الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن تكون علاقتي به رسمية، فهل نكتب عقد النكاح دون علم أهلي.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم

ترددت كثيرًا في الكتابة إليكم، مع العلم بأنني لا أستطيع نقاش أحد بمشكلتي.

منذ أربع سنوات تعرفت على شاب أكبر مني بعشر سنوات على الإنترنت، والتقيته على الواقع، وتطورت علاقتنا كثيرًا، وكان صادقًا، فقد جاء وطلبني من أهلي، والمشكلة أنه لم يلتحق بالخدمة العسكرية، وما زال يدرس، ووضعه المادي محدود، وكان الاتفاق على ذهابه إلى العسكرية، وبعدها يتم الزواج، ولهذا لم نكتب العقد.

تغيرت الظروف في بلدي فبدأت الحرب، وكان هناك خطر على من يلتحق بالعسكرية، وساءت الأحوال، وخسرنا بيوتنا، واضطررنا أنا وأهلي للسفر، وخطيبي لم يستطع بسبب هذه الخدمة، واستمرت علاقتي به، ونحن نتواصل على الإنترنت، ومضت سنة ونصف على هذه الحالة إلى أن التحق مرغمًا بالجيش، والآن مضى على ذهابه سنة، وما زالت الحرب على حالها.

المشكلة أنني وصلت بعلاقتي معه إلى حد كبير وصراحة، وتقرب، وفي داخلنا نية صادقة، لكننا ارتكبنا أغلاطًا كثيرة لا تجوز لنا، ونحن نريد كتابة العقد لنصحح الأغلاط طالما علاقتنا مستمرة، وبنية الزواج -والحمد لله-.

خلال فترة الأربع سنوات طلب خطيبي من أهلي ما يقارب خمس مرات أن يكتبوا العقد، وكانوا في كل مرة يعدونه ثم يؤجلون، وذلك بسبب ظروفه وخوفهم علي، وآخر مرة طلب منهم ووعدوه ثم أجلوا، فحدثت مشكلة وصدام، وأنا في حالة نفسية سيئة إلى حد كبير.

عانيت من مشاكل كثيرة، وما زلت صابرة، لكنني الآن بعد آخر مشكلة مكتئبة جدًا، لا أريد أن أتخلى عن خطيبي، فأنا أحبه وأمام الله أريده زوجًا وهو كذلك، ولا أريد أن أخسر أهلي وأتصرف تصرفًا خاطئًا، كل ما أريده هو الحل المناسب.

فكرنا أن نكتب الكتاب دون علم أحد لنرضي الله، وكأنني خائفة أن أصحح الغلط بغلط أكبر، وأخاف أن أموت وأنا في هذه الأغلاط، وخاصة أنني أتردد على بلدي لأقدم فحصا، وهذا خطر، وأنا خائفة على خطيبي لنفس السبب أيضًا.

أيضا عانيت من مشاكل وضغوطات، ومشكلتي أنني أصمت ولا أواجه، ولا أستطيع فرض رأيي، ومللت النقاش والكلام، وليس لي أحد أستطيع الكلام معه لينصحني، وأشعر بأنني ضعيفة وغبية، لا أحسن معالجة الأمور، وزادت تلك الحالة منذ شهرين مع بداية المشكلة التي تحدثت عنها بين أهلي وخطيبي، أصبحت تغضبني أتفه الأسباب فأصاب برجفة وتشنج، ومنذ فترة أعاني من إمساك حاد واستخدمت: Duphalac، ولدي تسرع في دقات القلب عند الحركة المفاجئة؛ حيث أشعر بتعب في قلبي.

مع العلم أنني لا أعاني من فقر دم، وأيضا تشنج في وجهي، خاصة عند الفكين، ومنذ سنة ونصف تساقط شعري بشكل مخيف وأصبحت أظافري تتكسر بسرعة، لا أعلم إن كانت هذه الأمور نفسية، وأنا لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي في هذا البلد، وليس لدي أحد هنا، ولا أستطيع العمل، أو الذهاب لأي مكان لأغير نفسيتي.

دراستي في بلدي فأنا جامعية، وأسافر وقت الفحص، ثم أعود بصعوبة، أمي لا تستطيع العودة إلى بلدنا، وخطيبي لا يستطيع السفر إلى هنا.

تعبت وأريد حلا لمشكلتي، ولو كانت نصيحة، وأريد أن أغير نفسيتي المنعزلة، ربما لم أحسن ترتيب أفكاري، أو انتقاء كلماتي لأصف ما أشعر به تمامًا، وأعتذر على طول الكلام، لكني أرجوكم أنا بحاجة لنصيحة، وكيف لي أن أتخذ موقفًا يريحني؟

جزاكم الله كل الخير والتوفيق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Tasnim حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونسأل الله أن يزيل الحروب، وأن يُوقف المآسي عن ديار المسلمين، وأن يجمع بينك وبين هذا الشاب الذي طرق بابكم وقابل أهلك، وجاء بطريقة رسمية، وأن يُكمل هذا المشوار بينكم على ما يُحبه ويرضاه.

ولكننا نحب أن نؤكد لك وله بأن المسألة تحتاج إلى أن تتوقفوا وتتأملوا، وتكتفوا بالدعاء لبعضكم، حتى لا يتسع ويمضي هذا التيّار العاطفي بينكما، فهذه علاقة ليس لها غطاء شرعي، ونحب أن نؤكد لك أن الناس في حال الأزمات بحاجة إلى الرجوع إلى الله، بحاجة إلى تطبيق أحكام هذا الدين العظيم، ونؤكد لك أن الطمأنينة والسعادة والخير يمكن أن يعود إليك إذا أصلحت ما بينك وبين الله وشغلت نفسك بالتسبيح والذكر لله تبارك وتعالى، وإذا لم نرجع إلى الله في أيام الأزمات فمتى سيكون الرجوع إلى الله؟ خاصة والعظيم يبتلي الأمم بهذا {فأخذناهم بالبأساء والضراء} لماذا يا رب؟ {لعلهم يضَّرعون} لعلهم يرفعوا أكفَّ الضراعة واللجوء إلى الله.

نحن نعيش جراح إخواننا، ويشهد الله أننا نشعر بآلامهم، لكننا وأهلنا في كل بلد فيها أزمات بحاجة إلى أن نرجع إلى الله، بحاجة إلى أن نصحح علاقتنا بالله تبارك وتعالى، بحاجة إلى أن نتجنب كل المعاصي؛ لأنه ما من معصية إلا ولها شؤمها وآثارها الخطيرة والمدمِّرة.

فأنت -ولله الحمد- وهذا الشاب الذي بدأ بهذه الطريقة عليكم أن تحسنوا ما بينكم وبين الله، وأرجو أن تؤخروا بعض التواصل والذي يحدث بينكم – وخاصة هذه المخالفات – التي لا تزيد الأمور إلا تعقيدًا؛ لأن ما عند الله من التوفيق والخير لا يُنال إلا بطاعته، وأعتقد أنك سوف تستمتعين بإجابة الدكتور النفسي المختص (الدكتور محمد) نسأل الله أن ينفع به البلاد والعباد، ولكننا جميعًا نؤكد على ضرورة أن نعود إلى الله، وأن نحتكم في كل صغيرٍ وكبيرٍ من أمرنا إلى هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، فإن هذا هو السبيل لبلوغ العافية، وهذا هو السبيل للخروج من كل الأزمات ومن كل المشكلات التي يمكن أن تواجه الإنسان.

لا تحمّلي الأمور فوق طاقتها، لا تفكري، ولا تحاولي عبور الجسر قبل الوصول إليه، لا تبكي على اللبن المسكوب فإنه لن يعود، ولكن رددي بيقين المؤمنات: (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له).

ورددي كذلك – ولا ترجعي إلى الوراء ولكن -: (قدر الله وما شاء فعل)، فإن لو تفتح عمل الشيطان، وتعوذي بالله من شيطانٍ يريد أن يشوش عليك ويُدخل عليك الأحزان، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر، وإذا أذنب استغفر.

ووصيتي لك: بالإقبال على الله والإقبال على كتابه، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين هذا الشاب على الخير، وبالحلال، هو ولي ذلك والقادر عليه.

*****************
انتهت إجابة د. أحمد الفرجابي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان:
*****************

فيما يخص أحوالك النفسية العامة، وما يأتيك من شعورٍ بالملل، وما تواجهينه من عدم القدرة على التكيف والتواؤم مع الآخرين في المواقف الاجتماعية، وما تعانيه أيضًا من تسارع في ضربات القلب عند الحركة المفاجئة، وكذلك مشكلة الأظافر، والانقباضات العضلية التي تأتيك في وجهك: أعتقد أن هذا كله مرده إلى القلق النفسي، وحالة عدم الارتياح التي تعانين منها من حيث وضعك النفسي.

أنا أفضل وأستحسن أن تقابلي طبيبة لتُجري لك الفحوصات العامة للتأكد من نسبة الدم لديك، بالرغم من أنك ذكرت أنك لا تعانين من فقر في الدم، لكن التأكد عن طريق المختبر دائمًا أفضل، كذلك تحديد وظائف الغدة الدرقية مهم جدًّا؛ لأن وجود الإمساك الحاد في مثل عمرك ربما يكون أحد أسبابه مشكلة في الغدة الدرقية، وكذلك تسارع ضربات القلب يمكن أن يكون أحد أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية.

عمومًا إجراء الفحوصات العامة دائمًا يطمئن الإنسان، وإن كان لذلك وسيلة وإمكانية فأرجو أن تقومي به.

الأمر الثاني: إذا تمكنت من الحصول على دواء بسيط يقلل من توترك وقلقك وانفعالاتك، هذا سوف يكون أمرًا طيبًا، ومن أحسن الأدوية التي يمكن أن تتناوليها عقار (تفرانيل)، والذي يعرف علميًا باسم (إمبرامين) دواء سهل الحصول عليه، وغير مكلف، وبسيط جدًّا، وهو من مضادات الاكتئاب لكن الجرعة التي سوف أصفها لك هي جرعة للقلق، وسوف تريحك -إن شاء الله تعالى-.

تناوليه بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها حبة واحدة (خمسة وعشرين مليجرامًا) يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أيتها الفاضلة الكريمة: السعي نحو التفاؤل والعيش بشيء من راحة البال والاسترخاء، وأن تكثري من الاستغفار، وتتوكلي على الله، هذا يساعدك كثيرًا للخروج مما أنت فيه من ضغوطات نفسية سببت لك ما تعانين منه من أعراض نفسوجسدية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر العاشقة

    اسال الله ان يعجل لكي الذي فيه الخير

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً