معك معظم الوقت حتى تسعدين وتشعرين بحلاوة الحياة الزوجية، خاصة وأن الحياة بينكما -ولله الحمد والمنة- مستقرة وجميلة كما ورد برسالتك إلا أن الذي يعكر الصفو وجود عمل زوجك بعيدا في منطقة نائية مما يتعذر معه هذا التواصل الدائم والمستمر.

وهذا مما لا شك فيه في حد ذاته مشكلة، وأنا أعتقد أن زوجك قد بذل مجهوداً كبيراً حتى يغير هذا الواقع؛ لأنه كما أنك في حاجة إليه، فهو أيضاً في حاجة إليك، بل قد تكون حاجته إليك أشد ،ولكن مما لا شك فيه أن ما دفعه إلى الصبر على هذا الوضع هو استحالة تغيره، ولذا فإني أنصح أيضاً أخانا الزوج أن يجتهد وأن يحاول قدر الاستطاعة في عملية التغيير، أيضاً إذا لم يتيسر ذلك فهل من الممكن مثلاً أن تنتقلي أنت إليه لتكوني في منطقة قريبة منه حتى وإن كان هنا شيء من التضحية؛ لأن الإنسان بهذه الطريقة حقيقة تعتبر الحياة عقوبة، فأنت في حاجة إليه، وهو في حاجة إليك، خاصة وأنكما ما زلتما في سن الشباب، ولكن طبيعة عمله تفرض عليه أن يعيش بعيداً عنك لفترة طويلة، وخاصة ضعف التواصل بينكما خلال فترة وجوده في هذه المنطقة، فأنا أقترح بداية البحث عن عملية نقل إذا أمكن، وأعتقد أنه قد يكون هذا الأمر شغله وحاول فيه وإذا لم يتيسر فما المانع من أن نأخذ قرارًا بالانتقال إلى منطقة قريبة منه حتى يتيسر له أن يأتي إليك يومياً وحتى وإن كانت فترة الدوام طويلة، ولكن وجوده معك في البيت أعتقد أنه سيكون أفضل.

إذا لم يتيسر هذا ولا ذاك فليس حقيقة أمامك إلا الصبر؛ لأنك كما أنك تضحين فإن زوجك يضحي، وكما ذكرت أن تضحية زوجك أكبر؛ لأنه طبعاً مع هذا العمل المرهق يعود وفي أمس الحاجة إلي كلمة طيبة، وإلى يد حانية، وإلى حضن دافئ، فلا يجد أمامه شيء من هذا كله، فيبيت بحالة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى.

والمرأة العاقلة هي التي تحرص إلا تُري زوجها منها إلا خيراً، ولذلك اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم حسن استقبال المرأة لزوجها من علامات المرأة الصالحة أنه إذا نظر إليها زوجها سرته، والسرور هنا ليس معناه أن تكون جميلة، وإنما تكون حسنة الاستقبال؛ لأن الجمال نسبي، وليس كل الناس على قدر من الجمال، فهناك ملايين من النساء يتمتعن بقدر بسيط جداً من الجمال، ولكنهن ناجحات في حياتهن؛ لأنهن يطبقن هذه القاعدة إذا نظر إليها زوجها سرته، أي تحسن استقباله فتحرص على أن تريه دائماً الخير حتى، وإن كان بها بعض الألم، أو بعض المشقة، أو بعض التعب النفسي، أو غيره إلا أنها تحرص أن لا تظهر ذلك لزوجها حتى لا تعكر عليه صفوه ولا تكدر خاطره، خاصة وأنه يأتي بعد فترة من الانقطاع عنها، وهو في حاجة أن يراها كالوردة الحسنة المنظر، طيبة الريح.

أتمنى بارك الله فيك بألا تؤثر هذه الحياة على نفسيتك تجاه زوجك؛ لأنك مع الأسف الشديد قد تعاقبينه، وأنت لا تشعرين تعاقبينه على ذنب لم يرتكبه عندما لا تحسني معاملته، وعندما تقطبي وتعبسي في وجهه، فماذا يفعل؟ وأين يذهب الرجل إذا كان هو يعاني من غربة ومشقة ثم يأتي إلى بيته فلا يجد حسن استقبال؟ فهذا والعياذ بالله تعالى يكون بداية علامات فشل للحياة الزوجية، أما المرأة العاقلة التي تخفي آلمها وتضمد جراحها ولا تخبر زوجها بذلك، وإنما تحسن استقباله وتتزين له وتتبعل له حتى وإن كانت فيها من الآلام ما الله به عليم؛ لأنها تعلم أنه لا عذر له، ولا ذنب فأنا أتمنى أن تلتمسي العذر لزوجك، وأن تحاولي معه في البحث عن حل مناسب كما أشرت إليك في ذلك، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يصلح الله حالكما، وأن يجمع بينكما على خير بعيداً عن مثل هذه المشقة إنه جوداً كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً